الحلي الفضية التقليدية
إبداع يترجم الفخر بالهوية
- 2813
تعد الحلي الفضية التقليدية إحدى الموروثات الحضارية العتيقة التي تشكّل فخرا للجزائريين، لاسيما أننا نحوز على تشكيلة فسيفسائية من تلك القطع الجميلة التي يعكس كل موديل منها ثقافة معينة، خصوصا الأمازيغية التي تختلف باختلاف المناطق بين أمازيغ القبائل، الشاوية، الطوارق، ”الشناوة” وهم أمازيغ جبل شنوة غرب البلاد، بربر الأطلس البليدي بالعاصمة، بني مزاب، زناتة، وشلوح تلمسان، إذ تحمل تلك الحلي ألوانا ورموزا تعكس الثقافة المحلية لكل منطقة.
تعكس الحرف التقليدية الحضارة القديمة لبلد معين، ومن خلالها يحاول روادها حماية الموروثات الثقافية لبلدهم، وإعطاء صورة عما كان يعيش عليه الأجداد قديما، ويروي لنا جانبا من تاريخ لم تبق منه إلا آثار كدلالة على مرور حضارة عليها.
حول هذا الموضوع حدثتنا الحرفية المختصة في صناعة الحلي التقليدي الأمازيغي، سامية أوكالي، ابنة عائلة مختصة في الصياغة أبا عن جد، قائلة ”الحلي التقليدية جانب مهم من الموروث الثقافي الجزائري، فلكل منطقة من البلد خاصياتها في هذه الحرف، التي تعتمد أساسا على المعادن الثمينة من ذهب وفضة، وهو ما يوضح مدى عراقة تلك الحضارة وغناها”. أبرزت المتحدثة التي كان لنا لقاء معها، على هامش إطلاق فعاليات الأسبوع الثقافي الأمازيغي مؤخرا، الدور الكبير الذي كان للقطع الفضية في الثقافة الأمازيغية، مشيرة إلى أن في زمن مضى، كان ارتداء الحلي الفضية يرمز إلى الخصوبة، الجمال ورقة المرأة الأمازيغية، التي لم تكن تتخلى عن تلك الأكسسوارات الجميلة التي تحمل عدة معاني. يختلف حلي منطقة الأوراس عن مناطق القبائل أو الشاوية أو غيرهم من الأمازيغ في الشكل والألوان، يتطلب صناعة بعضها الفضة فقط ومينا سوداء، في حين يدخل في مناطق أخرى، المرجان والمينا على الألوان التالية؛ الأزرق، الأخضر، الأحمر والأصفر، حيث تتطلب صناعة كل منها الكثير من الدقة والمهارة، وهي معايير أساسية، حتى يصنع الحرفي بأنامله جواهر دقيقة التصميم بخطوط فضة متشابكة مزينة بأشكال وأحجار جميلة. أعطت المتحدثة بعض أوجه الاختلاف بين حلي الطوارق والحلي القبائلية قائلة ”إن الطوارق مثلا، يعكسون في حليهم أنواعا عديدة من الصليب الصحراوي الذي يرمز كل واحد منهم إلى قبيلة معينة، ويختلف باختلاف البيئة التي يعيشون فيها.
في هذا الخصوص، قالت إن المتمكن في قراءة الرموز والألوان التي تحملها المجوهرات الفضية، يمكن له تحليل نوع البيئة التي كان يعيش فيها سكان تلك المنطقة، من خلال ما يعكسه في الحلي، كالتراب، الماء، السماء واخضرار النباتات والأشجار، وهي البيئة التي يعتمد عليها الفرد للعيش، فضلا على الرموز الأخرى التي تحملها أشكال الصياغة، كالصليب الذي يرمز إلى أنواع الأسلحة التي يحملها أصحاب المنطقة للدفاع عن قبائلهم منذ القدم.
وعن بعض أسامي قطع الحلي الأمازيغية في منطقة القبائل، ذكرت الحرفية عدة أنواع حسب استعمالاتها، فهناك أساور ”دداح او امشلوخ” و«اخلخالن” و«ابروش” و«ادويرن” و«تحراحت، بالإضافة إلى هذه المجوهرات نجد ”ثيمنقوشيت” أو ”ثالوكين”، وهي أقراط لا يمكن الاستغناء عنها، فضلا على ”لتراك”، وهي بمثابة خاتم بيضوي يزينه في أطرافه المرجان، ولكل قطعة ـ تضيف المتحدثة ـ دلالة اجتماعية، كالخلخال الذي كان تلبسه العروس الجديدة، ويهدفون من خلال ذلك، إلى تثبيت أقدام العروس بخطوات أنيقة، نظرا لثقل أكسيسوار الخلخال.
اعتمدت سامية أوكالي في أعمالها على الأسلوب الحديث، حيث عرضت موديلات أصلية قديمة كانت تتميز بكبر الحجم وثقلها، لتصنع نسخا مصغرة لتلك الموديلات، تتماشى والحياة اليومية للمرأة العملية التي تبحث عن جمال تلك القطع دون أن تخصصها للمناسبات الكبيرة، كالأعراس ويناير أو بعض الأعياد الأخرى التي تكون مناسبة لارتداء الزي التقليدي الأمازيغي.