أخصائي الطب الداخلي بمستشفى لندن عزام العنتري لـ"المساء":
لقاح "أكسفورد" آمن وفعّال وسيسوّق بعد شهرين

- 1032

أكد الدكتور عزام العنتري، الأخصائي في الطب الباطني وطب الأسرة بمستشفى لندن، في حوار مع "المساء"، أن اللقاح الذي طورته جامعة "أكسفورد" "فعّال وآمن بالنظر لخلقه مناعة تصل إلى 100 بالمائة بعد الجرعة الثانية، مع أعراض جانبية تنحصر في حمى خفيفة وآلم في الرأس"، متوقعا طرح هذا اللقاح في الأسواق بعد شهرين من الزمن مع تسويقه بأسعار معقولة، حيث استند في حديثه إلى التعهدات التي أطلقها الفريق الطبي الذي اكتشف اللقاح، فضلا عن وجود عدد من اللقاحات الأخرى التي يجري تطوريها، والتي ستسمح بكسر الأسعار المعتمدة. كما دعا المتحدث بالمناسبة الشعب الجزائري إلى التقيد بشروط الوقاية والتحلّي بالوعى وعدم الانسياق وراء ما يشاع هنا وهناك من أجل تجاوز الأزمة الوبائية بسلام.
المساء: جامعة "أكسفورد" تقدمت في سباق اكتشاف اللقاح الخاص بكوفيد 19، هل لكم أن تشرحون لنا خصوصية هذا اللقاح الذي يحظى بمتابعة بكثير من الاهتمام؟
عزام العنتري: نشرت مجلة "ذي لانسيت" نتائج البحث التي كانت لافتة للانتباه.. وهي مجلة لا تنشر إلا الأبحاث المرموقة، حيث أكدت أن نتائج البحث الخاصة باللقاح كانت جد إيجابية، مما يجعلنا نحكم على اللقاح بأنه آمن وفعّال كونه مزدوج الدفاع، حيث يمكن من إنتاج أجسام مضادة والخلايا "التائية" التي تتعرف على الخلايا المصابة وتقوم بقتلها. وفيما يخص نسبة الفعالية فقد أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين تلقوا جرعة واحدة من اللقاح كانت لديهم نسبة مناعة بنسبة 90 بالمائة، فيما تصل إلى هذه النسبة إلى 100 بالمائة بالنسبة للأشخاص الذين تلقوا جرعتين. كما أن الأعراض الجانبية كانت خفيفة وانحصرت في حمى خفيفة وبعض الألام في الرأس لمدة يومين، تم علاجها عبر تناول البراسيتامول، وهذا على إجمالي العينة الاختبارية التي كان تعدادها 1077 شخص.
❊س: العديد من الجامعات وشركات إنتاج الأدوية تطور هي الأخرى لقاحات ضد كورونا، هل يمكن أن تحدد لهذه اللقاحات الخصوصية التي تميز لقاح فريق جامعة "أكسفورد"؟
❊❊ج: طبعا هناك تنافس بين العديد من المختبرات في العالم لتطوير لقاحات ضد هذا الفيروس الذي فتك بالعديد من الأرواح في الأشهر القليلة الماضية، ونحن نشجع البحث لأنه موجه لإنقاذ البشرية، حاليا يوجد 140 لقاح يتم تطويره، حيث يوجد منها 23 لقاحا في المرحلة السريرية و10 لقاحات في المرحلة الأولى من التجريب و9 في المرحلة الثانية و4 في المرحلة الثالثة، من بينها لقاح جامعة "أكسفورد"، الذي مثلما سبق وأن قلت هو آمن وفعّال ومزدوج الدفاع، مع أعراض جانبية لا تكاد تذكر. والعينة الاختبارية التي يشتغل عليها فريق "أكسفورد" كبيرة جدا، حيث انتقل إلى خارج بريطانيا، وأجرى تجاربه التي يتابعها على 30 ألف مصاب بالولايات المتحدة الأمريكية و2000 حالة بجنوب إفريقيا و5000 حالة أخرى بالبرازيل. وبعد انتهاء من هذه التجارب ستكون النتائج نهائية ويتم بالتالي طلب الحصول على التصريح لإنتاج اللقاح.
❊س: عمليا متى يطرح اللقاح في الأسواق؟
❊❊ج: بمجرد الانتهاء من تأكيد النتائج النهائية التي يتابعها فريق "أكسفورد" بكل من الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل وجنوب إفريقيا، سيتم استكمال الإجراءات من أجل الحصول على التصريح الخاص بالإنتاج، وأتوقع أن يكون ذلك في أجل أقصاه شهرين.. لأن العمل تقدم كثيرا والنتائج في الاتجاه الصحيح.
