رئيس الجمهورية التونسية يزور الجزائر اليوم

ليبيا وفلسطين والتعاون الثنائي محور الزيارة

ليبيا وفلسطين والتعاون الثنائي محور الزيارة
  • 507
مليكة. خ مليكة. خ

يقوم رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد، اليوم، بزيارة دولة إلى الجزائر تلبية لدعوة من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، حيث سيجري الرئيسان محادثات حول وسائل وسبل تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين، كما سيتطرقان إلى الوضع الدولي والإقليمي خاصة في ليبيا وفلسطين المحتلّة، حسبما أعلنت عنه أمس، رئاسة الجمهورية في بيان لها.

وكان الرئيس التونسي، قد تعهد خلال تصدره نتائج الدور الأول لانتخابات الرئاسة التونسية، أن تكون الجزائر أول وجهة خارجية له في حال فوزه بمنصب الرئاسة، مؤكدا أن مصير تونس "مرتبط بدول الجوار".

وبذلك أصبحت زيارة رؤساء تونس للجزائر في أول نشاط خارجي عادة رئاسية، بعد أن اعتمدها الراحل الباجي قايد السبسي، ثم الوافد الجديد على قصر قرطاج قيس سعيّد، ما يكشف عن حقيقة مكانة الجزائر في قاموس ساسة تونس على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم، إذ كثيرا ما يصفون الجزائر بـ"الشقيقة الكبرى لتونس" ودرعها و حامية ظهرها.

وكثيرا ما يقر التونسيون بوقوف الجزائر إلى جانب بلدهم في مواجهة الإرهاب، بالإضافة إلى الخطوة الكبيرة التي قام بها الشعب الجزائري، عندما نزح سائحا إلى تونس وقد هجرها الجميع بعد الضربات الإرهابية التي أضرت بالسياحة سنة 2015، بمنطقة باردو وكذا الاعتداءات الإجرامية بالعاصمة التونسية في جوان 2019.

زيارة الرئيس التونسي لبلادنا  التي كانت مقررة سابقا، و تأجلت بسبب الظروف السياسية مرت بها الجزائر لاسيما مع تنظيم الانتخابات الرئاسية يوم 12 ديسمبر الماضي، علاوة على الظروف الداخلية لتونس، حيث فضّل قيس سعيّد، إعطاء الأولوية لاستقرار الوضع في بلاده.

وكان رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد، قد قام بزيارة قصيرة إلى الجزائر شهر نوفمبر الماضي، حيث أعلن عن زيارة مرتقبة للرئيس قيس سعيّد، مشددا على "ضرورة مواصلة العمل المشترك والتحديات المشتركة التي تواجه تونس والجزائر لا سيما "الأمنية" منها.

وأشار الشاهد، إلى "تنسيق مستمر بطريقة شبه يومية بين القوات الأمنية في تونس والجزائر"، داعيا إلى إحياء العلاقات في المجالين الاقتصادي والثقافي، في حين يرى متتبعون للشأن الجزائري  التونسي أن البلدين سيعلنان خلال هذه الزيارة عن "اتفاقات استراتيجية" هي الأولى في تاريخ الدولتين، لتعزز بالتالي العلاقات المتميزة تاريخيا.

وكان الرئيس التونسي، قد عبّر في رسالته بمناسبة احتفال الجزائر بالذكرى الـ65 لاندلاع ثورتها التحريرية، عن استعداده للارتقاء بالعلاقات الثنائية الأخوية إلى مستوى استراتيجي يعكس تاريخهما المشترك لتحقيق المزيد من الاندماج والتكامل خدمة للتنمية والاستقرار والأمن، في حين وصفت الجزائر فوز قيس سعيّد بالانتخابات بأنه مكسب تاريخي، ومن شأنه أن يعزّز و يعمّق "علاقات التعاون والشراكة الثنائية المتميزة في مختلف المجالات، بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين".

وتأتي زيارة قيس سعيّد أياما قليلة قبل احتفال البلدين بذكرى أحداث ساقية سيدي يوسف المصادفة لتاريخ 8 فيفري، حيث يعد يوما أليما بالنسبة للشعبين الجزائري والتونسي، بسبب اقتراف الجيش الفرنسي مجزرة وحشية بواسطة غارة جوية استهدفت مدنيين عزّل من الشعبين الشقيقين الجزائري والتونسي بالقرية الحدودية "ساقية سيدي يوسف" وهي تستعد كعادتها لاستقبال سوقها الأسبوعي.

وبذلك فإن هذه الزيارة التي تصادف هذا التوقيت بالذات تحمل رمزية كبيرة، إذ أنها   تعكس عمق العلاقات بين البلدين والتي اتسمت لعقود بالاستقرار، كما لم يسبق لها أن وصلت إلى القطيعة بسبب عامل التقارب الجغرافي و الثقافي وحتى التاريخي المشترك، فضلا عن إبرام الاتفاقيات المشتركة في مختلف المجالات لاسيما منها في الجانبين الاقتصادي و العسكري.

وقد تدعمت العلاقات الاقتصادية بين البلدين من خلال التوقيع سنة 2001، على الاتفاق الإطار الجديد للتعاون الصناعي الهادف إلى تطوير صيغ الشراكة والاستثمار المباشر بين البلدين. كما شهد حجم التبادل التجاري بينهما تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة.

وتجاوز عدد الاتفاقيات والبرامج التنفيذية المبرمة منذ 1963، بين البلدين 115 وثيقة من أهمها اتفاقية الإقامة لسنة 1963، والاتفاقية التجارية والتعريفية لسنة 1981، واتفاقية نقل المسافرين والبضائع والعبور عبر الطرقات البرية لسنة 2001، والاتفاق حول الترتيبات المؤقتة المتعلقة بضبط الحدود البحرية بين البلدين لسنة 2002.

وفي مجال السياسة الخارجية يتقاسم البلدان مواقف متطابقة إزاء العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وأبرزها الوضع في ليبيا، فمثلما ترفض الجزائر التدخل العسكري في هذا البلد، فإن تونس تجدد رفضها أيضا السماح باستخدام أراضيها للتدخل العسكري في جارتها الجنوبية، مرجّحتان الحوار السياسي بين كافة الأطراف الليبية.

كما رافعت الجزائر خلال ندوة برلين الأخيرة حول ليبيا، من أجل مشاركة دول الجوار في مسار حل أزمة ليبيا، في إشارة إلى إقصاء تونس من هذا الاجتماع ومحاولة تدارك ألمانيا ذلك في آخر لحظة، بتوجيه الدعوة لتونس في آخر لحظة. وهو ما لم تستجب له تونس بحكم أن الدعوة جاءت متأخرة.

وقد عقدت الجزائر مؤخرا، اجتماع دول الجوار الليبي بمشاركة تونس في محاولة إعطاء دفع لمسار التسوية السلمية في البلد الجار، في حين لم تتردد تونس في مساندة جهود الجزائر من أجل احتضان لقاء الحوار الليبي ـ الليبي. كما يتقاسم البلدان موقفهما بخصوص القضية الفلسطينية من خلال رفضهما صفقة القرن، إلى جانب الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلّة.