مسؤول المتاحف والمواقع الأثرية بتبسة لـ"المساء":
تصنيف 27 موقعا أثريا من بين 2000
- 6595
تعتبر ولاية تبسة من أهم المناطق الأثرية الزاخرة في الجزائر، حيث تضم عددا هاما من المواقع الأثرية، منها المصنفة وطنيا وعالميا ومنها غير المصنفة تماما، ومن أهم تلك المواقع، يوجد المسرح الروماني، الكنيسة المسيحية، السور البيزنطي، معبد مينارف، قوس النصر كاراكلا، معصرة برزقان، قصور نقرين ببلدية نقرين، منطقة قسطل ببلدية عين الزرقاء وغيرها الكثير. كما تبقى تيفاست قطبا سياحيا واعدا. التقت "المساء" بالسيد لطفي عز الدين، مسؤول المتاحف والمواقع الأثرية بولاية تبسة، للحديث عن هذا التراث العريق وتفعيله ثقافيا وسياحيا.
❊ تعرف تبسة بغناها بالمعالم الأثرية، فهل هي متنوعة من حيث حقبها التاريخية؟
❊❊ تبسة من أهم الولايات التي تزخر بموروث تاريخي أثري ضخم، يبرز تعاقب الحضارات على هذه المنطقة الحدودية الغنية بالتراث الثقافي المتنوع، العاكس لمختلف الحقب التاريخية، ابتداء من فترة ما قبل التاريخ إلى الفترة الإسلامية.
❊ ما هي المواقع التي تم تصنيفها؟
❊❊ تضم ولاية تبسة عددا كبيرا من المعالم والمواقع الأثرية التي يفوق عددها 2000 موقع أثري، بل وأكثر، موزعة عبر تراب بلديات تبسة وعددها 28 بلدية، مما يبيّن أهمية هذه الولاية التاريخية. من بين هذه المواقع كثيرة العدد، 27 موقعا أثريا فقط مصنفا ضمن التراث الوطني، ومنها المصنفة عالميا، ويتواجد أغلب المواقع المصنفة بمدينة تبسة، أي بعدد 10 مواقع.
❊ كيف يتم الحفاظ على هذا التراث والاهتمام به؟
❊❊ يشرف على تسيير والحفاظ على هذه المواقع والمعالم الأثرية في ولاية تبسة، الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية، وتتمثل في فرعها "إدارة المتاحف والمواقع الأثرية لولاية تبسة"، حيث تقوم وتسهر على تسيير، حماية، حفظ وجرد هذا الموروث الثقافي المتنوع من مقتنيات عقارية وأثرية منقولة، أما ما هو عقاري ومتواجد بمدينة تبسة، فإن الإدارة تقوم وفقا للبرنامج المسطر المصادق عليه من قبل المدير العام للديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية، بإشراف والي تبسة، بعمليات الصيانة والحفظ والجرد. وعن عمليات الصيانة الوقائية، فإن دائرة الممتلكات الثقافية المحمية لولاية تبسة سطرت برنامجا هاما يضم عمليات تحسيسية وتوعوية أسبوعية، منها عمليات على شكل نشاطات يومية، تم فيها تخصيص مجموعة من الفرق التي تضم عمالا متعددي الخدمات يقومون بعمليات الصيانة في جميع المواقع المتواجدة في الولاية، خاصة معلم قوس النصر كاراكلا والسور البيزنطي ولابازيليك التي تعتبر من أكبر وأهم المواقع الأثرية في شمال إفريقيا، والتي تخضع بصفة يومية لعمليات نظافة وصيانة، خاصة أنها خضعت لعملية تهيئة، مما جعلها تستقطب عددا هاما ومعتبرا من المواطنين والعائلات والطلبة والزوار الأجانب الذين يرغبون في الاطلاع على هذا الموروث الأثري.
