الخبير الدولي في الاستثمار الصناعي محمد سعيود لـ "المساء":
يجب الإسراع في التنفيذ الفعلي لإلغاء قاعدة 49/51
- 744
دعا المستشار الدولي في مجال الاستثمار الصناعي، محمد سعيود، إلى الإسراع في تجسيد قرارا إلغاء قاعدة 49/51 المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية المباشرة، في أقرب الآجال، مشيرا إلى أن الهيئات المعنية بالاستثمار لم تتلق لحد الآن، أي تعليمات بخصوص إلغاء القاعدة، ما يعطل، حسبه، تنفيذ مشاريع أجنبية في وقت تحتاج فيه البلاد إلى إنشاء شركات إنتاج في عدة ميادين، من أجل خلق وظائف جديدة وثروات وقيمة مضافة، لاسيما في ظل الأزمة التي أنتجها فيروس كورونا من جهة وانهيار أسعار النفط من جهة ثانية.
وكشف المستشار الدولي في تصريحات لـ"المساء" أنه تقدم بملفات استثمار لأجانب عبر مكتبه المتخصص في استشارات الاستثمار الصناعي، لكن الهيئات المعنية باستقبال الملفات رفضت استلامها، مبررة ذلك بكونها لم تتلق أي تعليمات بخصوص إلغاء القاعدة 49/51 بشكل فعلي.
وأكد على ضرورة حل هذا الإشكال من أجل مواجهة الوضع الراهن الذي تسبب فيه وباء كورونا، الذي اعتبره "مأساة حقيقية للاقتصاد الجزائري والعالمي بصفة عامة وضربة موجعة وغير متوقعة".
وإذ أشار إلى أنه "لا يمكن إنكار الآثار الاجتماعية والاقتصادية التي جرها الوباء على البلاد، لاسيما وأن الجزائر تعتمد على قطاع المحروقات بالدرجة الأولى، والذي يشهد حاليا انخفاضا كليا في الأسعار والإنتاج"، عبر المستشار الدولي عن يقينه بأن "ما بعد كورونا، ليس نهاية العالم، وأن هناك حلولا اقتصادية ملموسة، يمكن تطبيقها للخروج من الأزمة، معتبرا أن تنويع الاقتصاد وفتح المجال واسعا أمام الاستثمار المنتج أصبح أمرا حتميا.
فالوضع الراهن ينذر بدون شك بزيادة في معدلات البطالة وظهور مشاكل اقتصادية مختلفة، كما أوضح الخبير محمد سعيود، الذي قدر بأنه يتعين على الدولة اليوم القيام بجملة من التدابير والإجراءات المستعجلة، بغية معالجة الوضع والخروج بأدنى الأضرار من الأزمة الراهنة، لاسيما وأنها جاءت بعد عام من الجمود في 2019 بسبب الأوضاع السياسية التي سادت حينها.
وقال في هذا الصدد "حان الوقت من أجل العمل على تنويع وتعزيز الاقتصاد الوطني، الذي لا يمكن أن يستمر في الاعتماد فقط على قطاع المحروقات، وذلك من خلال تشجيع الاستثمار الصناعي في عدة قطاعات، أهمها الفلاحة والسياحة والصناعات الغذائية وتكنولوجيات الإعلام والاتصال"، مشيرا إلى ضرورة الاستعجال في ذلك ورفع شعار "الوقت هو المال".
تشجيع الاستثمار المنتج يحتاج لحوالي 10 ملايير دولار
في نفس السياق، اقترح محدثنا، ضخ حوالي 10 ملايير دولار من طرف الحكومة على شكل قروض توجه للاستثمار المنتج – ليس على طريقة أونساج- مع التوقف عن أساليب العمل القديمة التي تعطل إقامة مشاريع حيوية، منتقدا الدور الذي قامت به هيئة "كالبيراف"، حيث قال في هذا الصدد، أن المستثمر لا يمكنه انتظار 5 سنوات لانجاز مشروعه.
وذكر المستشار بتصريحات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، التي تأسف فيها لعدم تمكننا من إنتاج أجهزة كهرومنزلية تكون مصنوعة محليا مائة بالمائة، رغم أن الجزائر تملك كفاءات وخبرة علمية لابأس بها في مختلف المجالات.
