يملك القدرة على تعلم الأشياء بتفاصيلها
صفات طفل التوحد تعرف عليها وكيفية التعامل معه
- 3958
يتمثل التوحد في خلل عصبي ونمائي عادة ما يظهر خلال السنوات الثلاث الأولى من حياة الطفل المصاب، ويستمر معه طوال حياته، مؤثرا على تصرفاته وتعامله واتصاله بمن حوله، إلى جانب تأثيره على قدرة الطفل على التعلم. تظهر الأعراض على بعض الأطفال بعد الولادة مباشرة، وقد يبدأ نمو الطفل بشكل طبيعي، وتتأخر الأعراض بالظهور إلى ما بعد الأشهر 18-36 من عمره.
في الحقيقة، يتفاوت ظهور أعراض التوحد وشدتها من طفل لآخر، لذلك أصبح استخدام مصطلح اضطراب طيف التوحد، وهو الأكثر شيوعا حاليا، ويعتبر اضطراب طيف التوحد حتى الآن، مجهول السبب وغير مرتبط بأسباب مباشرة أو محددة للإصابة، لأنه لم يتم إيجاد أية صلة بين الإصابة بالتوحد والعرق، أو نمط الحياة، أو حتى المرحلة التعليمية لأحد الآباء. تشير الدراسات إلى أن العوامل الجينية والحياتية تؤثر معا في احتمالية إصابة الطفل بالتوحد، وبالنسبة لصفات طفل التوحد، فقد يكون تحديد درجة اضطراب التوحد عنده أمرا صعبا، إذ أن الأعراض تظهر على كل طفل بشكل مختلف، وحدة مختلفة، أي لا تظهر نفس الأعراض على طفلين مختلفين بالطريقة ذاتها، كما أن الأعراض غالبا ما تتغير مع الوقت.
التواصل والتفاعل الاجتماعي والسلوك النمطي
تقسم صفات طفل التوحد بشكل عام إلى فئتين؛ التواصل والتفاعل الاجتماعي، والسلوك النمطي. ففي التواصل والتفاعل الاجتماعي يعاني الطفل المصاب بالتوحد من اضطرابات في مهارات التواصل الاجتماعي، مما قد يؤدي إلى مشاكل في تعامله مع المجتمع والناس من حوله؛ وهو ما يؤدي إلى صعوبة التعامل الاجتماعي وإيجاد الأصدقاء. توضح النقاط الآتية أهم الصفات الدالة على حدوث اضطرابات في التفاعل الاجتماعي؛ عدم القدرة على استمرارية اتصال العين مع الشخص المتحدث، صعوبة الاستمرارية في المحادثات بشكل طبيعي، إبداء إيماءات، إيحاءات، وتعبيرات وجه لا تتوافق مع الحديث، عدم الاستجابة أو البطء في الرد عند مناداته باسمه، أو استخدام أية محاولات لفظية لجذب انتباهه، وجود نبرة غير طبيعية لصوته والتي قد تشبه صوت الروبوت، أو قد تكون بنبرة غنائية، عدم النظر أو الاستماع إلى الناس أو إبداء أي اهتمام بهم، الإطالة بالحديث عن موضوع يجده مثيرا دون إعطاء الفرصة لأحد بالرد أو المشاركة، عدم القدرة على تطوير أو فهم العلاقات الاجتماعية، أو المحافظة عليها، مواجهة صعوبة في فهم وجهة نظر الأشخاص الآخرين، وعدم القدرة على التفهم أو التنبؤ بأفعالهم، عدم المشاركة في الاستمتاع بالأشياء أو الأنشطة مع الآخرين سواء بالإشارة إلى الأشياء، أو محاولة لفت انتباه الآخرين إليها.
أما أهم الصفات التي تظهر على أطفال التوحد في السلوك النمطي فهي سلوكيات نمطية ومتكررة، على غرار تكرار بعض التصرفات التي قد تكون غير طبيعيّة بشكل مستمر، ومن أمثلة ذلك؛ إعادة كلمة أو جملة معينة باستمرار، ويُعرف هذا باللفظ الصدوي، تكرار الحركات باستمرار، مثل خبط أو رفرفة الأيدي، أو المشي على رؤوس أصابع القدم، أو اللعب بالألعاب المعتادة بأشكال غير اعتيادية، مع وجود اهتمام قوي ودائم ببعض المواضيع التي قد تثيره؛ كالأرقام والتفاصيل والتركيز العالي وبشكل مبالغ فيه على حركة بعض الأجسام، والاهتمام غير الاعتيادي في أجزائها وتفاصيلها، إلى جانب وجود اهتمامات غير مناسبة لطفل في عمره، والقيام بأفعال مؤذية، كضرب الرأس أو العض، الشعور بالحاجة إلى روتين حياتي ثابت، والانزعاج الشديد من أصغر تغيير عليه، مع الاستجابة غير الاعتيادية أو المبالغ فيها لبعض الجوانب الحسية؛ كالحساسية المبالغ فيها تجاه الروائح، أو الأضواء، أو الأصوات، أو اللمس في بعض الأحيان.
المتوحد يملك القدرة على التعلم
رغم أن الأطفال الذين يعانون من التوحد، قد يواجهون العديد من الصعوبات والمشاكل خلال مختلف المراحل العمرية، إلا أن الطفل المصاب بالتوحد قد تتوفر فيه العديد من نقاط القوة المميزة، أهمها؛ القدرة على التعلم، حيث يتميز الطفل المصاب بالتوحد بالقدرة على تعلم الأشياء بتفاصيلها الصغيرة، وله القدرة على تذكر هذه المعلومات لمدة طويلة من الزمن، إلى جانب قدرته المميزة على التعلم البصري والسمعي، مع تميزه عادة في المواد الدراسية المتعلقة بالرياضيات والعلوم والموسيقي والفن.
التعايش مع التوحد
قد لا يكون تشخيص إصابة الأطفال باضطراب التوحد أمرا سهلا على الأهل، حيث يعتبر التوحد من الاضطرابات التي لا يوجد علاج شاف منها، والتي لا تزول مع التقدم في العمر، إلا أن الدراسات أثبتت أنه من الممكن تخفيف الأعراض والسيطرة عليها في حال التشخيص والتدخل المبكرين؛ فالبدء بمعالجة الطفل المصاب في عمر صغير يسهل الصعوبات المصاحبة للتوحد، ويعطيه فرصة أكبر لاكتساب مهارات جديدة، بالإضافة إلى استغلال جميع نقاط القوة عند الطفل..