كابوس كورونا

مؤشرات إنسانية واقتصادية كارثية

مؤشرات إنسانية واقتصادية كارثية
  • 628
❊  م. مرشدي ❊ م. مرشدي

مع بزوغ فجر كل يوم تحصي منظمة الصحة العالمية آلاف المصابين الجدد بفيروس "كورونا "وعلى أوسع نطاق، دون الحديث عن عدد الضحايا السائر في الاتجاه التصاعدي  حيث تجاوز أمس 13 ألف ضحية وسط حرب دعائية حول من ينتج أول لقاح يوقف زحفه ويعيد للبشرية توازنها وسكينتها.

وأحصى العالم إلى غاية أمس أكثر من 300 ألف مصاب توزعوا بنسب متفاوتة على 195 دولة، 150 الف من بينهم في دول القارة الأوروبية التي أحصت لوحدها  أكثر من 7500 ضحية، خمسة الاف من بينهم في إيطاليا و81 ألف في الصين التي سجلت 3300 وفاة.

وعكست هذه الأرقام حقيقة الكارثة التي تترصد البشرية في مشهد  يوحي بأننا على عتبة نهاية العالم، وجعلت شعوبه يبعثون برسالة استباقية وقائية في نداء تضامني مفاده "أغلقوا أبوابكم"، "ابقوا في منازلكم" تداوله سكان المعمورة فيما بينهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، تأكيدا على تضامن شعوب العالم فيما بينها، وقناعتهم أن الوباء عالمي وخطره لا يستثني أحدا، نداء فرض نفسه بعد أن حولت تكنولوجيا الاتصال الجديدة، العالم إلى قرية صغيرة توحدت فيها المشاعر، بعد أن بلغ عدد المصابين بهذا الداء رقما مرعبا بفعل طريقة انتقال العدوى وخطورة الداء على البشرية جمعاء.

ولم تكن تونس العضو غير الدائم في مجلس الأمن الدولي مخطئة عندما دعت إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لبحث تداعيات انتشار الفيروس الذي أكدت أنه تحول إلى خطر على الأمن والسلم الدوليين، وهي التي اقنعت بأن الإجراءات الوطنية التي اتخذتها كل دولة أكدت محدودية تأثيرها على وضع ما انفك يزداد  خطورة، وهو ما يستدعي إجراءات عاجلة يتعين على مجلس الأمن اتخاذها لدعم جهود الدول الوطنية والإقليمية لاحتواء هذه الجائحة وتوفير الإمكانيات الضرورية للتصدي لها.    

وهو ما يفسر المخاوف الدولية من الحالة الإيطالية التي تحولت إلى كابوس حقيقي لدول العالم التي بدأت تخشى استفحال الداء، كما جعلت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي استهان بالأمر مع صديقه الوزير البريطاني بوريس جونسون يعيدان النظر في مواقفهما المستهزئة من الداء، فحتمت على الرئيس الأمريكي مطالبة نواب الكونغرس الموافقة على خطة إنقاذ بألف مليار دولار لمواجهة تبعات الداء والآثار الكارثية التي خلفها على الاقتصاد الأمريكي الذي لم يسبق أن واجه انكماشا بمثل الذي يواجهه في الوقت الراهن.

وهي إجراءات قد تبدو من الوهلة الأولى عملاقة وغير مسبوقة ولكنها قد تصبح غير ذات معنى في ظل موجة جديدة لانتشار الداء في عدد من البلدان الآسيوية التي تبقى أكبر متعامل اقتصادي مع الولايات المتحدة، وانهيار اقتصاداتها يعني أن ذلك سيكون وبالا على الاقتصاد الأمريكي حتى في حال تمكن الرئيس الأمريكي من اقناع نواب الكونغرس بالموافقة على ضخ ذلك المبلغ الخيالي في دواليب اقتصاد بلغ مرحلة الانكماش وبما يجعل مهمة إعادة بعثه من جديد على سكة النمو الإيجابي تتطلب آلاف الملايير، والأكثر من ذلك عشرات السنوات.