الخبير الاقتصادي والبرلماني عبد المجيد دنوني لـ"المساء":

تقليص الواردات إلى 30 مليار دولار باعتماد 3 آليات اقتصادية

تقليص الواردات إلى 30 مليار دولار باعتماد 3 آليات اقتصادية
النائب البرلماني والخبير الاقتصادي ونائب رئيس الجمعية البرلمانية للمتوسط عبد المجيد دنوني
  • 465
❊ حوار: حنان حيمر ❊ حوار: حنان حيمر

أكد النائب البرلماني والخبير الاقتصادي ونائب رئيس الجمعية البرلمانية للمتوسط عبد المجيد دنوني، أهمية القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية مؤخرا، والقاضي بتقليص فاتورة الاستيراد إلى 30 مليار دولار، واصفا إياه بـ«القرار الجيد"، حيث قال إن الجزائر بإمكانها تحقيق ذلك عبر ثلاث آليات اقتصادية يمكن الاعتماد عليها، مشيرا في حوار مع "المساء" إلى أنه أشرف قبل 4 سنوات على دراسة، خلصت إلى إمكانية تحقيق ذلك، بدون إحداث أي ندرة في السلع التي يحتاجها المواطن.

المساء: أعطى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مؤخرا تعليمات بتقليص الواردات إلى 30 مليار دولار سنويا. كيف تصفون القرار وهل الجزائر قادرة على تقليص الواردات إلى هذا المستوى؟

السيد دنوني: القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية بتخفيض الواردات، جيد، ونحن قادرون على تحقيقه. فمنذ أربع سنوات ونحن نتحدث عن هذا التخفيض، لأن ذلك يعد ضرورة لبلادنا، والجزائر يمكنها أن تقلص وارداتها إلى 30 مليار دولار بدون أي يشعر الشعب بأي نقص أو ندرة في السلع، بل أنه سيجد كل المواد في السوق. وقد قمنا في عهد وزير التجارة الأسبق المرحوم بختي بلعايب بدراسة وتحدثنا عن نتائجها، ومنها أن الجزائر يمكنها أن تعيش بـ30 مليار دولار واردات، دون أن يشعر المواطن بأي اختلاف أو أي ندرة في الأسواق. وكنت قد طالبت بهذا، وسعيد اليوم لكون الرئيس استجاب لهذا المطلب الملح.

س / ماهي الآليات التي تقترحونها للوصول إلى هذا المستوى من الواردات؟

ج/ أولا، ينبغي وضع بنك معلومات على مستوى الجمارك يسمح للمتعاملين بالمعرفة الدقيقة للمواد المستوردة، وهل يمكن إنتاجها محليا، لتنويع الاقتصاد وخلق اقتصاد جديد واستثمارات جديدة في القطاعات التي نستورد فيها. وثانيا، لابد من تبسيط مناخ الاستثمار، لاسيما بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومنح تسهيلات للمستثمرين الذين يقومون بإنتاج ما يتم استيراده حاليا، في إطار سياسة "استبدال الواردات".

ثالثا، يجب القضاء على تضخيم الفواتير، حيث يمكن القيام بذلك عبر وضع بنك معلومات لأسعار كل السلع المستوردة من الخارج على مستوى الجمارك، لأن 30 بالمائة من الواردات عبارة عن تضخيم في الفواتير، وهو ما أدى إلى استنزاف احتياطات الصرف. فاليوم الدولة صارمة ووضعت ميكانيزمات ونحن ندعم هذه الميكانيزمات التي ننادي بها منذ مدة، لأننا نعتبرها الطريقة الأنجع لإنعاش الاقتصاد. فيجب الاتكال على الاقتصاد الوطني والمتعاملين الوطنيين، ويجب وضع الثقة فيهم مع محاسبتهم بعد ذلك. وأقول أن هناك متعاملين نزهاء، يمكنهم المساهمة في تطوير اقتصادنا.

س/ تم اللجوء في السابق إلى آليات مختلفة لمحاولة التقليص من الواردات، ومنها وضع تراخيص للاستيراد، ومنع استيراد بعض المواد، وأخيرا فرض رسوم على بعض المواد المستوردة بالتفاوت. لكن النتيجة لم تكن مرضية لغاية الآن. ما مدى فعالية مثل هذه الآليات حسبكم؟

ج/ أقول إنه يجب استعمال ميكانيزمات اقتصادية لتسيير الاقتصاد، فبالنسبة لتراخيص الاستيراد، أعتبر أنها كانت كارثة، لأنها خلقت مشاكل كبيرة منها المحسوبية، الاحتكار، التواطؤ بين بعض المتعاملين الاقتصاديين والمضاربة ، بل أنها خلقت مافيا.. ولذلك لابد من تجنب كل هذه الأمور وتسيير كل ما يتعلق بالاستيراد بميكانيزمات اقتصادية.

بالنسبة للمنع، فأنا مع منع استيراد بعض المواد الكمالية و«التافهة"، مثل المايونيز منعا باتا، أما بالنسبة لباقي المواد فاللجوء إلى فرض رسوم متفاوتة حسب حاجة السوق الوطنية إليها، يبدو أمرا معقولا.

وأشير هنا إلى أن الفاتورة الإجمالية لواردات الجزائر من الأدوية والمواد الغذائية، لا تتجاوز 7 ملايير دولار سنويا. وهو ما يعني أن الإجراءات المتخذة لن تمس بحاجيات المواطن الأساسية. لكن ما يجب التأكيد عليه، هو أن هناك علاقة بين التجارة الخارجية والتجارة الداخلية، فلابد من تنظيم الأسواق وخلق مساحات تجارية كبرى وخلق تعاونيات فلاحية، من أجل امتصاص الفائض من الإنتاج الفلاحي، وتوفير غرف التبريد.. ولابد من تنظيم الأسواق بطريقة عقلانية وعلمية، وهذا العمل تقوم به وزارة التجارة، بالتعاون مع وزارة الفلاحة مع استشارة المتعاملين الاقتصاديين النزهاء الفاعلين في السوق والخبراء، الذين يجب التعويل عليهم، وأن تعمل الدولة معهم يدا بيد. وإذا لم تسر الأمور كما يجب، يمكن العودة إلى تنظيم السوق السابق القائم على مؤسسات ودواوين تابعة للدولة وأسواق الفلاح، لكن بعد انجاز دراسات في هذا المجال، مع إشراك رؤوس أموال وطنية عمومية وخاصة. فلا يمكن أن تتواصل الرقابة دون تنظيم، ولابد من تنظيم الأمور بميكانيزمات اقتصادية، وفي برنامج الحكومة توجد هذه الأمور، وفي الاخير نتمنى فقط أن تسمح الظروف الاقتصادية والصحية بإنجازها ونتمنى الخير لبلادنا.