اجتماعات وإجراءات "طارئة" في كلّ الاتجاهات لمحاصرة الفيروس
مخطط استعجالي لاحتواء الانتشار "المقلق" لكورونا
- 634
❊ بن بوزيد: الأوكسجين متوفر وسنقتني اللقاح مهما كان سعره
❊ بلجود يأمر الولاة باتخاذ إجراءات أكثر صرامة للحد من الوباء
❊ الوزارة الأولى: تصاعد الجائحة سببه تراخي الـمواطنين والتخلي عن اليقظة
قررت الحكومة وضع مخطط عمل "استعجالي فوري" لاحتواء انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، حيث سجل الاجتماع الذي ترأسه الوزير الأول عبد العزيز جراد، أول أمس، لتقييم الوضعية الصحية في البلاد، تطورات مقلقة في ظل الارتفاع الكبير في عدد الحالات اليومية للعدوى، وزيادة معدل الإصابة في بعض الولايات وسرعة انتقال الفيروس الذي تعكسه النسبة العالية من العيينات الإيجابية.
وأرجع اجتماع الحكومة سبب تصاعد الجائحة إلى التراخي الواضح للـمواطنين والتخلي عن اليقظة وردود الفعل الاحترازية وعدم احترام التدابير الـمانعة، لاسيما الارتداء الإجباري للقناع الواقي واحترام التباعد الجسدي ونظافة الأيدي. وأضاف بيان اجتماع الحكومة، أن التجمعات بجميع أنواعها وعدم الامتثال للبروتوكولات الصحية في أماكن مختلفة، لاسيما وسائل النقل والمتاجر والأماكن العمومية، كانت من العوامل الرئيسية التي تسببت في عودة ظهور البؤر وساهمت في الانتشار السريع للفيروس. ويرافق مخطط العمل الاستعجالي الذي أقرته الحكومة، تدابير دقيقة وتدريجية من أجل احتواء انتشار الوباء مع توفير كل الظروف البشرية واللوجيستية لضمان التكفل الافضل بالـمرضى.
تطبيق صارم للتدابير القانونية القسرية
وسيرتكز مخطط العمل على ثلاثة محاور وهي تعزيز تدابير الوقاية في جوانبها الـمتعلقة بالصحة والسلامة، وضع استراتيجية اتصال أكثر فعالية وتحسيس أقوى للـمواطنين و أخيرا التطبيق الصارم للتدابير القانونية القسرية.
وتم التركيز بشدة على ضرورة تزويد الهياكل الاستشفائية بكافة الوسائل من حيث التجهيزات واختبارات الكشف عن فيروس كورونا "PCR" والاختبارات الـمضادة للجينات ووسائل الحماية والأوكسجين والأسرة الإضافية، مع ضرورة إعادة تعبئة الـمؤسسات الصحية من أجل تركيز أنشطتها وكذا جميع الإمكانات الموجودة للتكفل من باب الأولوية بالمرضى المصابين بفيروس كورونا (كوفيد ــ 19). فضلا عن ذلك فإن الدولة ستواصل التزامها بتزويد القطاع الصحي بكل الـوسائل الـمادية والبشرية وبكافة التدابير التحفيزية والتشجيعية، من خلال ضمان أفضل لظروف إقامة ونقل الـمستخدمين في مجال الرعاية الصحية.
وقد كلف الاجتماع وزير الداخلية والجماعات الـمحلية والتهيئة العمرانية، بتعزيز الخلية الوطنية لـمتابعة تطور جائحة فيروس كورونا (كوفيد ــ 19) وتوسيعها إلى القطاعات الـمعنية، لاسيما قطاعات التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين الـمهني والشؤون الدينية، بما يضمن تنسيقا أكثر فعالية بين القطاعات، مما سيسمح بضمان التطبيق السليم للبروتوكولات الصحية المخصصة لها وضمان توفر وسائل الوقاية والحماية واستخدامها بشكل سليم. وفي هذا السياق، تم التأكيد بإلحاح على ضرورة تعزيز قنوات التنسيق والتواصل بين الهياكل الاستشفائية واللجان المحلية التي يرأسها الولاة، والخلية الوطنية لمتابعة تطور جائحة فيروس كورونا. وفيما يخص الجانب الـمتعلق بالاتصال فقد تم التشديد على ضرورة تكثيف النشاط الاتصالي الذي يستهدف الـمواطنين لتوعيتهم بخطورة الوضع وعواقب كل تقصير في مجال التقيد بالإجراءات الاحترازية والتدابير الـمانعة، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء.
