الأستاذ بالمدرسة العليا للمناجمنت رضا طير لـ”المساء”:
على بنك الجزائر توقيف التحويلات المالية مؤقتا
- 634
دعا الأستاذ بالمدرسة العليا للمناجمت رضا طير ”بنك الجزائر” إلى إصدار تعليمات بالوقف المؤقت للتحويلات المالية نحو الخارج سواء للأجانب أو المواطنين الجزائريين، حفاظا على احتياطات الصرف. وأكد ضرورة الذهاب نحو الانفتاح الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات لتحقيق التنويع الاقتصادي، الذي اعتبره الحل الوحيد لوضع حد للتمويل التقليدي الذي أدى إلى غاية الآن إلى طبع 55 مليار دولار، وينتظر أن يصل إلى مبالغ أكبر ”في وقت تعجز فيه الخزينة العمومية عن دفع هذه الأموال للبنك المركزي”.
حنان.ح
وتحدث الخبير الاقتصادي في تصريح لـ«المساء” عن تأثيرات الوضع السياسي الراهن على المجال الاقتصادي، معبرا عن اقتناعه بأنه رغم إيجابية الحراك الشعبي على الجانب السياسي، فإنه يؤثر سلبا على المجال الاقتصادي، الذي يعاني أصلا من ”غموض الرؤية والركود وغياب إستراتيجية”.
وتظهر التأثيرات السلبية ـ حسبه ـ في عدة مؤشرات، أهمها التحويلات المالية التي تقوم بها بعض الشركات في الوقت الراهن، بسبب ”حالة الخوف والارتباك والشك” التي يعيشها بعض المتعاملين الاقتصاديين الأجانب والمحليين، بسبب الوضع السياسي الذي تمر به البلاد، مع استثناء الشركات العمومية الكبرى - كما أضاف - باعتبار أن تحويلاتها مضمونة أكثر. في هذا السياق، ذكر السيد طير بما حدث في تونس أيام ثورة الياسمين في 2011، حيث أشار إلى أن البنك المركزي التونسي لجأ حينها إلى توقيف كل التحويلات المالية نحو الخارج، سواء من طرف التونسيين أو الأجانب.
فالمطلوب ـ كما أوضح - هو الحفاظ على احتياطات الصرف المتبقية، وبالتالي الحفاظ على التوازنات المالية الكبرى، مضيفا أن ”أي حالة ارتباك تؤدي بالضرورة إلى تحويل الأموال وهو ما يؤدي إلى استنزاف العملة الصعبة”. وذكر في نفس السياق بلجوء الكثير من المواطنين في الآونة الأخيرة إلى اقتناء العملات الأجنبية، لاسيما الأورو والدولار في السوق السوداء، ما تسبب في تراجع الدينار.
من جهة أخرى، تحدث الأستاذ طير عن تأثير الحراك على تسير الاقتصاد، وهو ما بدا خصوصا ـ حسبه ـ في إصدار الوزير الأول لتعليمة تلغي كل التعيينات التي قام بها وزراء الحكومة السابقة بعد استقالتها، معتبرا ذلك ”يؤكد استغلال وزراء لفرصة الحراك من أجل القيام بتعيينات على أساس المحسوبية وخدمة لمصالحهم”.
لهذا شدد المتحدث على ضرورة تعيين الطاقم الحكومي ”في أقرب وقت”، معتبرا أن الأعوان الإداريين والمسؤولين المركزيين والأمناء العامين للوزارات لايمكنهم تحمل مسؤولية إصدار قرارات حكومية. كما أكد أن المطلوب هنا هو ”تعيين حكومة كفاءات لتصريف الأعمال خلال المرحلة الانتقالية، تعمل على وضع برامج وتنفيذها، إلى غاية بروز أفق سياسي واضح، لأن هذا الأخير ضروري بالنسبة للمستثمرين”.
وعن سؤالنا حول التمويل غير التقليدي وإمكانية تدارك تأثيراته السلبية على الاقتصاد الوطني، قال الخبير إن اللجوء إلى هذا الخيار كلف الخزينة العمومية ديونا وصلت إلى ”55 مليار دولار في ظرف 18 شهرا، عكس توقعات الحكومة التي تحدثت عن 30 مليار دولار في 5 سنوات”.
وأدى ذلك إلى ”انهيار قيمة الدينار واكتشاف أن الخزينة العمومية حاليا لا يمكنها أن تعيد هذه الأموال للبنك المركزي، وهو ما يؤثر سلبا على نسبة التضخم، وكذا على قدرة الحكومة على تغطية كافة النفقات” كما لفت إليه.
الأكثر من ذلك، فإن الأستاذ طير، سجل بأن التمويل غير التقليدي ”الذي سيرتفع، لأن الحكومة لاتملك حاليا خيارا آخر غير اللجوء إليه”، سيبقى عبئا ثقيلا على الأجيال القادمة، وهو ما سيؤثر على القدرة المالية للدولة و«يحمل الأجيال المقبلة مسؤولية كبيرة لدفع هذه الأموال للبنك المركزي”.
وحول وجود حل لتدارك الأمور، رد عليه محدثنا بالقول ”بالتأكيد أن هناك حلا واحدا بديلا هو ”تنويع الاقتصاد”، وهو يمر حتما ”عبر الانفتاح الاقتصادي وتشجيع الاستثمار”، لكنه اعترف بأن المنظومة الحالية لاتساهم في ذلك، حيث ”تعمل على العكس تماما”، مشيرا إلى أن كل التدابير والإجراءات المتعلقة بالاستثمار ”تعمل ضد المتعاملين سواء الوطنيين أو الأجانب”. واستدل بقاعدة الاستثمارات الأجنبية المباشرة 51/49 بالمائة وكذا عدم احترام الضمانات في تحويل الأرباح، حيث قال إن الاقتصاد بقي رهينا لـ«لوبيات تخدم مصالح محددة واستفادت من الريع”.