❊ ماهي أهم المواقع التي يكثر إقبال السياح عليها؟
❊❊ بداية، أشير إلى أنه في السنوات الماضية، كانت هذه المواقع الأثرية مهمشة ولا تلقى أي اهتمام، لكن منذ مجيئنا على رأس إدارة المتاحف والمواقع الأثرية بتبسة، وتنفيذا لتعليمات الوصاية، أعددنا برنامجا هاما، يتمثل في إعادة الاعتبار لكل موروث ثقافي أو معلم تاريخي بالولاية، وتهيئته ليكون دليلا سياحيا، ويعرّف بعمق حضارة المنطقة وهويتها، ويستقطب الزوار سواء المحليين أو الأجانب، وقد تم ذلك بالفعل، حيث لقيت كافة المعالم الأثرية والتاريخية اهتماما كبيرا وخضعت لعمليات التثمين والتهيئة، وأصبحت تلقى ما تستحقه من رعاية واهتمام، وتستقطب زوارا محليين وأجانب بصفة مستمرة، حيث سجلنا خلال هذه السنة، 131 سائحا أجنبيا زاروا مواقع تبسة الأثرية، بالتنسيق مع الوكالات السياحية من دول بولونيا، الصين، إيطاليا، أوكرانيا، تونس، مصر والعراق ....إلخ، ومن أهم المواقع الأثرية التي تستقطب السياح الجزائريين والأجانب، السور البيزنطي الذي يخضع يوميا لعمليات نظافة وصيانة من المخلفات التي يتركها الزوار على طول يبلغ ثلاثة كيلومترات، بأبوابه الأربعة، إلى جانب قوس النصر كاركلا، باعتباره معلما أثريا تاريخيا يلقى اهتماما وطنيا وعالميا، وهو مادة للبحث عند الأثريين، وعنوان بارز لمدينة تبسة، وفي أغلب الأحيان يكون واجهة لمختلف اللافتات الإشهارية. هناك أيضا موقع لابازيليك الهام الذي تبلغ مساحته 200 هكتار، ويضم قاعات للعبادة ومدرجا كبيرا، إلى جانب الحديقة الأثرية، والممشى الكبير وغيرها، ويتم تسييره وفق مخطط حفظ وصيانة معد من قبل قطاعنا، يشرف عليه مختص في علم الآثار، ونخصص له فرقا من العمال متعددي الخدمات لصيانته وتهيئته بصفة مستمرة، بالنظر إلى ما يحتضنه من زوار أجانب ومحليين وطلبة وعائلات بشكل يومي.
❊ ماذا عن المشاريع المنجزة والمبرمجة مستقبلا؟
❊❊ من المشاريع المبرمجة، نجد مشروع دراسة تهيئة بالكامل عن طريق مديرية الثقافة لموقع لابازيليك، علما أنه مجمد حاليا. كما سجل الديوان المشرف على تسيير هذه المواقع، مشروعا استعجاليا خاصا لإنجاز قاعة استقبال على مستوى موقع لابازيليك، لاحتضان العدد المتزايد من الزوار، مع فتح باب من الجهة الخلفية، ليتمكن الزوار والطلبة والباحثون من المرور داخل الموقع وإجراء بحوثهم وتربصاتهم التكوينية المتعلقة بعلم الآثار.
هناك أيضا مشروع تم من خلاله تجهيز متحفي مينارف وتيفاست بكاميرات مراقبة ودعمها بأعوان أمن وعمال متعددي الخدمات، كما سيفتح متحف تيفاست أبوابه أمام الزائرين في بداية سنة 2019، بعد الانتهاء من عملية تهيئته وصيانته وتزويده بالكاميرات ليكون قطبا سياحيا، إلى جانب مشروع إنجاز دراسة لتهيئة الحديقة الأثرية من خلال إعادة هيكلة كل التحف المتواجدة على مستوى هذه الحديقة بطريقة نظامية، وإنجاز ممرات خاصة بالزوار، وإنجاز غطاء للوحات الفسيفسائية المعروضة في الهواء الطلق، وإعادة ترميمها لتبقى محافظة على نمطها القديم، مع إعداد ملف لمشروع إنجاز حفرية في الموقع الأثري بالمسرح المدرج، يقدم للمدير العام للديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية للمصادقة عليه، وسيتم التنسيق مع إحدى الجامعات المختصة في علم الآثار لإنجاز هذه الحفرية مستقبلا.