نحو اتخاذ مزيد من تدابير الحجر الاستهدافية
كما سيتم دعم التواصل الاجتماعي بشكل أكبر تجاه الجمعيات ولجان الأحياء والحركة الجمعوية، بالتنسيق مع البلديات والدوائر من أجل تعزيز تعبئتها حول الإجراءات الوقائية ومكافحة وباء (كوفيد ــ 19) وتكثيف أعمالها التضامنية مع الـمواطنين.
وإذ لم يستبعد الاجتماع اللجوء إلى اتخاذ مزيد من تدابير الحجر الاستهدافية إذا استمر الوضع الوبائي في التدهور، فقد كلف الدوائر الوزارية بمنع تنظيم الـملتقيات أو الندوات أو الاجتماعات أو أي تجمع آخر قد يكون عامل انتشار الوباء وذلك إلى غاية إشعار آخر.
وبمناسبة استئناف صلاة الجمعة، ذكر الاجتماع بضرورة تحلي المواطنين بروح الـمسؤولية والمحافظة على الالتزام نفسه الذي تم التقيد به منذ فتح الـمساجد، مع تجديد الدعوة إلى احترام الانضباط الفردي والجماعي من أجل التصدي لهذه الجائحة".
وسبق اجتماع الحكومة لقاء ترأسه وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية كمال بلجود، بالولاة مساء يوم الأربعاء، عبر تقنية التحاضر عن بعد خصص لاستعراض التطورات الاخيرة التي يعرفها الوضع الصحي في البلاد، حيث دعاهم إلى ضرورة اتخاذ إجراءات "عاجلة وأكثر صرامة" للحد من انتشار الوباء والحفاظ على الصحة العمومية".
الولاة مطالبون بإجراءات "عاجلة وأكثر صرامة"
كما شدد الوزير، بالمناسبة على "التقيد بتدابير الوقاية والتطهير على مستوى مختلف المؤسسات والهيئات، خصوصا تلك المستقبلة للجمهور، وفرض احترام إجراءات التباعد الاجتماعي، ارتداء القناع الواقي واتخاذ الاجراءات الردعية القانونية بصرامة ضد كل المخالفين".
ودعا بلجود، مسؤولي القطاع إلى "تعبئة كل الوسائل المادية والبشرية وتوفير ظروف التكفل الأمثل على مستوى الهياكل الصحية، فضلا عن ضمان التموين العادي بمختلف المواد الضرورية ومحاربة كل أشكال المضاربة". وأشار بيان وزارة الداخلية، إلى أن الاجتماع يأتي في إطار المقاربة الاستباقية التي تنتهجها السلطات العمومية في مجابهة وباء كورونا، الرامية إلى مواصلة التحكم في الوضعية الوبائية وتفادي تفاقم الاثار الصحية والاقتصادية الناجمة عنها، على غرار ما هو عليه الوضع عبر عديد دول العالم.
وخلص البيان إلى أن الاجتماع شكل "فرصة للتأكيد على ضرورة إشراك المجتمع المدني والجمعيات المحلية الفاعلة لمواجهة الجائحة، سيما تكثيف نشاطات الاتصال والحملات التحسيسية للمواطنين بخطورة الوضع ومسؤوليتهم المحورية في التصدي لانتشاره وكذا التزامهم بالوعي الجماعي وقواعد الوقاية تحت طائلة اللجوء إلى التدابير الوقائية المشددة". كما استأثرت الوضعية المقلقة التي تشهدها البلاد على ضوء تصاعد عدد الاصابات، باهتمام وزير الصحة والسكان واصلاح المستشفيات عبد الرحمان بن بوزيد، خلال ندوة صحية نشطها أول أمس، رفقة اطارات من الوزارة حول الوضعية الوبائية لتفشي فيروس كورونا.
هذه أسباب العودة "القوية" للفيروس
وأرجع بن بوزيد، ذلك إلى "تراجع اليقظة والتخلي عن القواعد الأساسية للوقاية التي نصت عليها اللجنة العلمية لرصد ومتابعة تفشي الفيروس"، مشددا على ضرورة ارتداء الكمامة التي وصفها بـ"أحسن وسيلة للحماية" دون التخلي عن الإجراءات الأخرى المتمثلة في احترام مسافة التباعد الجسدي وغسل الأيدي بالماء والصابون والمحلول الكحولي.
