الدكتور أحمد شريفي أستاذ الاقتصاد بجامعة البليدة لـ"المساء":
القروض الاستثمارية لازالت خارج الجدوى الاقتصادية
- 417
رفع نسبة النمو بـ4 بالمائة مرتبط بالقضاء على البيروقراطية المالية
أكد البرلماني وأستاذ الاقتصاد بجامعة البليدة، الدكتور أحمد شريفي، في تصريح لـ"المساء" أن الوصف الذي منحه السيد رئيس الجمهورية، للقطاع البنكي وخاصة ما تعلق بالقروض الاستثمارية التي اعتبرها تسير خارج إطار "الشفافية "، "صائب وصحيح"، مشيرا إلى أن هذه القروض لاتزال تمنح خارج دراسة الجدوى الاقتصادية للمشاريع وتلفها الممارسات البيروقراطية، وهو السبب وراء عدم تسجيل إقلاع اقتصادي. ودعا في هذا الإطار إلى تصحيح هذه الاختلالات لا سيما وأن الحكومة، تطمح إلى تحقيق نسبة نمو تقارب 4 بالمائة في سنة 2021، حسب توقعات قانون المالية الساري المفعول.
وجه السيد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بمناسبة ترؤسه لاجتماع مجلس الوزراء الأخير، (الأحد الفارط)، انتقادات لقطاع المالية ووصفه بـ"النقطة السوداء"، وأثار في هذا الصدد الإشكال المرتبط بالقروض البنكية التي قال إنها "لا تزال تمنح خارج الشفافية".
في هذا الإطار أوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة البليدة، النائب أحمد شريفي، لـ "المساء" أن وصف الرئيس "صحيح وعبّر عن تقييم سلبي للوضع رغم التوجيهات السابقة التي أعطاها في هذا المجال، مما جعل ـ حسبه ـ قطاع المالية الذي يفترض أن يكون قاطرة الإصلاحات، "الحلقة مفصولة عن بقية المنظومة الاقتصادية".
وذكر الدكتور شريفي، أن السبب وراء هذا الوضع السلبي هو "منح المؤسسات البنكية في الجزائر للقروض خارج الجدوى الاقتصادية للمشاريع، واستمرارها في نفس ممارسات الماضي، المبنية على المحسوبية والبيروقراطية بمختلف أشكالها، مع شخصنة البعض للعلاقات الاقتصادية المتعلقة بالقطاع الخاص على وجه الخصوص".
واستبعد شريفي، تحقيق اقلاع اقتصادي دون إصلاح المنظومة المالية لا سيما في مجال منح القروض، "باعتبارها مربط الفرس في خلق المؤسسات الاقتصادية المتوسطة والصغيرة وتمويل المشاريع، وبالتالي رفع وتيرة النمو الاقتصادي، مع تمويل التجارة الخارجية لبرامج الاستيراد للمواد والسلع غير المنتجة محليا وتلك التي تدخل في الصناعة المحلية، وهذا في اطار التوجه العام للحكومة الخاص بتقليص فاتورة الاستيراد".
وفي رده على سؤال متعلق بإمكانية رفض مديري البنوك منح قروض للمستثمرين خوفا من المتابعات القضائية التي زجت بعدد من المسؤولين السابقين في القطاع المصرفي ، ومنهم مديرو" البنك الوطني الجزائري"، و"القرض الشعبي الجزائري"، قال محدثنا إن "الخوف من المتابعات غير صحيح وليس واردا بتاتا"، تقديرا منه أن القطاع المصرفي بالذات لم يطاله تغيير كبير في المسؤولين، حيث احتفظ اغلبية المسؤولين بمناصبهم "وهو السبب وراء بقاء ممارسات المحسوبية والبيروقراطية على مستوى أغلبية البنوك في منح القروض ما تسبب في تعطيل الحركية الاقتصادية، خاصة في الظرف الراهن الذي يحتاج الى تشجيع المبادرات وتثمين الجهود الخلاقة للثروة خارج النفط".
كما استبعد الدكتور شريفي، أن تكون القروض التي منحت في فترة النظام السابق "وتبخر جزء كبير منها إن لم نقل كلها، بسبب مشاريع وهمية"، هي السبب في امتناع الآمرين بالصرف عن تمويل المشاريع اليوم، مشيرا إلى أن وصف الرئيس للقطاع البنكي بـ"النقطة السوداء" كان في محله.
واستشهد المتحدث، بالقروض البنكية التي منحت في الفترة ما بين 2017 و2018، "إذ قدرت بـ8000 مليار دينار أزيد من 4000 مليار دينار منها (40 مليار دولار) استفاد منها القطاع الخاص، (وكانت حصتها الأكبر لرجال الأعمال الذين يقبع معظمهم اليوم في السجن)، في قطاعات الصناعة تركيب السيارات والأشغال العمومية والري وغيرها من الأنشطة الأخرى بما فيها التجارة الخارجية. وتجدر الإشارة فقط ـ يضيف محدثنا ـ إلى أن المحاكمات التي تخص الرئيس السابق لمنتدى رؤساء المؤسسات (تغير اسمه إلى الكنفيدرالية الوطنية لأرباب العمل المواطنين)، علي حداد، قدرت حجم خسائر الطرف المدني ممثلا في الخزينة العمومية بـ78410 مليار سنتيم تتعلق بالصفقات العمومية، يضاف اليها 21159 مليار سنتيم كقروض استثمارية، دون احتساب الإعفاءات الجبائية المقدرة في مجملها بـ11035 مليار سنتيم، بالإضافة إلى القروض الأخرى التي منحت لرجل الاعمال محمد عولمي، والمقدرة بـ520 مليار سنتيم وغيرها من الأموال الأخرى التي منحت لرجال الأعمال في شكل قروض استثمارية.
وقدر متابعون لملف المتابعات القضائية قيمة الثروة المنهوبة خلال الفترة الماضية، بأزيد من 200 مليار دولار موزعة بين القروض غير المسترجعة، التهرب الضريبي الإعفاءات الجمركية والضريبية وتضخيم الفواتير تحت ذريعة تمويل التجارة الخارجية.
وخلص الدكتور شريفي، إلى أن القطاع المصرفي يحتاج إلى إرادة سياسية لتصحيح جميع الاختلالات في أقرب الآجال، فضلا عن اعتماد المزيد من التدابير لعصرنته وإخراجه من دائرة التسيير التقليدي ومنها إصلاحات في الجانب التشريعي، ومواصلة تعميم الصيرفة الإسلامية مع تأهيل الموارد البشرية والإسراع في تعميم الرقمنة.