الرئيس بوتفليقة مؤكدا أن الجزائر مقبلة على تغيير نظام حكمها:

الندوة الوطنية ستحدث القفزة النوعية

الندوة الوطنية ستحدث القفزة النوعية
  • 464
م. خ م. خ

أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، أن الجزائر مقبلة على تغيير نظام حكمها وتجديد منهجها السياسي  والاقتصادي والاجتماعي على يد الندوة الوطنية الجامعة التي ستعقد في القريب العاجل بمشاركة جميع أطياف الشعب الجزائري»، والتي «ستتخذ القرارات الحاسمة الكفيلة بإحداث القفزة النوعية التي يطالب بها شعبنا»، فيما أشار إلى أن «أمن البلاد واستقرارها في حاجة كذلك إلى شعب يرقى إلى مستوى تطلعاته الاقتصادية والاجتماعية  والثقافية».

وجدد رئيس الجمهورية، في رسالة بمناسبة إحياء ذكرى عيد النّصر المصادف لـ19 مارس من كل سنة، التعهدات التي قطعها أمام الشعب الجزائري، من خلال الاستماع إلى الانشغالات السياسية التي رفعها المتظاهرون، حيث أبرز في هذا الصدد الصيغ المناسبة لإيجاد الحلول المناسبة عبر تنظيم ندوة تبقى «مهمتها حساسة لأنها هي التي ستتخذ القرارات الحاسمة الكفيلة بإحداث القفزة النوعية التي يطالب بها شعبنا وخاصة أجيالنا الشابة».

كما طمأن رئيس الدولة المواطنين في هذا الصدد بالقول إن هذه القفزة «ستتجسد من خلال تعديل دستوري شامل وعميق سيبت فيه الشعب عن طريق الاستفتاء، تعديلا يكون منطلقا لمسار انتخابي جديد مبتداه الانتخاب الرئاسي الذي سيأتي للبلاد برئيسها الجديد».

وأعطى رئيس الجمهورية، بعض ملامح المهمة الجديدة للندوة التي ستعكف على رسم معالم مستقبل البلاد، كونها «ستتداول بكل حرية حول المستقبل الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، مستقبل مثقل بالتحديات في هذا المجال، مستقبل في حاجة حقا إلى إجماع وطني حول الأهداف والحلول لبلوغ تنمية اقتصادية قوية وتنافسية، تنمية تضمن الاستمرار في نمطنا الاجتماعي المبني على العدالة والتضامن».

كما عبّر القاضي الأول في البلاد، عن تطلعه لأن يسهم النّهج «في تحرر الجزائر من التبعية للمحروقات ومن تذبذب السوق العالمية لهذه الثروة»، مؤكدا أن «تعزيز بلادنا اقتصاديا واجتماعيا سيجعلها تقوى أكثر فأكثر على الحفاظ على سلامة  ترابها وأمنها في محيط مباشر ملتهب، وفي عالم مثقل بمخاطر الأزمات متعددة الأشكال».

وخصص رئيس الجمهورية، في رسالته حيزا للجانب الأمني  باعتباره أبرز التحديات التي تواجهها البلاد في ظل حالة اللااستقرار التي تعيشها بعض دول الجوار قائلا «صحيح أن للجزائر جيشا يتميز بالاحترافية العالية وبروح التضحيات المثالية، إلا أن أمن البلاد واستقرارها في حاجة كذلك إلى شعب يرقى إلى مستوى تطلعاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويحرص على استجماع ما يسند به ويعزز ما يبذله جيشنا حاليا في سبيل حماية الجزائر من المخاطر الخارجية، لكي يتمتع هو بالعيش في كنف الاستقرار والسكينة».

وأكد رئيس الدولة أن «ذلكم هو المستقبل الذي يكون، بعون الله أفضل عرفان تقدمه بلادنا لشهدائها الأمجاد ولمجاهديها الأشاوس»، وأن «تلكم هي كذلك الغاية التي عاهدتكم أن أكرّس لها آخر ما أختم به مساري الرئاسي إلى جانبكم وفي خدمتكم، لكي تشهد الجزائر عما قريب نقلة سلسة في تنظيمها وتسليم زمام قيادتها إلى جيل جديد لكي تستمر مسيرتنا الوطنية نحو المزيد من التقدم والرقي في ظل السيادة والحرية».


النّص الكامل لرسالة رئيس الجمهورية في ذكرى عيد النّصر

وجه رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، رسالة إلى الشعب الجزائري بمناسبة إحياء ذكرى عيد النّصر الموافق لـ19 مارس، فيما يلي نصها الكامل: 

«بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الـمرسلين

وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين

أيتها السيدات الفضليات،

أيها السادة الأفاضـل،

نحتفي اليوم بعيد النّصر، عيد أطلق عليه شعبنا تسمية هو حقيق بها إذ كان يوم 19 مارس 1962 يوم انتصارنا، حسا ومعنى، على الاستعمار حين أذعن واعترف بحقنا  الشرعي في الاستقلال و السيادة.

لقد كان هذا الانتصار تتويجا لمقاومة مريرة، مقاومة دامت أزيد من قرن بين  طغيان المحتل المدجج بقـدرات عسكرية عالمية، وشعب أعـزل ولكن متسلح بإرادة فولاذية و بإيمانه بالنّصر.