وعزا بن بوزيد، تطور هذه الوضعية أيضا إلى عودة الحياة الى مسارها الطبيعي مع استئناف مختلف النشاطات التجارية والتدريس وقاعات الصلاة، محذّرا من "تفاقم الوضع اذا لم يلتزم المجتمع بالإجراءات الوقائية، مما سيدفع بالسلطات العمومية إلى اتخاذ اجراءات "أكثر صرامة خلال الأيام المقبلة"، على غرار ما قامت به بعض الدول المتقدمة التي تواجه موجة جديدة من انتشار الفيروس. وذكر المسؤول بأن الدول التي احترم فيها سكانها ارتداء الكمامة توصلت الى تسجيل "صفر إصابة"، مما يثبت أهمية هذه الوسيلة التي وصفها "بالمتوفرة وغير المكلفة"، مضيفا من جانب آخر بأن "الجزائر احتوت الوضع ولا يوجد اختلالات في تسييره وسنعمل مع بقية القطاعات الأخرى لمواجهة الموجة الثانية" التي اعتبرها "أكثر شراسة وخطورة من الأولى".
كما أعلن وزير الصحة، عن انطلاق الوزارة في زيارات ميدانية واجتماعات مع ممثلي القطاع من مديريات ومستشفيات خلال الأيام القادمة، للتصدي لانتشار الفيروس، مؤكدا بأن دائرته الوزارية المدعمة باللجنة العلمية ووسائل الإعلام "تقوم بتقديم كل الحقائق للمواطنين عن الفيروس". وطمأن البروفسور بن بوزيد، المواطنين بـ"عدم وجود أي نقص في معدات الأكسجين"، مثمّنا الدور الذي يقوم به الولاة من خلال تقديم مساعدات مالية للقطاع وأسلاكه عند الحاجة.
اقتناء اللقاح مهما كان سعره
من جهة أخرى أكد الوزير، عزم الدولة على اقتناء اللقاح المضاد لفيروس كورونا لحماية المواطنين "مهما كان سعره"، مضيفا أن "الجزائر انضمت إلى مجموعة "كوفكس" التي تتكون من 170 دولة لضمان الحماية باستعمال اللقاح الذي يبحث عنه حاليا حوالي 200 مخبر عبر العالم من بينهم 8 إلى 10 مخابر في مراحل متقدمة من التجارب العيادية" . كما ذكر بن بوزيد، بأن الجزائر "انضمت الى مجموعة منظمة اليونسيف التي تجتهد لاقتناء 500 مليون حقنة خاصة باللقاح بسعر منخفض، حيث تمكنت المنظمة من تخفيض السعر من 40 دولارا إلى دولارين فقط". للإشارة سجلت الجزائر خلال اليومين الاخيرين، أكثر من 1200 حالة إصابة بفيروس كورونا في منحى غير مسبوق ينذر بالخطر.
تجنيد المزيد من الأسرّة لمواجهة الضغط
ولعل هذه الوضعية المقلقة جعلت السلطات المحلية في عدة ولايات من القطر الوطني تدخل في حالة تأهب استعدادا لمواجهة "الموجة الثانية" من خلال تجنيد أزيد من 16 ألف سرير عبر البلاد لمواجهة الوضع بالرغم من شغل 4 الاف سرير.
وفي هذا الاطار، كشف المدير العام للهياكل الصحية بالوزارة البروفسور الياس رحال، أنه عندما بلغت الإصابة ذروتها في جويلية الفارط، تم استغلال 12 ألف سرير، مضيفا أنه تم تعزيز قدرات مستشفيات الجزائر العاصمة التي تعاني في الوقت الحالي من "اكتظاظ كبير"، من حيث عدد الحالات، علما بأن نسبة شغل أسرة بمصالح الإنعاش بذات الولاية بلغت قرابة 85 بالمائة و الاستشفاء قرابة 65 بالمائة، معلنا عن "التخلي عن بقية النشاطات الأخرى" في حالة استفحال الوباء باستثناء الاستعجالات الطبية والتكفل بالأمراض المزمنة. وأمام مؤشرات تدهور الوضع الصحي دخلت مستشفيات في عدة ولايات في سباق مع الزمن لاحتواء الطوارئ، ففي ولاية قسنطينة يرتقب ارتفاع عدد الأسرة الخاصة بالإنعاش وبعلاج الحالات المصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19) من 320 إلى 400 سرير، مع امكانية تحويل مصالح الامراض الاخرى و تسخيرها لمواجهة الضغط المتوقع جراء ارتفاع عدد اصابات الجائحة.
كما أعيد بولاية البليدة فتح كافة المصالح المخصصة لمعالجة المرضى المصابين بوباء "كوفيد-19" على مستوى المؤسسات الصحية بهدف التكفل بالمرضى الذين يتوافدون على هذه الهياكل الصحية. يأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه بعض مدارس ولايات الوطن إعادة الغلق المؤقت بسبب اكتشاف حالات الاصابة، على غرار مدرسة رزايقية امحمد الواقعة ببلدية حمام النبائل بأقصى شمال ولاية قالمة، حيث تأكد إصابة معلمة من طاقمها التربوي بفيروس كورونا المستجد"كوفيد-19.