المركز الثقافي الإسلامي يحسّس بخطورة المخدرات
التوعية والتبليغ والمرافقة لمحاربة الظاهرة
- 1243
دعا المشاركون في أشغال اليوم التحسيسي حول آفة المخدرات الذي بادر بتنظيمه المركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة تفعيلا للمخطط الذي سطرته وزارة الشؤون الدينية والأوقاف للمساهمة في محاربة آفة المخدرات وحمل شعار ”معا ضد المخدرات”، دعا إلى التحلي بثقافة التبليغ وضرورة تقرب الأولياء أكثر فأكثر من أبنائهم؛ في محاولة لتقوية قنوات التواصل خاصة في مرحلة المراهقة، حيث يرتكبون بعض الأخطاء تكون نتيجتها الانحراف والإدمان.
وصف رئيس المنظمة الوطنية لرعاية الشباب عبد الكريم عبيدات، في بداية مداخلته، المخدرات بالآفة المرعبة التي أصبحت تمسّ النخبة بعدما كانت تستهدف فقط الفئات الهشة، الأمر الذي رفع، حسبه، معدل المدمنين في الجزائر وفق ما تشير إليه آخر الإحصائيات، التي تفيد بتسجيل مليون مدمن عبر كامل التراب الوطني تتراوح أعمارهم بين 15 و40 سنة (إناثا وذكورا)، حيث تمثل نسبة الإناث 3 بالمائة، مما يتطلّب بذل المزيد من الجهد في مجال التوعية؛ يقول: ”هو العمل الذي تقوم به الجمعية من خلال مخططها لمحاربة الظاهرة، والذي بدأت ثماره تظهر من خلال الإقبال الذي تعرفه الجمعية؛ من مدمنين يرغبون في العلاج على مستوى المراكز المتنقلة التي تم إطلاقها منذ سنة، والتي تقدّم خلال خرجاتها الميدانية في الشوارع والأحياء وفي المؤسسات التربوية، نوعين من الخدمات؛ النفسية وخدمة الإصغاء التي يؤطرها 50 طبيبا وأخصائيا نفسانيا واجتماعيا، حيث قُدّر عدد الخرجات منذ إطلاق الخدمة، بـ 355 خرجة ميدانية”.
وعلى صعيد آخر، أوضح المحاضر أن التجربة الميدانية في التعامل مع المدمنين، جعلتهم يبحثون عن وسائل تحسيسية جديدة، من شأنها إيصال الرسالة التوعوية إلى أكبر شريحة ممكنة، وهذا لايتحقق، حسبه، إلا بالاستنجاد بالمساجد.
وبالمناسبة، أشار عبيدات إلى أن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف قدمت تسهيلات لإنجاح العمل التحسيسي؛ من خلال السماح بتقديم دروس بعد خطب الجمعة، للفت انتباه المصلين إلى خطورة هذه الآفة وكيفية التبليغ عنها، وأهمية العلاج للتعافي منها، كاشفا عن تنشيط أكثر من 105 دروس على مستوى عدد من مساجد العاصمة.
العلاج والمرافقة أهم انشغال
أهم انشغال يُطرح، حسب المحاضر، ليس الإدمان في حد ذاته، وإنّما العلاج، والمرافقة التي تتطلب وجود مراكز قائمة بذاتها، وهو ما نفتقر إليه، حيث هناك 25 مركزا في المؤسسات الاستشفائية، غير أننا لا نجد مراكز قائمة بذاتها، الأمر الذي جعل عددا كبيرا من المدمنين يرفضون الالتحاق بالمؤسسات الاستشفائية للعلاج، وهو ما دفع بالجمعية إلى التفكير في إنشاء ثاني مركز لعلاج المدمنين مستقل بذاته، يُنتظر أن يُفتتح في الأيام القليلة القادمة بغابة بوشاوي بالعاصمة، وهو مزوّد بطاقم طبي وأجهزة متطوّرة جدا، مشيرا إلى أن المركز يتكفل بمرافقة المدمنين الذين يعانون من إدمان خفيف؛ كالإدمان على الأقراص المهلوسة، في حين تحتاج المخدرات الثقيلة مثل الهيروين، إلى علاج مكثف، يتطلب الاستشفاء، موضحا في السياق، أن المركز مزوَّد بجهاز للكشف، يعطي صورة واضحة إن كان حقيقة المقبل على العلاج لديه رغبة في التعافي؛ كونه يكشف إن كان حقيقة يستجيب للعلاج بالابتعاد عن الأقراص المخدرة أم أنه يغش في العلاج.
