بعد أن فقد المبادرة في منطقة الشرق الأوسط
الاتحاد الأوروبي يسارع لمنع كوارث على بواباته الشرقية والجنوبية
- 577
وضع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني الجمعة الماضي، دول الاتحاد الأوروبي في مأزق حقيقي حول كيفية التعاطي مع التطورات التي تلت تلك الحادثة، خاصة التوفيق بين مصالحها مع الحليف الأمريكي ومصالحها الاستراتيجية في منطقة بأهمية الخليج العربي والشرق الأوسط.
ولأجل ذلك عقد وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا اجتماعا طارئا أمس، في محاولة لتدارك الوضع بعد أن أصبحت كل أوروبا تتعامل مع الأوضاع في المنطقة على وقع ردود الفعل تجاه القرارات الأمريكية وردود الفعل المحلية في المنطقة العربية. وهو ما تأكد بعد تطورات نهاية الأسبوع الماضي، التي وضعت كل أوروبا في موقع المتفرج على أحداث تقع على بواباتها الجنوبية والشرقية وهي التي ستتحمل تبعاتها المستقبلية.
وكان اجتماع أمس، الذي جاء بعد أربعة أيام من اغتيال الجنرال الايراني قاسم سليماني، والهزات الارتدادية التي خلّفها في كل العالم دليلا على تشتت الموقف الأوروبي وتراجع دور دول القارة العجوز في صناعة القرار الدولي حتى بخصوص قضايا تهمها قبل غيرها.
وعقد وزراء الخارجية الألماني هيكو ماس والبريطاني دومينك راعب، والفرنسي جون ايف لودريان، والإيطالي لويجي دي مايوامس، اجتماعهم بمقر الاتحاد الاوروبي بالعاصمة البلجيكية بحضور رئيس الدبلوماسية الأوروبي الجديد، الإسباني جوزيف بوريل، في محاولة للتوصل إلى موقف موحد للتعامل مع الوضعين في إيران وليبيا اللذين تحولا إلى قنبلتين مؤقتتين، ستكون آثار انفجارهما الوشيك قوية على مختلف العواصم الأوروبية.
وبغض النظر عن التوتر الذي خلفه قرار دونالد ترامب، باستهداف الجنرال الإيراني وعشرة من اقرب مساعديه في العراق، فإن الدول الأوروبية بقيت ايضا في موقع المتفرج على قرار التدخل العسكري التركي في ليبيا، رغم أن دولا مثل فرنسا وبريطانيا والحلف الأطلسي كانت السبب في اندلاع الأزمة الليبية قبل تسع سنوات، خدمة لمصالحها الضيقة، وبعد ذلك تخلت عن مواصلة لعب دور محوري في تسوية هذه الأزمة لصالح قوى دولية وإقليمية أخرى مما حول ليبيا إلى ساحة حرب بالوكالة بعد تدخل روسيا وفرنسا ودول إقليمية في أزمة ستكون تبعاتها كارثية على إيطاليا القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا ومنها على كل دول القارة العجوز.
وجاء تأكيد خليفة حفتر، على بسط قواته سيطرتها على مدينة سيرت التي شكلت مكسبا استراتيجيا هاما في معركة "تحرير طرابلس"، لتزيد في درجة المخاوف الأوروبية من انفراط العقد الأمني في بلد يبعد بمئات الأميال البحرية عن جزيرتي لامبيدوزا وصقلية، وهي التي مازالت تتذكر قوافل المهاجرين السريين الذين عبروا البحر المتوسط باتجاه الشواطئ الإيطالية واليونانية، في أكبر عملية لجوء تعرفها أوروبا في تاريخها المعاصر وحتى القديم انطلاقا من الشواطئ الليبية.
ويأتي عقد اجتماع أمس، قبل اجتماع طارئ لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي بعد غد الجمعة، لتوسيع النقاش حول الأوضاع، وربما الاستماع إلى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي وجه له رئيس الدبلوماسية الأوروبي جوزيف بوريل، دعوة رسمية لمناقشة آخر تطورات الموقف على خلفية قرار بلاده عدم الالتزام من الآن فصاعدا ببنود الاتفاق بخصوص إنتاج اليورانيوم المشبّع.