تحت ضغط شارع لبناني ثائر

عاصفة ميناء بيروت تسرّع رحيل حكومة حسان دياب

عاصفة ميناء بيروت تسرّع رحيل حكومة حسان دياب
  • 692
م. مرشدي م. مرشدي

عصف انفجار ميناء بيروت، بحكومة الوزير الأول اللبناني حسان دياب، التي لم تصمد أمام الهزات الارتدادية لحادثة الرابع أوت وسيل الانتقادات اللاذعة التي كالها آلاف اللبنانيين وجد نفسه على اثرها  مرغما على الرحيل القسري تحت ثقل مقتل 160 لبناني وإصابة 6 آلاف آخرين وبقاء  20 في عداد المفقودين دون الحديث عن آلاف المنكوبين.

وسلم دياب، قرار استقالة حكومته للرئيس ميشال عون، في القصر الرئاسي الذي كلفه بمواصلة تصريف الأعمال إلى حين إيجاد مخرج لهذا المأزق السياسي الذي جاء كإفراز حتمي لكارثة سرّعت وتيرة تحقيق مطالب المتظاهرين المرفوعة منذ احتجاجات شهر أكتوبر من العام الماضي.

وحمّل دياب، في كلمة ألقاها عبر التلفزيون اللبناني من اسماها الطبقة السياسية التقليدية مسؤولية فشله ومسؤولية انفجار ميناء بيروت، وقال إنه يقدم استقالة حكومته التي راحت ضحية تفشي ظاهرة الرشوة التي أدت بالبلاد إلى مثل هذا الزلزال مع كل الانعكاسات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية.

وأضاف دياب، بكثير من الحسرة أن الكارثة التي ضربت قلوب اللبنانيين جاءت بسبب الرشوة المرضية التي مست مجال الممارسة السياسية والإدارة وفي قلب دواليب الدولة، قبل أن يختم تشريحه للوضع اللبناني بقوله لقد "اكتشفت أن الرشوة المتفشية في دواليب المؤسسات أقوى من الدولة نفسهاوجاء هذا القرار إلى نقيض رغبة حسان دياب، في قيادة الحكومة خلال الشهرين القادمين على أمل تنظيم انتخابات عامة مسبقة من شأنها إفراز طبقة ووجوه سياسية جديدة تخرج من رحم مدينة منكوبة، إلا أن تسارع الأحداث بعد ندوة الدول المانحة والمظاهرات الاحتجاجية وتوالي استقالات وزراء حكومته اخلط عليه حساباته وجعله في النهاية يقدم استقالته، رغم محاولاته اليائسة لإقناع أعضاء طاقمه بعدم الاستقالة.

وكان حسان دياب، يعتزم خلال اجتماع حكومته أمس، عرض فكرته على مجلس الحكومة للبت في قضية الانتخابات العامة المسبقة، ولكنه وجد نفسه في النهاية أمام خيار رمي المنشفة حفظا لماء الوجه، وعدم تعريض حكومته لمزيد من الإهانات المتلاحقة سبعة أشهر فقط منذ تشكيلها بعدما اقتنع عدد كبير من طاقمه بضرورة الرحيل اليوم قبل غد.

وتواصلت استقالات الوزراء اللبنانيين ليصل عددهم أمس، إلى خمسة وزراء ضمن قائمة مفتوحة ربما كانت سببا في إعلان حسان دياب، تقديم استقالته على اعتبار انه في حال بلغ عدد المستقيلين ثلث تعداد الحكومة المشكلة من 20 وزيرا فإن رحيلها يكون آليا.وهو احتمال سيجعل من عهدة الرئيس ميشال عون، نفسه مهددة في حال واصل المتظاهرون مسيراتهم واصروا على مطلبهم برحيل كل الطبقة السياسية، وخاصة في ظل تصعيد شعبي أصبح عرفا منذ انفجار الرابع أوت الجاري.

ويبقى هذا الاحتمال ذا حدين فهو يخدم المتظاهرين ولكنه لا يضمن لهم من سيكون خليفة الطبقة السياسية الحالية في ظل قانون انتخابي تم وضعه وفق مقاس القوى السياسية المتحكمة في مقاليد السلطة في البلاد، على أساس ديني وطائفي وجعل كل الشعب اللبناني رهينة إرث تاريخي لم يعد يساير تطورات المجتمع اللبناني، ولا حاجياته الملحة في تغيير الوضع القائم منذ نهاية  نظام الحماية الفرنسية سنة وكان الوزير الأول المستقيل، لمح إلى إمكانية تنظيم انتخابات عامة قبل الأوان عندما أكد انه مستعد لقيادة الحكومة خلال شهرين القادمين لتمكين إجراء الانتخابات العامة، إلا أن تسارع الأحداث اخلط عليه حساباته بعد توالي استقالات وزرائه الذين اقتنعوا تحت ضغط شارع ثائر بأنه الخيار الوحيد الذي بقي أمامهم  لتفادي تطورات لم يعد أيا من اللبنانيين قادر على التكهن بما تخفيه من مفاجآت.

وواصل آلاف المتظاهرين احتجاجاتهم لليوم الثالث على التوالي، أمام مبنى البرلمان معتبرين استقالته غير كافية وطالبوا بإحالة كل المسؤولين على العدالة للاقتصاص منهم جراء سوء تسييرهم للشأن العام اللبناني.

وكان تنصيبهم لمشانق ومقاصل خشبية في جوانب ساحة الشهداء التي تحولت إلى ملتقى المحتجين من كل صوب بمثابة رسالة قوية بضرورة محاكمة من تسبب في إيصال لبنان إلى الوضعية الكارثية التي آل إليها .وهو ما جعلهم يصرون أيضا على لجنة تحقيق دولية لعدم ثقتهم في لجان التحقيق الداخلية التي قالوا إنها ستعمل على طمس كل الحقيقة، حماية للمسؤولين الحاليين وتخليصهم من تهمة التورط في الانفجار الكارثي الذي هز ميناء مدينتهم.