الرائد عز الدين يؤكد في ذكرى تأسيس هيئة أركان جيش التحرير:
القيادة كان لها الدور البارز في إعادة تنظيم الجيش
- 990
أشاد عضو هيئة أركان جيش التحرير الوطني زيراري رابح، المعروف بالرائد عز الدين، بالدور الهام والاستراتيجي لهيئة الأركان بقيادة الريس الراحل هواري بومدين، في إعادة تأطير وتنظيم جيش التحرير، وتوحيد صفوف أفراده في مواجهة الاستعمار الفرنسي، داعيا إلى ضرورة تسليط الضوء أكثر على فترة نشأة ونشاط هذه القيادة، وإعطائها حقّها من الكتابة والتأريخ، وهذا بالنظر لقلة الكتابات التاريخية الخاصة بهذا الموضوع الحسّاس من تاريخ ثورة التحرير المجيدة.
وثمّن الرائد عز الدين، أمس الأربعاء، في ندوة منتدى "الذاكرة" لجمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع جريدة المجاهد، بمناسبة احياء الذكرى الـ60 لتأسيس هيئة أركان جيش التحرير الوطني بقيادة الرئيس الراحل بومدين، وقائد أحمد (سليمان)، وعلي منجلي، بحضور أساتذة وطلبة وأعضاء الأسرة الثورية، ورفاق درب الرجل، المسيرة التاريخية النضالية، لأعضاء هيئة الأركان العامة لجيش التحرير التي تأسّست في جانفي 1960، بطرابلس الليبية، في مسار الكفاح الثوري التحرري ضد الاستعمار الفرنسي، والتأسيس فيما بعد لبناء أسس الدولة الحديثة قائمة على عمودها الفقري (الجيش الوطني الشعبي)، وهذا رغم بعض الأخطاء والنقائص التي كانت في تلك الفترة، والتي فرضتها طبيعة تلك الحقبة الاستعمارية التي تمّخضت عن الصراعات والأزمات التي عرفتها مختلف أطياف الحركة الوطنية.
وأوضح المجاهد في هذا الإطار أن ميلاد القيادة العامة لأركان جيش التحرير، كانت عسيرة وفرضها الوضع القائم آنذاك، وهذا على ضوء دور اللجنة الثورية للوحدة والعمل (23 مارس 1954، بمبادرة أعضاء المنظمة الخاصة والمركزيين)، التي كان لها الدور الفعال خلال الثورة من خلال عدة عوامل داخلية وخارجية، والعمل على توحيد صفوف الحركة الوطنية وتجاوز خلافاتها العميقة لاسيما بالنسبة لحزب الشعب الجزائري، وحركة انتصار الحريات الديمقراطية من جهة، والمركزيين والمصاليين من جهة أخرى.
وأضاف موضحا أنّه رغم الانتقادات الكبيرة التي وجّهت لأعضاء هذه القيادة، خاصة فيما يتعلق بسياساتها التسييرية للثورة، والقرارات التي اتخذتها في العديد من الأمور المصيرية، الاّ أنّ ذلك لم يلغ دورها وفضلها الكبيرين في إعادة رص صفوف أفراد جيش التحرير، والحرص على استعادة انضباطهم أكثر، على ضوء قرارات مؤتمر الصومام التاريخي 20 أوت 1956، مشيرا الى أن الفضل في ذلك يعود للرئيس الراحل هواري بومدين، الذي وصفه بـ«أكبر منظّم للجيش"، رفقة كبار زعماء الثورة ومسؤولي النواحي العسكرية التي كانت في تلك الفترة، وهذا على الرغم من بعض الأخطاء التي ارتكبت في هذا الشأن سواء بقصد أو بغير قصد ـ على حد تعبيره ـ.
ومن جهة أخرى أشار عضو هيئة الأركان العامة لجيش التحرير، إلى أن استقالته من هذا التنظيم العسكري في جوان 1962، تزامنا مع تعيين بن يوسف بن خدة، على رأس الحكومة المؤقتة كانت طواعية وعن قناعة، ولم تكن مفروضة عليه كما يريد البعض الترويج لها، موضحا أنّه طلب من الرئيس بن خدة، بعد اختتام اجتماع المجلس الوطني للثورة الجزائرية الذي حضره كل من هواري بومدين وقائد أحمد وعلي منجلي، وحاج لخضر، وسعيد بريروش، إعفاءه من مهامه في قيادة الأركان في الخارج، قائلا لبن خدة: "أعتبر أن مهمتي بالخارح قد انتهت، وأطلب منكم الموافقة على دخولي للجرائر ومواصلة الحرب ضد منظمة الجيش السري الفرنسي "OAS"، وتم "التصريح لي بذلك" ـ على حد قوله ـ.
كما دعا في السياق إلى وجوب إعطاء هذا الموضوع التاريخي حقّه من الدراسة والتمحيص والتأريخ، لكونه ملفا حسّاسا لم يتم التطرّق إليه بالقدر الكافي والوافي، مذكرا بأنّه من حق كل أفراد الشعب لاسيما الشباب الإلمام بكل التفاصيل والحيثيات والمحطات التاريخية بثورة الفاتح نوفمبر 1954، لتبقى شواهد خالدة تنير درب الأجيال القادمة.
وبدورهم نوّه بعض المجاهدين ورفاق درب الرجل، بالعمليات البطولية التي قام بها الرائد عز الدين، إبان الثورة التحريرية والتي كلّفته العديد من الإصابات في اشتباكات مع العدو الفرنسي، مشددين على ضرورة إعطاءه حقه ومكانته التاريخية ضمن القيادة العامة لأركان جيش التحرير الوطني سليل جيش التحرير الوطني، والكفّ عن تشويه سمعة هذا الرجل الذي يعترف به العدو قبل الصديق.
وفي ختام الندوة كرّمت جمعية مشعل الشهيد الرائد عز الدين، وبعض رفاق دربه ومجاهدين نظير يطولاتهم التاريخية الخالدة إبان الثورة التحريرية المباركة.