كما نسعى إلى تصنيف موقعين أثريين آخرين، حيث يتم إعداد ملف لتصنيف الموقع الأثري الهام قصور نقرين ببلدية نقرين (197 كلم جنوب تبسة)، بالتنسيق مع جمعية الديوان المحلي للسياحة بنقرين، وكذلك الحال بالنسبة للموقع الأثري قسطل التابع لبلدية عين الزرقاء دائرة الونزة.
❊ كيف يتم التعريف بآثار وكنوز تبسة الأثرية؟
❊❊ هناك نشاطات عديدة نقوم من خلالها بالتعريف بما تزخر به ولاية تبسة من أثار ومواقع أثرية هامة، حيث تقوم إدارتنا بإحياء النشاطات الثقافية على مدار السنة، من بينها إحياء شهر التراث بالتنسيق مع الجمعيات الفاعلة مع مختلف ولايات الشرق. كما تم أيضا تنظيم ورشة خاصة بالتنمية السياحية المستدامة على مستوى المؤتمر الدولي المقام بالقاعة متعددة الرياضات، إضافة إلى تنظيم رحلات وزيارات بالتنسيق مع مديرية التربية، لفائدة التلاميذ المتمدرسين، تحت إشرافنا ومشاركة الوكالات السياحية، تبرمج كل يوم سبت بمعدل 30 تلميذا من مختلف بلديات الولاية، زيارة المواقع الأثرية بالولاية، بهدف تعريف التلاميذ بالآثار وتوعيتهم بالمحافظة عليها. كما أن لقطاع التكوين المهني نصيب من نشاطاتنا، حيث تم مؤخرا، إدراج تخصص جديد يتمثل في صيانة الآثار والمواقع الأثرية في برنامج الدراسة، ومرافقة المتربصين في خرجات علمية تحت إشرافنا. كما يتم تأطير طلبة أقسام الليسانس والماجستير لإنجاز دراسات ومذكرات تخرّج، تتعلق مواضيعها بحماية الممتلكات الأثرية، من بيهم أربعة طلبة من جامعة الجزائر، 28 طالبا من جامعة تبسة، 32 طالبا من جامعة قالمة، من جامعة أم البواقي 16 طالبا ومن جامعة بجاية طالب واحد. يدخل هذا الإجراء في إطار اتفاقيات ممضاة بين الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية وبعض الجامعات، منها الاتفاقية التي أبرمت سنة 2017 مع جامعة "الشيخ العربي التبسي"، ناهيك عن استغلال الوسائل الإلكترونية والتواصل الاجتماعي للترويج وإنجاز صفحات تبرز أهمية هذا الموروث الثقافي الذي تزخر به ولاية تبسة الحدودية للجمهور والباحثين، فضلا عن إنجاز مطويات وكتيبات وقصاصات حول الآثار.
❊ ماذا عن الجمعيات المهتمة بمجال الآثار؟
❊❊ هناك تقصير من الجمعيات المهتمة، أو التي لها علاقة بمجال الآثار، لكن في المقابل هناك جمعيات أخرى تعمل في المجال، وتسعى إلى إبراز الموروث الثقافي في الولاية، وفقا لمخطط سياحي مهيأ، ومن الجمعيات الناشطة، جمعية "الديوان المحلي للسياحة" بنقرين، التي سعت إلى التنسيق معنا لتصنيف الموقع الأثري بنقرين، وجمعية "مينارف" التي ترمي إلى تصنيف الموقع الأثري قسطل.
❊ هل من كلمة أخيرة؟
❊❊ أوجه دعوة للمواطنين من أجل الحفاظ على هذا الإرث الحضاري، الذي تسعى إدارة المتاحف والمواقع الأثرية لولاية تبسة جاهدة، بدعم من الوالي ورئيس البلدية، من أجل العمل على الحفاظ عليه والاهتمام به وبالتراث الثقافي الذي تزخر به هذه الولاية الحدودية التي تعتبر بوابة الشرق الجزائري، ومن ثمة تعتبر نظافة وحماية المواقع الأثرية من أهم النقاط في برنامج الصيانة الوقائية، وهو شغلها الشاغل لإعطاء صورة تليق بقيمتها التاريخية والثقافية، وتكون ولاية تبسة قطبا سياحيا بامتياز.