مسألة اللاجئين في إفريقيا
الجزائر تدعو لمزيد من التنسيق ودعم التنمية والأمن
- 846
أكد رئيس مجلس الأمة بالنيابة، صالح قوجيل، أمس، بميدراند بجنوب إفريقيا، أن الجزائر تعتبر استفحال ظواهر اللاجئين والمرحلين والنازحين في إفريقيا ”أمرا مقلقا”، مشيرا إلى أن معالجة هذه الظواهر تستوجب ”المزيد من التنسيق وتكثيف الجهود مع إعطاء الأولوية للتنمية والأمن بشكل متكامل”.
وقال قوجيل في كلمة له بمناسبة الدورة السنوية لرؤساء المجالس الوطنية ومجالس الشيوخ الإفريقية بعنوان ”2019 سنة اللاجئين والمرحلين والنازحين في افريقيا”، أن الجزائر تعتبر أن ”استفحال هذه الظواهر بشكل متزايد أصبح أمرا مقلقا، ما يستوجب منا جميعا المزيد من التنسيق وتكثيف الجهود خصوصا ما يتصل بضرورة محاربة الشبكات الإجرامية التي تسعى إلى استغلال هذه المآسي الإنسانية”، مضيفا أن الجزائر ”ترى بأن معالجة مسببات وآثار هذه الظواهر يستلزم إعطاء الأولوية للتنمية والأمن بشكل متكامل”.
وأشار قوجيل إلى أن الجزائر ”تعتقد فعلا أن التنمية المستدامة المتوازنة توفر الكثير من الحلول لعدد من المعضلات، بما فيها مسألة اللاجئين والمرحلين والنازحين، وتساهم بنفس القدر في بناء الاستقرار وتقوية السلم واستتباب الأمن اقليميا ودوليا”.
كما ترى الجزائر أيضا، حسب قوجيل، أن ”هذا النهج التنموي، الذي ما زال دائما يمثل أولوية وطنية،
يتماشى جنبا إلى جنب مع الديمقراطية والحكم الرشيد، وهو ما يفسر استمرارها في ديناميكية عصرنة البلاد، انسجاما مع وتيرة الإصلاحات العميقة والشاملة التي تعرفها البلاد”.
وذكر رئيس مجلس الأمة بالنيابة أن مسألة اللاجئين والمرحلين والنازحين في إفريقيا ”قد تصاعدت في السنوات الأخيرة جراء الأزمات والنزاعات المسلحة الناجمة عن أسباب داخلية وكذا بفعل التدخلات الخارجية”، مؤكدا أن الجزائر ”رافعت دائما لصالح مقاربة شاملة تشاورية متوازنة وتضامنية تستند إلى احترام حقوق الإنسان والسيادة ومتطلبات الأمن الوطني لكل دولة في سبيل معالجة هذه المعضلات ذات الطابع الإنساني أساسا”.
وفيما دعا إلى ”إدراج ضمن هذه المقاربة، انشغالات ومصالح بلدان المصدر وبلدان العبور وبلدان الوجهة بشكل متوازن”، قال السيد قوجيل إن الجزائر ”تعاني أصلا من ذات المسائل وتتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة بالشكل الذي يتطابق مع الاتفاقات التي تربطها مع البلدان الأصلية للمعنيين ووفق النصوص والمواثيق الدولية”.
وفي هذا الإطار، ذكر قوجيل أن الجزائر ”لطالما وفرت الرعاية اللازمة للاجئين والمرحلين والنازحين الأفارقة وغير الأفارقة، وتسعى جاهدة لاسيما على المستوى الإنساني لتقديم يد العون لهم”، مشيرا إلى أنها ”تسخر في سبيل ذلك الكثير من الوسائل وتتخذ العديد من الإجراءات ضمن إطار إنساني منسجم مع مبادئها وتقاليدها العريقة ومطابق للقيم العالمية والدولية”.
وأوضح أن موضوع الدورة السنوية لرؤساء المجالس الوطنية ومجالس الشيوخ الإفريقية قد تمت المصادقة عليه بمناسبة قمة رؤساء دول وحكومات أعضاء الاتحاد الافريقي المنعقدة بنواكشوط في جويلية 2018، مؤكدا أن هذا الموضوع ”يشغل حيزا هاما ضمن اهتمامات دولنا وشعوبنا، ذلك ما يلزمنا بالتعاون بهدف الوصول إلى مقاربة شاملة من حيث الأبعاد، متقاسمة من حيث الأعباء ومستديمة من حيث المدى”.