وتُعدّ مراكز العلاج، حسب المحاضر، أهم وسيلة لمرافقة المدمنين وتحفيزهم على التعافي؛ لهذا يؤكد ”من الضروري إنشاء مراكز أخرى عبر مختلف ربوع الوطن، بعدما أصبح الشباب يقبلون على ابتلاع أيّ شيء في سبيل بلوغ النشوة”، ولعل آخرها تجفيف عظم حبة التمر وتفتيتها، ومن ثمة يتم تبليلها بالمسكن الذي يستخدمه طبيب الأسنان لتصبح جاهزة للتعاطي، والتي تكون نتائجها قتل خليتي التركيز والتفكير، وتقود إلى الإصابة بسرطان الدماغ، داعيا، بالمناسبة، الأولياء اليوم أكثر من أيّ وقت مضى بعد التفشي الكبير للأقراص المهلوسة، للاهتمام بأبنائهم ومصاحبتهم.
مراكز مكافحة الإدمان مقصّرة
أوضح الجيلالي بداني، قائد فرقة حماية الأحداث بالدرك الوطني عند تدخّله، أن النشاطات التحسيسية التي يقومون بها بصورة دورية للتعريف بخطورة المخدرات وكيفية الوقاية منها على مستوى المؤسسات التربوية، رفعت مستوى الوعي، وهو ما يعكسه، حسبه، تردّد بعض المتمدرسين للتبليغ عن بعض الحالات المدمنة؛ سواء من زملائهم أو حتى من بعض أفراد أسرهم؛ يقول: ”هو مؤشر إيجابي؛ الأمر الذي يدعونا في كل مرة، إلى التأكيد على التحلي بثقافة التبليغ من أجل التدخل للتوجيه والحماية، والتعرف على الوسائل المتاحة للتبليغ كالأرقام الخضراء”. وأعاب، على صعيد آخر، المحاضر الأنشطة التحسيسية التي تقوم بها بعض المؤسسات وحركات المجتمع المدني التي وصفها بغير المحترفة، كونها تبادر بتنظيم بعض الحملات التحسيسية بصورة عشوائية، وهي لا تعرف حتى ماهية المخدرات أو أنواعها وكيفية التعامل مع المدمن، الأمر الذي يجعل نشاطها من دون فائدة ولا يأتي بالنتائج المرجوة، داعيا بالمناسبة كل المهتمين بمحاربة الآفات الاجتماعية، إلى التنسيق مع الجهات الأمنية لتكون الرسالة التحسيسية هادفة، خاصة إن كان الأمر يتعلّق بتحسيس الأطفال، الذين يتطلب الحديث معهم نوعا من الاحترافية.
وبلغة الأرقام، أكد ممثل الدرك الوطني تسجيل على مستوى مصالحه خلال الحملات التحسيسية، 15 حالة إدمان في 2019، الأغلبية قصّر من بينهم ثلاث بنات، موضّحا بالمناسبة أن أهم عائق يواجه الفرقة خلال عملها في محاربة الآفة، هو الاستمرارية في عملية التكفل؛ يقول: ”المدمن عندما يتقرب من مصالح الدرك الوطني ويعلن عن رغبته في العلاج، يجري توجيهه إلى المراكز المتخصصة، غير أنها، للأسف، لا تقوم بالدور المنوط بها على أكمل وجه، بدليل أن بعض المدنين لغياب الاهتمام من المراكز، يتصلون بفرقة الدرك الوطني طلبا للمساعدة”؛ لهذا يؤكد: ”حبذا لو أن هذه المراكز تأخذ على عاتقها مهمة التكفل الفعلي بالمدمنين، وحث أسرهم على تقديم الدعم لهم لإنجاح العملية”.