القضية الصحراوية
الرئيس الموريتاني يخلط حسابات الرباط
- 1080
عندما وصل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، إلى سدة الحكم في العاصمة، نواقشوط شهر جوان من العام الماضي، ابتهجت الرباط واستبشرت خيرا بهذا الفوز ليس حبا في الوافد الجديد على قصر الرئاسة في هذا البلد، ولكن على أمل أن تكون مواقفه تجاه جبهة البوليزاريو مناقضة تماما لتلك التي تمسك بها الرئيس المغادر محمد ولد عبد العزيز، تجاه القضية الصحراوية، جعل الرباط تنظر إليه على أنه عدو للوحدة الترابية المغربية المزعومة في الصحراء الغربية.
ولأن الرئيس الجديد يدرك حساسية ملف هذه القضية ولعبة التوازنات الاقليمية والدولية بشأنها جعله ينتهج موقفا حذرا احتفظ من خلاله بموقف بلاده تجاه الصحراء الغربية، رغبة منه في عدم ترضية طرف وإثارة غضب طرف آخر.
ورغم أن هذا الموقف أبان عن رغبة السلطات الموريتانية الجديدة، على البقاء بعيدا عن تجاذبات القضية إلا أن ذلك لم يمنع الرباط من إبداء غبطتها بهذا الموقف الذي اعتبرت أنه يخدم منطقها التوسعي، ضمن تصريحات المسؤولين المغربيين ووسائط الدعاية فيه.
فكلما حل مسؤول سياسي أو أمني موريتاني بالعاصمة الرباط، إلا أسرعت المنابر المغربية إلى اعتبار ذلك مكسبا دبلوماسيا لها على حساب جبهة البوليزاريو، وبقناعة أن نواقشوط سحبت البساط من تحت أقدام هذه الأخيرة واصطفت وراء خيارتها لضم الصحراء الغربية.
ولم يكن ذلك في الحقيقة سوى حلم يقظة انتاب المخزن المغربي لعدة شهور، راح خلالها يتودد حينا لجارته الجنوبية وتهديده إياها أحيانا أخرى في تكريس لمنطق الأبوية التي يريد فرضها على هذا البلد، ضمن منطق خياراته التوسعية التي مازالت تعتبر هذا البلد امتدادا طبيعيا لنظام علوي، يحلم في إقامة مملكة تمتد من سبتة ومليلية المحتلتين إلى مدينة روسو الموريتانية على الحدود السينغالية.
وخابت أحلام القصر الملكي وسقطت في الماء بعد أن أكد الرئيس الموريتاني، أن موقف بلاده تجاه قضية الصحراء الغربية "لم يتغير ولن يتغير وهو الاعتراف بالجمهورية الصحراوية، بقناعة أن ذلك من ثوابت سياسة بلاده الخارجية، وسياسة الحياد الإيجابي الذي تنتهجه وبقائها على نفس المسافة من طرفي النزاع.
وهو الموقف الذي أصاب أعلى هرم السلطة المغربية بصدمة مازالت ارتداداتها قائمة إلى حد الآن، في ثنايا القصر الملكي الذي أخلطت حساباته، وهو الذي كان يمنّي نفسه كسب السلطات الموريتانية إلى جانب طروحاته التوسعية في الصحراء الغربية. وبسبب ذلك بقي القصر الملكي، يتعامل مع الموقف بحذر شديد بمنطق الأبوية العلوية وبما يتماشى مع نزعته الاستعمارية، التي لا تقبل أبدا أن تتجرأ نواقشوط، باتخاذ موقف يزعجه أو استقبال مسؤولين صحراويين وكأن موريتانيا ولاية مغربية.
وكان وقع الصدمة قويا في أعلى هرم السلطة المغربية، كون تصريحات الرئيس الموريتاني، جاءت مباشرة بعد استقباله وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في قصر الرئاسة وتأكيده على رغبة بلاده ترقية علاقاتها مع موريتانيا.
وفهم المغرب أن تصريحات الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، لم تكن بريئة من حيث مضمونها وسياقها الزمني، بما يفسر بقاء الرباط في موقف المنتظر لما ستؤول إليه الأوضاع بعد هذا التصريح، وتركت وسائل إعلامها تنوب عنها بانتقادات لاذعة باتجاه الرئيس الموريتاني، الذي تحول فجأة وفق منظورها من صديق محتمل إلى عدو مؤكد، في انتظار ما سيسفر عنه الغد القريب من تطورات.