حملة مكافحة الفساد

بين التثمين والتحذير

بين التثمين والتحذير
  • 860
شريفة عابد / ق.و شريفة عابد / ق.و

تباينت مواقف بعض الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية في نظرتها لمعالجة قضايا الفساد، وإحالة بعض رجال الأعمال على العدالة هذا الأسبوع، بين التثمين والإشادة وبين إعطاء الأولوية لتطبيق مطالب الحراك الشعبي كأرضية  قبل فتح هذه الملفات، والتحذير من القيام بمحاكمات انتقائية أو انتقامية في إطار تصفية الحسابات بين الأطراف والعصب، مجتمعة في نقطة استقلالية السلطة القضائية.

شريفة عابد


جمعية محاربة الفساد تحذّر من تصفية الحسابات:

الأولوية اليوم لتجسيد مطالب الحراك

حذّرت الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد، أن تكون حملة محاربة الفساد الجارية «سياسة انتقائية أو انتقامية أو تصفية حسابات»، داعية إلى معالجة الملفات عبر إستراتيجية متكاملة، وسياسة موضوعية في معالجة قضايا الفساد وتقديم كل المتورطين فيها إلى القضاء، مهما كان موقعهم في هرم السلطة، مؤكدة على ضرورة استرجاع أموال وثروات الشعب المنهوبة بالداخل والخارج وفقا لسيادة القانون لا غير.

أكدت الجمعية التي يرأسها الحقوقي جيلالي حجاج، في أول رد فعل لها على حملة مكافحة الفساد وإحالة عدة مسؤولين ورؤساء مؤسسات اقتصادية وأرباب عمل على التحقيق، أن فتح ملفات الفساد في هذه الفترة الحرجة وهذه المتابعات المتلاحقة هدفها «امتصاص الغضب العارم والتفاف على مطالب الحراك الشعبي».

وتعتقد الجمعية التي أعدت تقريرا على خلفية المحاكمات الجارية، تحوز «المساء» نسخة منه، أنه لا يمكن محاربة الفساد إلا بعد التغيير الكامل للنظام السياسي وقيام نظام جديد على مبادئ السيادة الشعبية والتعددية السياسية، يحترم مبدأ التداول السلمي على السلطة والفصل بين السلطات واستقلال القضاء، وسيادة القانون، والحكم الراشد والمساءلة والمحاسبة.

كما ترى الجمعية التي فجرت قضية الطريق السيار شرق ـ غرب، والأموال التي نهبت خلال إنجازه بعد رفع تكلفة المشروع بمعل النصف، أن حملة مكافحة الفساد لا بد أن يسبقها إصلاح جذري وشامل لمؤسسات الدولة، يرتكز على تطهير المؤسسات وتنظيف الهيئات القائمة من عناصر» النظام البائد «لضمان تفعيل مسار التغيير لإعادة بناء هذه المؤسسات على أسس سليمة بمشاركة الجميع.

وتعتقد الجمعية أن الأولوية في محاربة الفساد ليست في المتابعات القضائية ومعاقبة الفاسدين الذين ارتكبوا جرائم فساد ونهبوا المال العام واستولوا على الممتلكات العمومية فحسب، بل يجب أن تنصب الجهود بالأساس على استرداد الأموال المنهوبة في الداخل والمهربة إلى الخارج.

وترى الجمعية أن الأولوية الآن هي إرساء «مرحلة انتقالية يسيرها من يمثل الشعب مرورا بانتخاب جمعية تأسيسية تتولى صياغة دستور جديد للدولة الجزائرية».

كما طالبت الجمعية، باتخاذ تدابير احترازية وإجراءات تحفّظية ضد كل من ثبتت عليهم شبهة فساد، ثم إحالتهم على القضاء بعد استقرار الأمور وتحقيق مطالب الشعب، مشددة على ضرورة الفصل التام بين السلطات، وذلك بأن لا تتدخل «السلطة التنفيذية في عمل القضاء».

وأوصت الجمعية جميع المواطنين الراغبين في محاربة الفساد  بالاحتفاظ «بما لديهم من ملفات، وأن يوثقوا ما حصلوا عليه من معلومات، وأن لا ينشروا أي ملف الآن»، حتى لا تقوم من وصفتهم «بالعصابات» بإتلاف هذه الملفات وطمس الأدلة، وأن لا يسلموا الملفات لأية جهة مهما كانت حتى تحقيق النّصر الكامل للشعب الجزائري، مشيرة إلى أن أية عملية تجرى خارج هذا الإطار «ستحول القضايا المعروضة على المحاكم إلى مجرد ذر للرماد في العيون ومسرحيات هزلية سيئة الإخراج لإلهاء الرأي العام».