في هذا السياق، أكد أن الكفاح الجماعي الذي خاضه الجزائريون ضد فيروس كورونا، "أظهر مهارة هذه الكفاءات وإمكانياتها ما يمكن اعتباره نموذجا اقتصاديا جديدا يقوم على التنمية واقتصاد المعرفة، بالإضافة لكونه سياسة جديدة للتصنيع، موجه نحو الصناعات الصغيرة والمتوسطة والناشئة".
وذكر في هذا الصدد بسياسة الرئيس الصناعية، قائلا أنه "في الميدان الصناعي أكد رئيس الجمهورية على أهمية إعطاء الأولوية للمنتجات التي تكفل معدل إدماج مرتفع، بغية تخفيض فاتورة الاستيراد وإيجاد فرص العمل، مع إصدار تعليمات، بنفس الطريقة، تحدد فيها جميع الموارد الطبيعية الوطنية غير المستغلة، بغية تعزيز قدرتنا على التصدير، والتعويض عن انخفاض إيرادات النفط والغاز والحفاظ على هذه الثروة للأجيال القادمة وحمايتنا من عدم الاستقرار في عائدات النفط. كما دعا إلى ضرورة تنمية الموارد البشرية من أجل كسب الرهان، للتغلب على آثار وباء كوفيد- 19".وبالنسبة للخبير، فإن سلسلة الانهيارات في الأسعار لن تتوقف على النفط فقط، وإنما ستشمل مواد أولية أخرى مثل النحاس، الرصاص، النيكل، الصويا، الذرة، اليانسون، زيت النخيل والقمح والسكر. وهذا الأمر ينذر، حسبه، بحدوث "أزمة اقتصادية عالمية"، تؤدي إلى انهيار في سوق البورصة، وانخفاض في قيمة الدولار وإلى ركود عالمي.
وأوضح في هذا الشأن "إن الأزمة الاقتصادية لن تنتظر طويلا، حيث أن كل المؤشرات تتحدث عن وقوعها قريبا، لذا يتعين، حسبه، أن "نطلق صفارات الإنذار وأن نعمل على تحرير الاستثمار الخاص ومباشرة الإنتاج لتعزيز الاقتصاد الجزائري بنسيج صناعي أكثر كثافة، من أجل خلق قيمة مضافة وفرص عمل تولد الثروة، مع العمل على تنويع الاقتصاد الوطني من خلال إنشاء مناطق صناعية مجهزة بوسائل الإنتاج مختلفة الأسطح وتأجيرها بأسعار جذابة للمستثمرين المحليين والأجانب..".
كما أشار محدثنا إلى أن خلق صناعة حقيقية وتحرير الاستثمار، لايقوم فقط على توفير العقار الصناعي، وإنما يتطلب كذلك اتخاذ جملة من الإجراءات، كمراجعة النظام المصرفي وطرق الدفع ووسائل نقل البضائع والأشخاص وحل مشاكل البيروقراطية، إضافة إلى تخفيف الضرائب على المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعزز الاستثمار والإنتاج مع تجسيد قرار إلغاء قاعدة 51/49 للاستثمارات الأجنبية المباشرة في أقرب وقت، من أجل استقطاب استثمارات أجنبية، دون إغفال أهمية تكوين الموارد البشرية وكذا تولي المسؤوليات من طرف مسيرين أكفاء.
واعتبر أن القيام بمثل هذه التغييرات، سيؤدي حتما إلى ارتفاع عدد الاستثمارات، مشيرا إلى أنه يستقبل يوميا في مكتبه مستوردين يريدون اليوم خوض تجربة الإنتاج المحلي، لكن الصعوبات التي يلاقونها ميدانيا تمنعهم من تحقيق ذلك، في وقت تحتاج فيه الجزائر إلى كل طاقاتها المحلية لتطوير اقتصادها.وخلص الخبير الدولي محمد سعيود إلى أنه "يتعين علينا أن نظل متفائلين مع هذه الحكومة، التي من الممكن أن تتحرك بسرعة ومن دون إهدار الوقت، لتشجيع الاستثمار الإنتاجي والتنويع الاقتصادي، حتى نتوقف تماما عن الاعتماد على موارد المحروقات".