زغماتي مطالبا بإعادة النظر في الخارطة القضائية وتوظيف القضاة:

الحراك الشعبي كلّف القضاء بمحاربة الفساد

الحراك الشعبي كلّف القضاء بمحاربة الفساد
  • 699
زولا سومر زولا سومر

ألح وزير العدل حافظ الأختام بلقاسم زغماتي، على ضرورة إصلاح المنظومة القضائية في جميع جوانبها كتكوين وتوظيف القضاة وعصرنة وسائلها، وإعادة النظر في النصوص القانونية التي تعمل بها، واستحداث أحكام جديدة مسايرة للمرحلة ومتلائمة مع المعاملات المستجدة ومع أشكال الإجرام الجديدة.

كما أكد المتحدث أن الحراك الشعبي كلّف القضاء بمهمة ثقيلة تتمثل في محاربة الفساد وتحقيق العدالة والمساواة، مما يجعل هذا الجهاز مطالبا بتحقيق النوعية عن طريق إعادة النظر في الخارطة القضائية، ومراجعة منظومة توظيف القضاة بما يستجيب لتطلعات الشعب. مشيرا إلى أن هذه الهبّة الشعبية جعلت من القضاء "اليد القوية التي تحمي هذه المكاسب، وتضرب بقوة القانون كل ما من شأنه أن يعترض المسيرة التي بدأت البلاد تخطوها نحو التقدم".

وأوضح السيد زغماتي، خلال ورشة العمل جمعته بالنواب العامين ورؤساء المجالس القضائية للولايات أمس، بمقر وزارة العدل أن تحسين نوعية الأحكام القضائية تمر حتما عن طريق مراجعة منظومة توظيف القضاة وتكوينهم، وإعادة النظر في الخارطة القضائية بشكل يسمح بتوزيع عقلاني للموارد البشرية (القضاة) يأخذ بعين الاعتبار خبرتهم واستعدادهم لتبوء مناصب المسؤولية، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب أيضا إعادة النظر في تنظيم وسير وصلاحيات بعض الجهات القضائية بما يضمن تحقيق الفعالية وترشيد الموارد المالية.

وأفاد الوزير، أن تحسين أداء القطاع يتطلب عدة إصلاحات بما فيها تلك التي تخص النصوص القانونية لإصدار أحكام تتماشى مع المرحلة الحالية ومع أشكال الإجرام الجديدة، والتحكم في المسار الإجرائي الذي يحكم الدعوى القضائية مدنية كانت أم جزائية، والتي يتدخل فيها جميع الفاعلين في العدالة من قضاة وأسلاك أمانة الضبط وكذا الأسلاك التقنية ومساعدي العدالة.

وصرح السيد زغماتي، أن القاضي يشكل في كل هذا الانشغال المحوري بداية من استقلاليته والعناية ببعده الأخلاقي الذي يعد ركيزة مهمته لإضفاء المصداقية على عمله، معترفا بأن القطاع يواجه اليوم تحديات كبيرة بالنظر إلى "التركة الثقيلة الناجمة عن أسلوب التوظيف السابق الذي اعتمد الكم على حساب النوعية".

كما أعطى السيد زغماتي، تعليمات لتوسيع العمل بالخدمات الإلكترونية عن بعد، والاستغناء التدريجي عن الشكل الورقي بالمحاكم والمجالس القضائية، بما يسمح باقتصاد الجهد والمال وإلغاء مركزية إيداع العديد من الملفات. وفي هذا السياق دعا النواب العامين ورؤساء المجالس القضائية إلى اقتراح تصور شامل في هذا الموضوع بما يتماشى مع الإمكانيات المتوفرة.

 مراجعة قانون الإجراءات الجزائية وتفعيل العقوبات البديلة والوساطة 

وانصبت تدخلات بعض النواب العامين ورؤساء المجالس القضائية الذين تدخلوا خلال هذا اللقاء، حول تقديم اقتراحات تخص ضمان محاكمات عادلة وتحسين نوعية الأحكام القضائية، مركزين على ضرورة إعادة النظر في طريقة توظيف القضاة بوضع مقاييس تسمح باستقطاب النخبة من الطلبة، مع الاهتمام بالتخصص ومراجعة منظومة التكوين للحصول على موارد بشرية قادرة على إصدار أحكام نوعية تتماشى مع المعايير الدولية.

في هذا السياق تطرق محمد رقاد، رئيس مجلس قضاء ورقلة، إلى مشكل تكييف بعض التهم التي هي في الأساس عبارة عن جنح لكنها تكيف على أساس أنها جنايات كالسرقة مثلا فيشكل ذلك عبئا على المحاكم، حيث يؤدي إلى كثرة الملفات المطروحة على محكمة الجنايات مما يؤدي إلى الاكتظاظ، ويجعل القضاة مضطرين إلى الفصل في عدة ملفات في يوم واحد، وهو ما يؤثر على نوعية الأحكام التي قد لا تتماشى مع المعايير المعمول بها في الدول المتقدمة.

وألح المتدخلون على ضرورة اتخاذ إجراءات لتفعيل بعض القوانين السارية المفعول التي لا يزال تطبيقها "محتشما" خاصة ما تعلق بالعقوبات البديلة لتفادي إحالة المحكوم عليهم نهائيا على الحبس، وذلك باستبدال هذه العقوبة بالعمل لصالح النفع العام طيلة مدة العقوبة دون تلقي أجر، وهو القانون الذي تم سنّه عام 2009 ولا يزال تطبيقه ضعيفا بسبب لجوء الضحايا إلى الطعن في الأحكام المتعقلة بهذه العقوبة البديلة في أغلب الأحيان. كما شدد النواب العامون ورؤساء المجالس على ضرورة تفعيل العمل بإجراءات الوساطة والصلح في الجرائم البسيطة لتسويتها بطريقة ودية، دون تحريك الدعوى العمومية واللجوء إلى المحاكمة لتخفيف الضغط عن المحاكم.

وطالب رجال القانون وزير العدل، بإعادة النظر في طريقة تعيين المحلّفين الذين تتم الاستعانة بهم في محكمة الجنايات للفصل في القضايا إلى جانب القضاة، باعتبار أن هؤلاء المحلّفين تتم الاستعانة بهم من موظفي البلديات وغيرهم دون اشتراط أي مستوى تعليمي ما عدا إتقان القراءة والكتابة فقط. واقترح المتدخلون أيضا العودة إلى العمل بنظام التلبس، ومراجعة أحكام التصرف في المحجوزات، وكذا إيجاد حلول بديلة للتبليغ فيما يخص الأحكام الغيابية التي تمثل أغلبية الأحكام كونها أصبحت جد مكلّفة.