شريفة عابد


أكد على الشفافية في معالجة الملفات، بن فليس:

الحملة لا بد أن تكون ضمن مشروع التغيير الشامل

أكد رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس حيال المحاكمات الجارية في قضايا الفساد، على ضرورة أن تكون ضمن مشروع التغيير الشامل الكامل الذي ينشده الشعب الجزائري ويتمسّك بتحقيقه في المستقبل، وأن لا تكون للحملة علاقة بممارسات ما أسماه حملة «الأيادي النظيفة»، التي سبق وشهدتها الجزائر في أوقات سابقة كان لها نتائج وخيمة.

وقال بن فليس في بيان له تحوز «المساء» نسخة منه، إنّ من المهم تطبيق العدالة، لكن يجب معرفة «نوابضها وخطواتها»، وأن تكون «معروفة ومفهومة»؛ تأكيدا منه على مبدأ الفصل بين السلطات. وأشار بن فليس إلى أنّ «أخلقة الحياة السياسية والاقتصادية» هي أمر ضروري اليوم، ويكتسي قدرا كبيرا من الأهمية في الإطار والحدود التي يسمح بها القانون، لكن رئيس الحزب يقول: «وحدها الشفافية من ستسمح بإخماد وتهدئة الهواجس والشكوك» المتولدة في المجتمع، وأن ورقة الشفافية ستمكّن «من تهدئة الإنذارات والحرب النفسية التي يتوجب تطويقها لإنجاح الحملة الخاصة بمكافحة الفساد». وأوضح بن فليس أنّ الاقتصاد الوطني تلقّى الضربة القاضية من خلال نهب وتبديد 1200 مليار دولار دخلت الخزينة العمومية في فترة انتعاش أسعار البترول في السوق الدولية، وهو المبلغ الذي لم يضخَّ في المشاريع الاقتصادية البنّاءة والخلاقة للثروة، بل ذهبت إلى وجهات أخرى مشبوهة.

وانتقد، في سياق آخر، القوانين التي أكّد أنّها لم تكن توفّر الحماية الكافية للمبلّغين عن قضايا الفساد.

شريفة عابد


«حمس» تشترط تعميم حملة مكافحة الفساد

ثمّنت حركة مجتمع السلم، حملة ملاحقة الفساد والمفسدين لا سيما الرؤوس الكبيرة التي نهبت الثروة الوطنية، وتشكّلت كأقلية مسيطرة على المال والنشاط الاقتصادي بالامتيازات الكبيرة والفساد واستغلال النفوذ، محذّرة من تعطيل مطالب الحراك الشعبي.

أوصت الحركة بأن لا يكون ملف مكافحة الفساد انتقائيا أو وسيلة لتعطيل مطالب الحراك الشعبي، مؤكّدة ضرورة التغيير الشامل، محذّرة من «ظرفية الحملة»، وذلك بأن تؤدي بعديا إلى تبرئة الفاسدين أنفسهم، مستشهدة بما وقع مع»ملفات الخليفة وسوناطراك والطريق السريع».

وشجّعت على ضرورة استمرار وفاعلية الحملة، وأن تكون عدالة في مكافحة الفساد من خلال إقامة مؤسّسات سيّدة، شرعية وذات مصداقية برلمانية وحكومية تخصصية وقضائية، ومدنية، وإعلامية تحميها وتقيمها الإرادة الشعبية.

كما جدّدت حركة مجتمع السلم، في بيان لها عقب اجتماع مكتبها التنفيذي، وتلقت «المساء» نسخة منه تمسّكها بمبدأ «احترام وتجسيد الإرادة الشعبية الرافضة للوجوه المحسوبة على الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ورفضها أن تكون في الواجهة لإدارة المرحلة الانتقالية.

كما شدّدت على ضرورة ضمان الانتقال الديمقراطي السلس المتفاوض عليه المبني على روح التوافق الوطني، مثمّنة تطبيق المادة 102، حتى وإن «اعتبرتها غير كافية وتستلزم تدابير سياسية إضافية».

وتبدأ الحلول الفعلية للمرحلة الانتقالية على يد رئيس الدولة الجديد، الذي ترى الحركة أنّه يتعيّن عليه فتح «حوار جاد ومسؤول مع الطبقة السياسية والمدنية للاتفاق على تفاصيل الانتقال الديمقراطي، من حيث الآجال والإصلاحات الضرورية والممكنة لضمان انتخابات حرّة ونزيهة ومشاركة واسعة فيها من الناخبين».

واقترحت حمس، بأن تكون الفترة الانتقالية في حدود ستة أشهر فقط، وأن يتم فيها تقنين وتشكيل الهيئة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات، وتعديل قانون الانتخابات لا سيما ما يتعلق بمعرفة الكتلة الناخبة ومنع تضخيم الأصوات والتجريم القانوني المغلّظ للتزوير، وتأسيس الأحزاب والجمعيات بمجرد الإخطار، مع وقف الضغوط والابتزاز في حقّ وسائل الإعلام وضمان استقلالية العدالة من أيّ جهة كانت، والتجريم القانوني المغلظ للرشوة والفساد لا سيما في العدالة وفي القطاع الاقتصادي والإداري.

وعبّرت الحركة في الختام عن مخاوفها من العواقب الوخيمة لخيبة أمل الشعب، في حال التعنّت على فرض «سياسة الأمر الواقع»، والاستمرار في عدم الاستجابة لمطالبه التي وصفتها بـ«المعقولة والبسيطة والعقلانية»، محذّرة من «عودة الشعب إلى حالة الإحباط والانكفاء على الذات والابتعاد عن الاهتمام بالشأن العام التي كان عليها قبل الحراك الشعبي، ستكون على المديين القريب والمتوسط خطيرة على استقرار البلد ومانعة لتطويره وازدهاره».

وجدّدت حمس ضرورة مرافقة الجيش للإرادة الشعبية، وإطلاق حوار جاد وفعلي وعدم تضييع فرصة الانتقال الديمقراطي، تقديرا من الحركة أنّها في الوقت الراهن المؤسّسة الوحيدة التي يحترمها الشعب، مشدّدة في نفس الوقت على ضرورة استمرار الحراك الشعبي بطريقته السلمية، وحمايته مما يبعده عن أهدافه المشتركة بين كل الجزائريين.

شريفة عابد


جدد وقوفه إلى جانب مطالب الشعب

الأفافاس يحذر من المحاكمات الانتقامية

أوصى حزب جبهة القوى الاشتراكية، على لسان سكرتيره الأوّل، حكيم بلحسل، بضرورة أن تكون القرارات الصادرة عن القضاء في المحاكمات المتعلقة بقضايا الفساد، «بعيداً عن الانتقام والصراعات بين عصب النظام»، موضّحا أنّ دولة القانون وحدها من ستمكّن من «بناء عدالة عادلة ومستقلة تستند إلى القوانين المنبثقة عن الإرادة الشعبية».

وذكر بلحسل في بيان له ـ تحوز «المساء»على نسخة منه ـ أصدره في إطار التعليق على المحاكمات الخاصة التي طالت بعض المسؤولين ورجال الأعمال، والمتعلّقة بقضايا الفساد، أنّ ملايين الجزائريين يتمسّكون بمشروع بناء بديل ديمقراطي حقيقي يضع الأسس لجزائر حرة وديمقراطية ومزدهرة.

وجدّد الحزب في الأخير، دعوته للتغيير الحقيقي للنظام باعتباره أوّل ضرورة للبدء في مسار انتقال ديمقراطي حقيقي، على أن تترجم هذه الدعوة من خلال الاقتراح السياسي للخروج من الأزمة لبناء الجمهورية الثانية، منتقدا من يقومون بتفكيك الروابط بين الجزائريين عن طريق تغذية الانقسامات والاختلافات الخاطئة.

شريفة عابد


أكد على الحوار لتحقيق ذلك

رحابي يدعو إلى تسريع المسار الانتقالي

دعا الوزير الأسبق والدبلوماسي السابق عبد  العزيز رحابي أمس، إلى تسريع المسار الانتقالي للخروج من الأزمة السياسية التي يعيشها البلد. مؤكدا أن هذا المسار ينبغي أن يشمل الحكومة  وقيادة الجيش والمعارضة علىحد سواء.

وكشف ضيف القناة الثالثة للإذاعة الوطنية، عن مقترحات حلول للخروج من الانسداد السياسي الحالي نابعة من السلطة وقيادة الجيش والمعارضة والنُخبة، وفي مقدمتها توحيد وجهات النظر لحمل الجميع على الجلوس إلى نفس الطاولة، متأسفا  لعدم تسجيل لحد الآن أي حوار جدي يقترح أجندة وشروط وكيفيات إخراج البلاد من حالة الانسداد.

وأردف يقول «لدينا مشكل جدي مع رئيس الدولة بسبب رفضه من قبل الشعب والمعارضة ولكونه غير مؤهل قانونا لتنظيم المرحلة الانتقالية التي باتت لديها كل الحظوظ لتفشل، فما بالك بالانتخابات الرئاسية المقررة في 4 جويلية القادم»، موضحا أن الشعب يريد ومتمسك بتغيير طبيعة النظام وإحلال الديمقراطية ومكافحة الفساد ومراقبة الثروة العمومية».

وأضاف أن الأمر يتعلق ببرنامج «سياسي بحت ينبغي أن يخدم أيضا الحكومة وقيادة الجيش  والمعارضة في نفس الوقت».

وفيما يخص الدعوة إلى تطبيق المادتين 7 و8 من الدستور، اعتبر رحابي أن الأمر يتعلق «بنقاش كاذب أفقد الجزائر الكثير من الوقت لمدة 7 سنوات كنا رهينة لصحة رئيس الجمهورية السابق واليوم نحن رهينة المادة 102 من الدستور التي تُعيق أي جهد مبتكر للتحادث أو البحث عن حل تفاوضي».

ق.و