بابا الفاتيكان يحيي أعياد الفصح تحت شبح فيروس كورونا

ترامب يعترف بقلة حيلته ويطالب مواطنيه بالاستعداد لأسبوع كارثي

ترامب يعترف بقلة حيلته ويطالب مواطنيه بالاستعداد لأسبوع كارثي
  • 654
م. مرشدي م. مرشدي

أحيا بابا الفاتيكان، أمس، أعياد الفصح المسيحي في كاتدرائية القديس، بيار في العاصمة الايطالية، روما وقد هجرها مرتادوها إلا من أقرب مساعديه، ضمن صورة استثنائية وسابقة لم يعرفها أتباع الديانة المسيحية، أكدت حجم الآثار الكارثية التي خلفها  فيروس كورونا على كل البشرية، وحرم آلاف المسيحيين من التوافد ككل عام على ساحة الكنيسة الرمز واكتفوا بمتابعة كلمة البابا فرانسوا على شبكات التواصل وموقع الفاتيكان. 

وهي حادثة ستبقى في التاريخ، أعقبتها أخرى عندما اضطرت  حاملة التاج البريطاني، الملكة اليزابيث الثانية، مساء أمس، وهي في سن الثالثة والتسعين على مخاطبة رعاياها وشعوب دول  الكومنولث في رابع خطاب تقليه منذ اعتلائها عرش المملكة المتحدة قبل 68 عاما، حيت من خلاله تجاوب البريطانيين مع إجراءات الحجر الصحي ورهان التحدي الذي رفعوها لمواجهة هذا الداء.

وعكست هاتان الحادثان الوقع الذي ستتركه هذه الجائحة على شعوب العالم وآثارها التي ستبقى شبحا مخيما على كل المعمورة  سواء على نفسية ساكنتها أو من حيث تبعاتها الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية.

وارتفعت حصيلة ضحايا الفيروس إلى أكثر من 66 ألف شخص مواصلة منحناها التصاعدي في كل العالم وفق متتالية "لوغاريتيمة" استعصى على كل المختصين التنبؤ بموعد توقفها وانتهاء البلاء الذي خلفته.

وواصل منحنى الموتى ارتفاعه بشكل مضطرد مع ارتفاع عدد المصابين ضمن رقعة جغرافية شملت 190 دولة بلغت أمس حدود 1,3 مليون شخص في العالم وهي وتيرة لم تعرف هي الاخرى توقفها رغم تراجع عدد الإصابات والوفيات في ثلاث بؤر كبيرة، في كل من إيطاليا وإسبانيا وإيران والتي سجلت لأول مرة مثل هذا التراجع على نقيض السرعة القصوى التي عرفها تفشي الوباء في الولايات المتحدة التي سجلت أكبر عدد الإصابات وأعلى حصيلة وفيات.

ورغم هذه المتتالية التي حبست أنفاس البشرية إلا أن الأمل يبقى قائما في ظل النتائج الايجابية لخلاصات العلاجات التي يتم إخضاع المصابين لها والتي سمحت بتعافي، حسب إحصائيات عالمية حوالي 234 ألف شخص ممن غادروا المستشفيات التي مكثوا فيها لأكثر من أسبوعين، المدة التي حددها علماء الجراثيم للتأكد من ظهور الفيروس ومدة القضاء عليه في جسم الانسان، 77 ألف من بينهم تماثلوا للشفاء في الصين التي عرفت ظهور أولى حالات الداء وكانت أيضا أول بلد يخرج من محنته الصحية برفع الحجر الطبي أول أمس على مدينة يوهان أول بؤرة داء في العالم.

ويجهل إلى حد الآن ما إذا كان إسراع السلطات الصينية إلى فرض هذا الإجراء الوقائي هو السبب المباشر في احتواء الوضع الوبائي في اقل من ثلاثة اشهر ام انها استعملت لقاحات فورية ساعدتها في الحد من عدد الوفيات خلال الايام الاولى لتفشي الجائحة.

وأحصت الولايات المتحدة ضمن هذا المنطق الحسابي اكثر من 315 الف مصاب بعد أن كان هذا الرقم نهاية الاسبوع في حدود 120 ألف مصاب مما جعل المستشفيات الامريكية تضيق بأعداد نزلائها حتى بعد إقامة عشرات مستشفيات الطوارئ في محاولة لمواجهة الضغط الذي تعانيه المستشفيات الموجودة.

وخرج الرئيس الامريكي، دونالد ترامب، على شعبه أمس مبهوتا  وعاجزا عما يجب القيام به، سوى القول محذرا بأن "الولايات المتحدة دخلت فعلا مرحلة مرعبة وبأرقام مخيفة" وهي حقيقة وقف عليها الراي العام الامريكي، قبل اليوم بمجرد إصدار خبراء الصحة الامريكيين بما فيهم العاملين في البيت الابيض تحذيراتهم بأن  قادم الايام سيحمل مفاجآت غير سارة إن لم نقل كارثية ضمن  حقائق طبية قابلها الرئيس، ترامب بسخرية ولامبالاة، ما لبث ان تأكد  ولكن بعد فوات الاوان انه استهان بأمر عظيم.

وفقد الرئيس الامريكي في لقائه الصحفي اليومي على عتبة البيت الابيض تلك اللهجة الحادة والتهكمية في رده على اسئلة الصحفيين وراح يتحدث بلغة الفاقد لكل حيلة في مواجهة داء خارج نطاق التحكم واكتفى بالقول باتجاه 320 مليون أمريكي أنه أسوا  أسبوع سنواجهه بأكبر عدد من الوفيات" إذعانا منه للأمر الواقع الذي فرضه الفيروس على البشرية، بفارق أن دولا تعاملت معه بجدية واخرى بازدراء وسخرية على غرار الرئيس البرازيلي والوزير الاول البريطاني رغم أن ما عاشته ايطاليا واسبانيا وفرنسا وايران مازال ماثلا للعيان.

ويتوقع في سياق هذه التطورات اليومية أن تدخل الولايات المتحدة مرحلة الذروة التي قد تمتد على مدى اسبوعين كاملين وسط توقعات تشاؤمية جعلت المختصين الامريكيين حتى في هيئات الرسمية الامريكية  ينتظرون كارثة انسانية قد تؤدي بحياة ما لا يقل عن 240 ألف ضحية.

ويبقى هذا الرقم مخيفا من شأنه التعجيل بتهاوي شعبية الرئيس الامريكي باتجاه الحضيض بعد أن تعالت أصوات في الولايات المتحدة حملته تبعات هذه الكارثة متهمة إياه بالتراخي في التعاطي مع خطر الوباء رغم انه انتشر متأخرا في الولايات المتحدة مقارنة بدول القارة الأوروبية وقبلها الصين وكوريا الجنوبية ضمن برهة زمنية كان بإمكانه استغلالها لاتخاذ إجراءات استباقية للتخفيف من وطأة الداء على مواطني بلاده.    

وفي وقت أسود الأفق أمام الامريكيين الذين حبسوا أنفاسهم وسط تحذيرات رئيسهم، بدأ بصيص أمل يسكن نفوس الايطاليين، بعد تأكيد مصالح الصحة الايطالية تراجع ولأول مرة منذ شهر عدد حالات الاصابة والعلاج المكثف ضمن تحول إيجابي وقفت عليه ايضا السلطات الاسبانية التي تراجع فيه عدد المصابين والوفيات مما خفف العبء على مستشفيات هاتين الدولتين وعلى جهود الطواقم الطبية التي دخلت حربا حقيقية في مواجهة فيروس خفي يضرب متى شاء واينما حل.