❊س: بالنسبة لأسعار اللقاح هل تعتقدون بأنها ستكون في متناول الدول الفقيرة؟
❊❊ج: فريق "أكسفورد" أكد في البداية بأنه نذر نفسه للبحث عن اللقاح ولم يظهر اهتمامه التجاري. وتعهد بعدم أخذ مقابل على الأتعاب التي كلّفتها الدراسات بخصوص اللقاح، وبأن هذا الأخير سيسوّق بسعر الإنتاج. بالإضافة إلى هذا، فإنه مهما كان الأمر في البداية فالأسعار سيتم تحطيمها بعد شهر أو شهرين من طرح اللقاح لأن جهود كبيرة تجريها المختبرات وشركات الأدوية لإنتاج لقاحات تعالج الفيروس، ما سيجعل اللقاحات متوفرة وبالكمية الكافية، وبالتالي فإن مشكل الأسعار لن يطرح في نظري، على اعتبار أن أنظار العالم مشدودة نحو غاية واحدة وهي القضاء على الوباء والعودة للحياة العادية. واللقاحات الأربعة التي تعرف تقدما في التطوير في الوقت الحالي ستوفر بالكميات المطلوبة.
❊س: هناك تساؤلات حول مدة صلاحية اللقاح أي مدة المناعة التي يخلقها في الجسم، ما هي المعلومات المتوفرة لديكم في هذا الشأن؟
❊❊ج: في علم المناعة، لا يمكن تحديد مدة فعالية أي لقاح إلا بعد ملاحظة مدة فعاليته على العيينات التي حقنت بها، ومن المبكر جدا الآن تحديد مدة المناعة التي يولّدها اللقاح في الجسم فقد تكون سنة أو سنتين.
بالنسبة لي مدة المناعة ليست إشكالية أو عقبة، لأنه يمكن تجديدها بإعادة التطعيم، مثلما هو الأمر بالنسبة للأنفلونزا مثلا، حيث يتم التطعيم ضدها سنويا.
❊س: البروفيسور ديديي راوولت، وحتى بعض الشخصيات العالمية على غرار باراك أوباما، حذّروا البلدان الإفريقية من قبول لقاحات أوروبية، فهل تعتقد أن هذه اللقاحات ستلقى نفورا من بلدان إفريقيا؟
❊❊ج: هناك مثل عربي يقول "خالف تعرف"، وهذا ما ينطبق على من يروجون لمثل هذه الإشاعات. في مجال الطب الكل متفق على خطورة الوباء وينظر إلى الأمام لتخليص البشرية منه، بعيدا عن نظرية المؤامرة التي ليست واردة هنا بتاتا. فالعلماء يبذلون كل ما بوسعهم في وقت هناك من يجد مجالا للكلام فقط.
❊س: وزير الخارجية الأمريكي، انتقل للقاء رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، هل ستحظى الولايات المتحدة الأمريكية بالحصة الأولى من لقاح "أكسفورد"؟
❊❊ج: من المهم بمكان التذكير بالأموال الضحمة التي قدمتها واشنطن من أجل دعم جهود إنتاج اللقاح، حيث دفعت ما يعادل 1000 مليون دولار.. وبالتالي من حقها الحصول على اللقاح بالكمية المطلوبة والتي قدرت بـ400 مليون جرعة. فالولايات المتحدة الأمريكية تضررت كثيرا من الوباء وهي مشلولة اقتصاديا الآن.. ولهذا من الطبيعي أن تتابع نتائج الأبحاث الجارية حول اللقاح الذي يعتبر مفتاح الأزمة التي سيسمح لها بالتخلص من الكابوس الذي سببه الفيروس، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو البشري.
❊س: تنتشر في الجزائر حالة لاوعي من قبل بعض المواطنين في التعامل مع الفيروس، بل أن هناك من يتنكر لوجوده أصلا.. ما هي الرسالة التي توجهونها للجزائريين؟
❊❊ج: أعتقد أن فئة كبيرة من الشعب الجزائري واعية ومتفهمة.. وأنا أدعو عبر جريدتكم، الشعب الجزائري الشقيق إلى احترام تدابير الوقاية والتقيد بإجراءات السلامة وفي مقدمتها النظافة وارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي، حتى يعودوا للحياة العادية، فبقليل من التضحية نستطيع هزم الوباء.. نحن في بريطانيا تخلينا عن الكمامة لأن المواطنين يحترمون بصرامة إجراءات التباعد الاجتماعي التي يطبقونها بالشكل المطلوب من أجل دحر الوباء... وعلى الشعب الجزائري عدم الانسياق وراء الإشاعات التي تنشر في وسائط التواصل الاجتماعي والتركيز على الوقاية والتحلّي بقدر من المسؤولية الجماعية حتى يضعوا نقطة نهاية على مرحلة للمرض.