بعد مقتل اثنين من قواتها في مالي
فرنسا تهدد بتغيير مقاربتها العسكرية في منطقة الساحل
- 611
لقي عسكريان من عناصر قوة "بارخان" الفرنسية في مالي مصرعهما وأصيب ثالث بجروح بليغة لحظة مرور آليتهم المدرعة على لغم أرضي تقليدي الصنع خلال عملية عسكرية عادية في منطقة تيساليت في أقصى شمال هذا البلد.
وشكلت هذه الحصيلة ضربة موجعة للقوات الفرنسية في منطقة الساحل الإفريقي كون الجنديين من عناصر فوج المظليين الأول في منطقة تارب إلى الجنوب الغربي من فرنسا التي تشكل إحدى وحدات النخبة في الجيش الفرنسي. وذكر بيان قيادة هيئة أركان الجيوش الفرنسية أن العربة كانت تقل ثلاثة عسكريين أصيبوا بجروح خطيرة تم نقلهم إلى مستشفى ميداني، غير أن اثنين لفظا أنفاسهما، بينما وصف وضع العسكري الثالث بـ "المستقر".
ورفع مقتل هذين العنصريين عدد الجنود الفرنسيين الذين لقوا حتفهم سواء في عملية "سيرفال" العسكرية التي أقرها الرئيس الفرنسي المغادر فرانسوا هولاند سنة 2013 بعد الإطاحة بنظام الرئيس أمادو توماني توري أو عملية "بارخان" التي استحدثها الرئيس الفرنسي الحالي، إيمانويل ماكرون صيف سنة 2014 لتشمل كل دول منطقة الساحل، إلى 45 عسكريا من مجموع 5 آلاف عسكري الذين تتشكل منهم هذه القوة.
وكان اصطدام مروحيتين عسكريتين شهر نوفمبر من العام الماضي وهلاك 13 من طاقمهما أكبر حصيلة قتلى تتكبدها القوات الفرنسية في مالي وكل منطقة الساحل. وإذا كان الجيش الفرنسي أكد حينها أن الاصطدام وقع بسبب سوء تقدير لمناورة عسكرية، فإن تنظيمات إرهابية ناشطة في مالي أكدت أن سقوطهما كان بسبب إصابة إحداهما بقذيفة صاروخية.
وحاول الرئيس الفرنسي في بيان قصر الإليزي أمس، بطريقة ضمنية تحميل هذا الانزلاق إلى حالة الفراغ الدستوري الذي تعيشه دولة مالي بعد الإطاحة بنظام الرئيس إبراهيم أبو بكر كايتا الذي غادر البلاد أول أمس، باتجاه دولة الإمارات العربية بداعي تلقي العلاج هناك.
وطالب بيان أصدرته الرئاسة الفرنسية بعد هذه العملية، السلطات العسكرية الحاكمة في باماكو بضرورة إسراعها في تحديد مدة المرحلة الانتقالية وعودة الحياة السياسية كشرط مسبق لمواصلة عملياتها العسكرية ضد عناصر مختلف التنظيمات الإرهابية ضمن موقف الغرض منه الضغط على مجموعة العقداء الذين أطاحوا بنظام الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كايتا يوم 18 أوت الماضي. وكان قائد هيئة أركان الجيوش الفرنسية، الجنرال فرانسوا لوكوانتر، أكد نهاية الشهر الماضي في سياق هذا الموقف أن قواته تأمل في مواصلة الجيش المالي التزامه في محاربة التنظيمات الإرهابية.
وقال "إننا سنراقب الوضع حول ما إذا كانت القوات المالية قادرة على المحافظة على وتيرة محاربة الإرهاب لأن ذلك مهم بالنسبة لنا" وما إذا كانت الجهود منذ قمة مدية "بو" في جنوب ـ غرب فرنسا شهر جانفي الماضي فقدت أهميتها لدى السلطات المالية والتي التزمت فيها الدول الساحل الخمسة وفرنسا بمواصلة محاربة الإرهاب بالحزم والصرامة العسكرية اللازمتين.
يذكر أن اللجنة الوطنية لخلاص الشعب المالي التي شكلها العسكريون في باماكو حددوا فترة انتقالية من ثلاث سنوات رفضتها مجموعة دول غرب إفريقيا وفرنسا التي طالبت بعودة فورية للحياة السياسية في هذا البلد الممزق بانفلات أمني ومخاطر إرهابية محدقة.