في سياق متصل، رافع رئيس مجلس الأمة بالنيابة من أجل ”تحقيق تناغم تفاعلي برلماني بين البعدين الثنائي والمتعدد الأطراف، وفق ما يتطابق مع مصالحنا الوطنية المتعارضة أحيانا وبما نساعد به حكوماتنا ويخدم تطلعات شعوبنا”. وقال في هذا الصدد إن العمل البرلماني المشترك ”سيساهم بشكل فعال بالموازاة مع ما تبذله الدبلوماسية الرسمية لدولنا لإيجاد حلول جماعية وتفاوضية للتحديات الشاملة والمعقدة التي تواجهها المجموعة الدولية اليوم”، مشددا على أن ”العلاقات الدولية الحالية معقدة ومتداخلة، لذلك من الضروري أن تتولى إفريقيا شؤونها وتختار الآليات التي تناسبها حتى يتسنى لها إيجاد حلولها الذاتية من أجل حل مشاكلها بشكل ملموس والاستجابة لتطلعات شعوبها”.
كما اعتبر أن ”مصير إفريقيا وجب أن يتبع منطق عدم الانحياز بمعزل عن معناه الأصلي الذي كان سائدا خلال الحرب الباردة ولكن بمعنى الحفاظ على استقلالها وحريتها وأن إفريقيا التي هزمت الاستعمار ونظام الميز العنصري لا تنحاز سوى لمصالح الأفارقة”.
في نفس الإطار، رحب السيد قوجيل بدخول اتفاقية التجارة الحرة حيز التنفيذ في القارة الأفريقية في شهر ماي الماضي وإطلاق المرحلة العملياتية للمنطقة في القمة الاستثنائية لرؤساء الدول والحكومات التي انعقدت في النيجر في جويلية الماضي، معتبرا هذا الأمر ”سيعزز لا محال التبادلات الاقتصادية والتجارية ويعزز ديناميكيات التكامل الإقليمي في قارتنا”.
الحراك في الجزائر شاهد على الوعي السياسي للشعب
كما تطرق رئيس مجلس الأمة بالنيابة إلى ”الديناميكية الديمقراطية الشعبية الجارية حاليا في الجزائر، والتي تميزت -مثلما قال- بالطابع السلمي والمتحضر للمظاهرات، مشددا على أنها تعد ”شاهدة على الوعي السياسي العالي للشعب الجزائري في تفاعله مع المصالح العليا للبلاد وأنها ستمهد بالتأكيد الطريق لديمقراطية حقيقية وعميقة، يساهم فيها الجميع، مما سيزيد حتما من استقلال القرار السياسي الوطني”.
وفي هذا الصدد، اعتبر السيد قوجيل أن ”الحوار الشامل، كما أكد عليه رئيس الدولة، السيد عبد القادر بن صالح، خلال خطاباته إلى الأمة، يظل الطريق الأنسب، لتحقيق كل تطلعات الشعب الجزائري”.
وتحادث رئيس مجلس الأمة بالنيابة بمدينة ميدراند مع رئيس البرلمان الإفريقي روجي نكودو دانج بحضور سفير الجزائر بجنوب إفريقيا وممثلي البرلمان الجزائري في البرلمان الإفريقي.
وتوسع اللقاء ليشمل أعضاء الوفدين، حيث قدم رئيس مجلس الأمة بالنيابة ”صورة عن الديناميكية السياسية والحضارية الكبيرة التي تميز بها الحراك الشعبي”، مؤكدا على ”أهمية استمرارية الدولة وتماسكها”، منوها بـ«المنهجية المتبعة من طرف الدولة في تيسير سبل الحوار وتكريسه كحل وحيد وفقا لما دعا إليه رئيس الدولة”.
وجدد بالمناسبة ”قناعة الجزائر بالعمل المتعدد الأطراف من خلال أجهزة الاتحاد الإفريقي وفي مقدمتها البرلمان الإفريقي لتقريب الشعوب الإفريقية فيما بينها واقتراح الطرق المناسبة لتقوية التعاون وتنسيق المواقف في مختلف المحافل الدولية”.
من جانبه، عبر رئيس البرلمان الإفريقي عن ”إعجابه بسلمية الحراك الشعبي الذي تعرفه الجزائر والذي لقي الإشادة الدولية بالنظر لحضاريته”، مستذكرا ”تجربة الثورة التحريرية التي شكلت مصدر إلهام للشعوب الإفريقية”. ولم يفوت الفرصة للتأكيد على ”الدور المحوري والفعال للجزائر في القارة الإفريقية ودعمها لمؤسسات الاتحاد الإفريقي ومنها على الخصوص البرلمان الإفريقي”.
للإشارة فان رئيس مجلس الأمة بالنيابة استهل كلمته في الدورة السنوية لرؤساء المجالس الوطنية ومجالس الشيوخ الإفريقية بالترحم على الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي وقدم تعازيه الخالصة إلى تونس شعبا ودولة”.