في أول تقرير حول خطة الإنعاش الاقتصادي

آفاق واعدة لاقتصاد جديد

آفاق واعدة لاقتصاد جديد
  • 717
ي. ن ي. ن

❊ ”ركود قوي” في أعقاب الأزمة الصحية وانعكاساتها الاقتصادية

اعتبرت وزارة الاستشراف، في تقريرها الأول حول الإنعاش الاقتصادي لسنوات 2020-2024، أن الاقتصاد الجزائري الذي تأُثر بتداعيات وباء “كوفيد-19” مثله مثل كل اقتصادات العالم، يتوفر على أفاق واعدة من أجل تحقيق الانتعاش.

وأوضح التقرير أنّ الجزائر قد شهدت عام 2020، “ركودًا قويًا” في أعقاب الأزمة الصحية لوباء “كوفيد-19” وانعكاساتها الاقتصادية، ليؤكد بعد ذلك أنّ “هذا الركود سيتبعه انتعاش انطلاقا من سنة 2021”. وأضاف أنّ “تراجع الناتج المحلي الخام راجع إلى القطاعات التي تأثّرت تأثّرا شديدا بالأزمة”، موضحا أن الدول الكبيرة المستوردة للنفط والتي تضرّرت من الجائحة، اتّخذت تدابير للحجر الشامل، وهو الأمر الذي أدى إلى انخفاض كبير في الطلب مما أدى إلى انهيار أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة.

وبسبب ذلك عرف نمو قطاع الطاقة انكماشا وصل إلى 3,87 من المئة السنة الماضية، حسب خطة الإنعاش التي توّقعت أن تبلغ صادرات الجزائر من المحروقات 21,8 مليار دولار وفق سعر مرجعي قدره 40 دولارا للبرميل الواحد.

وتوقع التقرير انكماشا في قطاعات البناء والأشغال العمومية والسكن وخدمات السوق والصناعات بنفس النسب، مشيرا إلى أن قطاع الفلاحة يبقى القطاع الوحيد الذي سجل نموًا إيجابيًا بنسبة + 1,5 بالمائة العام  المنقضي.

وارتفعت نسبة التضخم خلال نفس السنة بمقدار 1,63 نقطة مئوية أي بنسبة 3,19 بالمئة ضمن  منحنى تصاعدي ستعرفه الأعوام  الثلاثة القادمة بما يرشحه لبلوغ نسبة 4,59 بالمئة.

واعتمادا على فرضية تسجيل انتعاش تدريجي في النشاط خلال الثلاثي الحالي، أكد التقرير أنّ العديد من القطاعات الاقتصادية ستسجل أداءً ملحوظًا، وأن معدل نمو الناتج المحلي الخام سينتقل من 3,98 بالمئة العام الجاري إلى 4,30 بالمئة عام 2022، قبل أن يستقر عند معدل 3,84 بالمائة بين عامي 2023 و2025.

وتوقع التقرير إمكانية تحقيق قطاع المحروقات معدلات نمو قياسية قد تصل الى حدود 10,6 بالمئة هذا العام ونسبة 8 بالمئة سنة 2022، ومتوسط نسبة نمو 3,28 بالمئة ما بين سنتي 2023 و2025.

وأشار التقرير إلى أنّ عزم الحكومة على تطوير قطاع الصناعة قد يسمح بتسجيل نمو قدره 5,9 بالمئة خلال هذه السنة، وأن السياسة الاستباقية المعول عليها من شأنها أن تسمح بتسجيل ارتفاع للإنتاج بنسبة 7,10 بالمئة سنة 2022، على أن تعرف استقرارا في حدود نسبة 7 بالمئة خلال عامي 2023-2025.

أما قطاع الفلاحة المرتبط ارتباطا وثيقا بالظروف المناخية وخاصة لتساقط الأمطار فقد يسجّل ارتفاعا بنسبة 3,45 بالمئة هذه السنة، و5 بالمئة خلال الفترة ما بين عامي 2022-2025.

في حين يرتقب أن يعرف قطاع الأشغال العمومية والبناء والري الذي شهد تراجعا طيلة سنة 2020 قدر بنسبة 3,87 بالمئة، منحى عكسيا حيث سيسجل نموا بنسبة 4,54 بالمئة خلال الفترة 2021-2025.

ومن المنتظر تعرف التبادلات التجارية وفق نفس التقرير الاستشرافي بداية من العام الجاري، تغير توجهات الميزان التجاري القياسية بما يرشحه لمعرفة فائض سنة 2023، كنتيجة طبيعية لارتفاع الصادرات من جهة، وتراجع الواردات من المواد من خلال ترشيدها واستبدالها تدريجيا بالمنتجات الوطنية من جهة أخرى.

     رفع نسبة الصادرات خارج المحروقات.. تحد آخر

ويبقى الهدف المرجو تحقيقه في مجال التصدير خارج المحروقات تحقيق صادرات بقيمة 5 ملايير دولار في غضون نهاية العام الجاري، غير أنّ الصادرات الجزائرية وفقا للسيناريو الاعتيادي لم تتعد عتبة 2 مليار دولار 2020، بغض النظر عن تأثير جائحة كورونا على التجارة الدولية.

ولكن التقرير أشار إلى انّه بالإمكان تحقيق 3 مليار دولار نظرا للعودة المرتقبة للنشاط سنة 2021 وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتصدير.

وتوقع التقرير أن يسمح استمرار التحكّم في النفقات العمومية والتحسن التدريجي لإيرادات الجباية، بتقليص عجز رصيد الميزانية من حيث نسبة الناتج الداخلي الخام، من- 12,6 بالمئة في 2020 الى ـ 10,8 بالمئة في أفق سنة 2025.

كما أشار التقرير إلى أنّ إيرادات الميزانية ستعرف نموا بوتيرة متصاعدة يقدّر معدّلها بنسبة 6 بالمئة خلال السنوات الثلاث القادمة.

وتبقى الإيرادات الجبائية ـ حسب الوثيقة ـ المورد الأساسي بمعدل مساهمة قدره 50 بالمئة خلال 2021-2025، موضحة أنها ستشهد معدل نمو لنفس الفترة قدره 7 بالمئة.

أما بخصوص نفقات الميزانية، فستتبع نفس المنحى التصاعدي للإيرادات نهاية 2025، بينما ستسجل نسبة نمو تقدر بـ5 بالمئة في 2025 مقابل تطور النفقات لنفس الفترة بنسبة 4 بالمئة.

في سجل مغاير وبغرض تحفيز النشاط الاقتصادي مع ضمان موازنات حسابات الدولة، فإنّ نفقات التجهيز التي ستعرف تراجعا في النمو بنسبة – 8 بالمئة، ستعرف مسارا سيتحسن ابتداء من 2021.

من جانب آخر ستنتقل نفقات التسيير من -3 بالمئة المسجلة العام الماضي، الى 12 بالمئة خلال هذا العام على أن تتراجع نفقات التسيير سنوات 2022-2025، بمعدل 7 نقاط مئوية.


تتعلق بالأمن الغذائي والأمن الطاقوي والشباب

3 دراسات استشرافية من أجل مستقبل أفضل

تم الشروع في ثلاث دراسات استشرافية حول الرهانات المستقبلية الكبرى للاقتصاد والمجتمع الجزائري من أجل تكوين تصوّر حول المستقبل واستباق السياسات العمومية في المجالات الاستراتيجية، حسبما أفاد به التقرير الأول حول الإنعاش الاقتصادي الذي أعدته الوزارة المنتدبة المكلفة بالاستشراف.

ويتعلق الأمر بدراسات حول الأمن الغذائي للبلد، والأمن الطاقوي وكذا حول الرأسمال البشري والشباب، يضيف ذات التقرير، مشيرا إلى خارطة الطريق لخطة الإنعاش الاقتصادي 2020-2024 الذي أقرها رئيس الجمهورية بغية تخليص البلد من التبعية الاقتصادية للمحروقات.

وبخصوص الدراسة المعدة حول الأمن الغذائي، توصل هذا التقرير إلى أن الأمن الغذائي لا يمكن أن يتأتى من مكاسب قطاع الفلاحة وحده، إذ أنه “مهما بلغت الجهود المبذولة، فلا يمكن للبلد أبدا أن يحقق اكتفاء ذاتيا من مجمل المواد الغذائية”.

من هذا المنطلق، فإن الدراسة ستهدف أساسا، يوضح ذات التقرير، إلى تقييم “موضوعي ودون أفكار مسبقة للتبعية الغذائية للبلد للأسواق العالمية، وكذا ضعف نظام الإنتاج رغم الجهود التي تبذلها الدولة من حيث الميزانية في هذا المجال”.

وستعكف الدراسة أيضا على كيفية تحسين الأداءات حول الزراعات الاستراتيجية وبالتالي الرفع من العرض الوطني للمنتوجات الغذائية من جهة، وكيفية تثمين الإنتاجات الفلاحية عن طريق التحويلات الصناعية وسلسلتي التخزين والحفظ، من جهة أخرى.

كما ستهتم هذه الدراسة باستكشاف إمكانيات تصدير المنتجات الجزائرية في إطار سياسة التصدير، لاسيما عن طريق التصديق على المنتجات الموجهة للتصدير ووسمها.

الأمن الطاقوي للحفاظ على الأمن المالي

أما بخصوص الأمن الطاقوي فقد أشار التقرير إلى “أهمية التحوّل الطاقوي في تنمية الاقتصاد والمحافظة على الأمن المالي للدولة”. ويقتضي الأمن الطاقوي العمل بنماذج الإنتاج مثل المزيج الطاقوي ونماذج الاستهلاك على شاكلة الفعالية الطاقوية بغية ضمان تسيير فعّال على المستوى البعيد. وأضاف التقرير، أنه يجب مرافقة اللجوء إلى استعمال الطاقات المتجددة بتطوير الشُعب الصناعية التنافسية على المستوى الدولي.

ويتمثل الهدف من هذه الدراسة في تسليط الضوء على مختلف التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي ستواجهها الجزائر خلال انتقالها الطاقوي، لكي تأخذ بعين الاعتبار سياساتها العامة على المستوى البعيد.

ويتعلق الأمر أيضا بعرض رهانات وتحديات الانتقال الطاقوي من خلال ثلاثة جوانب وهي الإنتاج الطاقوي (المزيج الطاقوي مثل الطاقات المتجددة) ونموذج الاستهلاك الطاقوي (اقتصاد وفعالية طاقوية) وتثمين الموارد الطاقوية لجعلها رافدا للتنمية لا سيما عن طريق مراجعة سلاسل القيم.

أما فيما يتعلق بدراسة الطاقة البشرية والشبانية، يرى التقرير أن الجزائر على وعي بالدور المحوري الذي تضطلع به الطاقة البشرية في مسار التحوّل الاقتصادي والاجتماعي وهي تطمح إلى تعزيز مساهمتها في هذه الطاقة في سبيل خلق الثروة.

وتهدف الدراسة إلى تزويد الحكومة الجزائرية بوثيقة استراتيجية تضم كل العناصر الضرورية التي تسمح لها بتسيير سياساتها العامة لصالح رأس المال البشري. ومن أجل بلوغ هذا الهدف من المرتقب معالجة عديد المواضيع بصفة مسبقة. وستسمح النتائج بتقديم استراتيجية مناسبة وإعداد خارطة طريق لتنفيذها.