بتشجيع من والدتها وإصرارا منها على إثبات الذات
عبير تفرض وجودها بين الحرفيين
- 960
أبدعت الشابة عبير خليفي ذات العشرين سنة، والمصابة بمتلازمة داون، في فرض وجودها وإثبات قدراتها، من خلال مشاركتها مؤخرا في معرض للصناعات التقليدية، حيث عرضت في جناحها مجموعة متميزة من الأشغال اليدوية التي تباينت بين الماكرمي والرسم على الزجاج والعجينة الكيميائية، إلى جانب مواصلة تعليمها في المراكز المتخصصة وتقلدها صفة مربية تربوية، وعن رغبتها في تغيير نظرة المجتمع إلى هذه الفئة، التي أصبحت بفضل التكفل المبكر بها قادرة على الاعتماد على نفسها، عدنا بهذه الدردشة.
رغم أن التواصل مع هذه الفئة المصابة بمتلازمة "داون" ليس سهلا، كونها لا تستوعب سريعا، وتجد في بعض الأحيان صعوبة في التعبير عما ترغب فيه، غير أن الحرفية عبير تمكنت بفضل مرافقة والدتها لها، من تغيير نظرة الغير إليها، ورفضت أن تعامل معاملة المعاق الذي ينتظر شفقة، حيث تقول في معرض حديثها مع "المساء"، وهي مفعمة بالحيوية والنشاط والابتسامة لا تفارق وجهها، إنها تدرس كغيرها ممن هم في عمرها في مدرسة خاصة، وسر اهتمامها بكل ما هو حرف تقليدية مرجعه رغبتها في شغل وقت فراغها، حيث تعتبر الأشغال اليدوية بمثابة هواية تعبر من خلالها عن قدرتها على الإبداع، وتشرك غيرها في هذه الأنشطة من خلال المعارض التي تشارك فيها، موضحة في السياق، أن رغبتها في التميز جعلتها تترقى بالمدرسة التي تتعلم فيها إلى مربية مساعدة.
عن سر نجاحها وإصرارها على الخروج إلى المجتمع، وإثبات أنها قادرة على شق طريقها لوحدها، أوضحت أن الفضل يعود إلى دعم والدتها التي لم تفارقها مطلقا، وإلى رغبتها في أن تثبت للغير أنها شخص مفيد، من خلال ما تقدمه من عمل حتى ولو كان بسيطا.
تركنا الشابة عبير تشرف على عرض ما أنجزته من أشغال لزوار المعرض بطريقتها الخاصة، وتحدثنا إلى والدتها السيدة دليلة خليفي صادقي، التي بدأت حديثها بالقول، إنها فخورة جدا بابنتها ومستعدة دائما لمرافقتها، وترفض فكرة أن تظل هذه الفئة تحمل اسم "ذوي الاحتياجات الخاصة"، لذا فهي ضد فكرة إبقائها في المنزل، بل على العكس، هي مستعدة للذهاب معها إلى أبعد الحدود، لأنها في نظرها كغيرها ممن هم في سنها، لديها الحق في الخروج من المنزل والتعلم وممارسة مختلف الأنشطة والهوايات، وتحقيق بعض الرغبات التي تتناسب وشخصيتها".
في السياق، أوضحت المتحدثة أن الوصول إلى تمكين هذه الفئة الاعتماد على أنفسهم، وشق طريقهم في هذه الحياة، يتطلب أن تكون المرافقة الوالدية مبكرة منذ السنوات الأولى من العمر، وحسبها، فإن تكفلها المبكر بابنتها وإيمانها بأنها ليست مختلفة عن الآخرين، وأن لها الحق في التمتع بما يتمتع به الآخرون، هو الذي ساهم في نجاحها، مشيرة إلى أنها شجعتها إلى جانب التعلم في المراكز، على ممارسة بعض الأشغال اليدوية، حتى تحظى بفرصة الاحتكاك مع المجتمع، من خلال المشاركة في المعارض، وهو بالفعل ما حققته كإنجاز تفتخر به، فضلا عن تطور طريقة تحاورها مع الغير للتعبير عن ما تعلمته من حرف".
فيما يتعلق بطموحها كأم لشابة مصابة بالتريزوميا، أوضحت والدة عبير أنها ارتأت من وراء تعليم ابنتها عددا من الأشغال اليدوية، أن تشغل وقت فراغها حتى لا تصاب بالخمول، خاصة أن هذه الفئة وكما هو معروف في غياب أي نشاط، تصبح غير قادرة على القيام بأي عمل وتصبح عاجزة بسبب بطئها، وحتى تكون لديها دائما فرصة التواصل مع المجتمع الذي يرفض إعطاء هذه الفئة فرصة لإثبات قدراتهم، خاصة أنهم فئة اجتماعية تندمج سريعا. بالمناسبة، تنصح السيدة دليلة الأولياء الذين لديهم أطفال مصابون بمتلازمة داون، بأن لا يشعروا بالخجل منهم، وأن يعملوا على تطوير قدراتهم وتعليمهم عددا من الأنشطة، على الأقل، حتى تكون لديهم القدرة على إثبات وجودهم، خاصة أن مستقبلهم بعيدا عن أوليائهم يبدو غامضا، لأنهم يحتاجون دائما إلى من يرافقهم، مشيرة إلى أن كل ما تتمناه هو أن تتكفل الدولة أكثر بهذه الفئة، بإنشاء مراكز تضمن لهم المرافقة بعد بلوغهم سن الرشد، خاصة أن حياتهم تنتهي بعد الثلاثين في أحد زوايا المنزل، خاصة الفتيات، في غياب أي تكفل".