لقد أخفق المستعمر، رغم وحشيته، في إبادة شعبنا من فوق أرضه في القرن التاسع  عشر، كما أخفق، ولله الحمد، في طمس هويتنا وتغييبها في بلادنا رغم كل ما جنّده وجلبه من أجناس مختلفة للاستيطان في الجزائر، وما سلّطه من قمع وتجويع وتجهيل على أبناء الجزائر.

أجل، لقد فشلت الوحشية الاستعمارية في كسر تصميمنا على انتزاع الحرية و إن كلّف ذلك شعبنا الأبي مجازر مثل مجزرة يوم النّصر العالمي على النازية، يوم 08  مايو 1945 التي خلّفت عشرات ـ إن لم نقل ـ مئات الآلاف من الشهداء و الضحايا من رجال ونساء وأطفال.

خلافا لما حلم به المستعمر، أصبحت مجازر 1945 وقودا قويا للهيب الذي اشتعل  يوم أول نوفمبر 1954 في خضم ثورة زعزعت ضمائر العالم، وكلّفت الشعب الجزائري  تضحيات جساما ثم توجت بالنّصر والحرية والاستقلال.

ففي هذه الذكرى، أترحم بخشوع وإجلال على أرواح شهدائنا الأمجاد، كما أتوجه  بتحيّة أخوية حارة إلى من بقي على قيد الحياة من رفقائي المجاهدين والمجاهدات، داعيا بالجنّة والمغفرة لمن رحلوا إلى جوار ربهم منذ الاستقلال إلى اليوم.

أيتها السيدات الفضليات،

أيها السادة الأفاضــل،

إن المناسبات التذكارية مثل التي تجمعنا اليوم هي فرص للتمعن في المسيرة التي  قطعناها والتطلع نحو المستقبل الذي يليق بالجزائر.

على ذكر المسيرة هذه، أكتفي بالاعتزاز بكل ما أنجزته الجزائر المستقلّة، بفضل عزم شعبها الأبيّ، من بناء وتشييد وما أبدته من قدرة على التغلب على المحن و  المآسي وترجيح الجنوح إلى التآخي والوئام والمصالحة من أجل الجزائر.

إن بلادنا مقبلة على تغيير نظام حكمها وتجديد منهجها السياسي والاقتصادي و  الاجتماعي على يد الندوة الوطنية الجامعة التي ستعقد في القريب العاجل بمشاركة  جميع أطياف الشعب الجزائري.      

إن مهمة هذه النّدوة مهمة حساسة لأنها هي التي ستتخذ القرارات الحاسمة الكفيلة  بإحداث القفزة النوعية التي يطالب بها شعبنا وخاصة أجيالنا الشابة، القفزة التي ستتجسد مـن خلال تعديل دستوري شامل وعميق سيبت فيه الشعب عن طريق  الاستفتاء، تعديلا يكون منطلقا لمسار انتخابي جديد مبتداه الانتخاب الرئاسي الذي سيأتي البلاد برئيسها الجديد.

أيتها السيدات الفضليات،

أيها السادة الأفاضــل،

سيخول للندوة الوطنية الجامعة أن تتداول، بكل حرية، حول المستقبل الاقتصادي و  الاجتماعي للبلاد، مستقبل مثقل بالتحديات في هذا المجال، مستقبل في حاجة حقا  إلى إجماع وطني حول الأهداف والحلول لبلوغ تنمية اقتصادية قوية وتنافسية،  تنمية تضمن الاستمرار في نمطنا الاجتماعي المبني على العدالة والتضامن.

إن هذا النهج سيسهم، لا محالة، في تحرر الجزائر من التبعية للمحروقات، ومن  تذبذب السوق العالمية لهذه الثروة.

كما أن تعزيز بلادنا اقتصاديا واجتماعيا سيجعلها تقوى أكثر فأكثر على الحفاظ  على سلامة ترابها وأمنها في محيط مباشر ملتهب، وفي عالم مثقل بمخاطر الأزمات  متعددة الأشكال.

صحيح أن للجزائر جيشا وطنيا شعبيا سليل جيش التحرير الوطني، جيشا يتميز  بالاحترافية العالية وبروح التضحيات المثالية، إلا أن أمن البلاد واستقرارها في حاجة كذلك إلى شعب يرقى إلى مستوى تطلعاته الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية، ويحرص على استجماع ما يسند به و يعـزّز ما يبذله جيشنا حاليا في سبيل حماية الجزائر من المخاطر الخارجية، لكي يتمتع هو بالعيش في كنف الاستقرار والسكينة.

ذلكم هو المستقبل الذي يكون ـ بعون الله ـ أفضل عرفان تقدمه بلادنا لشهدائها  الأمجاد ولمجاهديها الأشاوس.

تلكم هي كذلك الغاية التي عاهدتكم أن أكرّس لها آخر ما أختم به مساري الرئاسي،  إلى جانبكم وفي خدمتكم، لكي تشهد الجزائر عما قريب نقلة سلسة في تنظيمها، وتسليم زمام قيادتها إلى جيل جديد لكي تستمر مسيرتنا الوطنية نحو المزيد من التقدم والرقي في ظل السيادة والحرية.

عاشت الجزائر، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته».