فيما ينتظر آلاف المكتتبين في"أل بي بي"مفاتيح شققهم

موقع الرويبة مثال حي للاحتيال والغش

موقع الرويبة مثال حي للاحتيال والغش
  • 1069
زهية-ش زهية-ش

لازال المستفيدون من سكنات الترقوي العمومي "أل.بي.بي" يدفعون ثمن الغش والتحايل في إنجاز السكنات "الراقية" التي وعدوا بها، ودفعوا مقابلها مبلغا باهظا عن طريق الاقتراض من البنك، حيث لم يتمكن عدد من الذين استلموا مفاتيح شققهم الاستقرار بها، قبل قيامهم بالعديد من الأشغال الضرورية التي زادت من متاعبهم ورفعت  تكاليف السكن الذي ظلوا يحلمون به لسنوات.

فقد تفاجأ جل الذين استفادوا من سكناتهم ضمن صيغة الترقوي العمومي، بعدم جاهزية الشقق التي استلموا مفاتيحها عكس ما كانوا يعتقدون، وذلك بسبب النقائص العديدة التي حالت دون دخولها والإقامة بها، حيث تم تسليم سكنات في ورشات مفتوحة بالعديد من المواقع، بينما تسير الأشغال ببطء في مواقع أخرى مختلفة بالعاصمة وغيرها من الولايات. وأدت هذه الوضعية إلى تذمر المتضررين من هذه الصيغة، الذين لا زالوا يطالبون الوزارة المعنية بضرورة مراجعة السعر الذي لا يعكس نوعية السكنات التي تحصلوا عليها، والتحرك من أجل التحقيق مع شركات الإنجاز المتورطة في عمليات غش في السكنات الموزعة، حيث اضطر المستفيدون نشر صور وفيديوهات فاجأت الرأي العام بخصوص صيغة "أل بي بي" التي أسالت الكثير من الحبر، خاصة فيما تعلق بنوعيتها التي تخالف تماما ما روج له من قبل الجهات الوصية. وبالإضافة إلى السعر المبالغ فيه والذي اضطر المعنيون إلى الاقتراض من البنك لتسديده، دخل المستفيدون الذين استلموا المفاتيح في دوامة توزيع سكنات غير جاهزة والغش في بنائها، مما استدعى قيامهم بإتمامها ودفع مصاريف إضافية أنهكت كاهلم، خاصة مع وجود عيوب ونقائص كبيرة ناتجة عن عدم احترام معايير الإنجاز، واستخدام مواد متدنية الجودة وأحيانا مغشوشة، والتي جعلتهم يقومون بتعديلات وأشغال تكميلية عديدة.

موقع الرويبة.. مفاجآت غير سارة بسبب النقائص

ويعد موقعي علي عمران 3 وأحمد مدغري بالرويبة، مثالا حيا على ذلك، حيث تحول الحلم إلى كابوس، بالنسبة للمكتتبين الذين تحصلوا على مفاتيح سكناتهم، وتفاجأوا بكون الأحياء التي يقطنونها لم تتم مرافقتها ببعض التجهيزات الأساسية اللازمة والتي لا يحصلون عليها إلا بشق الأنفس، فعادة ما يستلمها المستفيد بالصدفة في حال تواجده بالموقع، بسبب جلبها بكميات محدودة، بينما يبقى ينتظر لعدة أشهر إذا خانه الحظ وتغيب لحظة وصولها.

ويعد موقع أحمد مدغري بالرويبة دليلا قائما على التهاون واللامبالاة، بسبب ما يحدث على مستواه، حيث لا يزال المستفيدون ينتظرون تركيب بعض التجهيزات بسبب تأخر جلبها لحد الآن، رغم مرور خمسة أشهر على استلامهم مفاتيح سكناتهم دون أن يتمكنوا من دخولها و الاستقرار فيها، أما النقائص المتعلقة بشبكة الصرف الصحي ورداءة الطلاء ونوعية الأرضية فحدّث ولا حرج، حيث اضطر الكثيرون إلى إعادة الأشغال من جديد، وكلما يباشر المعنيون أي تعديل يكتشفون عيوبا أخرى بسبب عدم الجدية في الإنجاز وسياسة "البريكولاج" المنتهجة في غياب الرقابة والمتابعة .

وذكر الكثير من المتضررين أنهم اكتشفوا مظاهر الغش في الغرف والمطبخ، والحمام التي بنيت بطريقة جد سيئة، إذ تمكنوا من اقتلاع بلاطها وتنحية غسالة اليدين وحوض الاستحمام بسهولة كبيرة، وذلك بسبب عدم تثبيتها بالاسمنت كما يجب مما جعلها غير مثبتة، وعمليات الاقتلاع سهلة وبإمكان أي كان أن يقوم بها دون جهد أو عناء.

وما يثير الاستياء أكثر بالنسبة للمستفيدين من شقق بموقع الرويبة، هو إقدام الشركة المكلفة بالإنجاز على غلق مداخل العمارات على الثامنة مساء، في الوقت الذي استلم البعض مفاتيح شققهم واختتموا الأشغال وشرعوا في نقل الأثاث، حيث تتحجج الشركة بمنع السرقة ودخول الغرباء، رغم وجود أعوان الحراسة، وفي ظل هذا المنطق المفروض لا يستلم صاحب المنزل مفتاح عمارته إلا في حال التحاقه نهائيا بمنزله، ما يعيق دخوله في أوقات متأخرة وإتمام ما تبقى من أشغال.

وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للشقق والوضع الداخلي المتردي للعمارات الذي يعكس الغش في البناء وعدم التقيد بمعايير البناء اللازمة، فضلا عن كون بعض العمارات غير جاهزة لاستقبال العائلات، بالنظر للغبار الكثيف المنتشر بها وبمحيطها، فإن الحي الذي يضم أكثر من ألف وخمسين (1050) وحدة سكنية، والذي استقبل أولى العائلات لا يتوفر فيه الإطار المعيشي المناسب، حيث تنعدم به المساحات الخضراء وتحولت بعض فضاءات اللعب التي تم تنصيبها إلى مساحات قاحلة. كما تنعدم به تماما الملاعب الجوارية التي تحتضن الأطفال.

وإلى جانب معاناتهم مع الوضعية المتردية للسكنات فقد عبّر بعض المستفيدين من شقق بحي أحمد مدغري بالرويبة، عن مخاوفهم من انتشار الكلاب الضالة التي تصول وتجول داخل الحي معرضة السكان وخاصة الأطفال للخطر، فضلا عن نقص الإنارة العمومية التي تكاد تكون منعدمة، بسبب استعمال الإنارة بالطاقة الشمسية، وكذا نقص حاويات القمامة التي استدعت من بعضهم نقل نفاياتهم إلى أماكن بعيدة لرميها، في انتظار تدخل الجهات الوصية لحل المشاكل العالقة.

وقد طالب هؤلاء الجهات الوصية، بمعاينة السكنات من الداخل والقيام بزيارة الحي، بينما ينتظر الكثير منهم استلام مفاتيح شققهم التي عرفت تأخرا في الإنجاز بسبب المقاولات المتقاعسة.