حرمتهنَّ من إعادة بناء حياتهن خوفا من فقد الحضانة
مطلَّقات يطالبن بمراجعة المادة 66 من قانون الأسرة
- 9610
تحوّل زواج المرأة المطلقة أو الأرملة في المجتمع الجزائري، إلى معادلة صعبة بسبب مسألة الحضانة، ففي الوقت الذي يقرر الزوج إعادة بناء حياته، تجد المرأة صعوبة في ذلك؛ لكون قانون الأسرة يقر بضرورة انتزاع أبنائها منها؛ الأمر الذي جعل الكثيرات يعزفن عن الزواج. والغريب في الأمر، حسب المرشدة الأسرية دليلة حسين ورئيسة جمعية "نور للأسرة والطفل"، أن مطالبة الأب بالأبناء يكون من باب "الزكارة" في المطلقة، وليس حرصا على الأبناء في معظم الحالات المسجلة على مدار السنة، من المطلقات الوافدات على الجمعية لطرح الانشغال.
خلّف ارتفاع قضايا الطلاق في السنوات الأخيرة، حسبما تشير إليه الأرقام المسجلة بالإرادة المنفردة للزوج وحتى بلجوء الزوجة إلى الخلع، خلّف بعض الإشكالات، التي كشفت عن عيوب بعض النصوص القانونية، التي تبين أنها مجحفة في حق الزوجة المطلّقة، خاصة ما تعلق منها بالمادتين 66 التي تنص على رجوع الحضانة إلى الأب بمجرد زواج الأم، والمادة 64 من قانون الأسرة، التي تتحدث عن ترتيب المعنيين بالحضانة من الأم إلى الأب إلى الجدة؛ لكونها لا تراعي مصلحة المحضون. تقول رئيسة الجمعية: "الأمر الذي دفعنا إلى فتح نقاش موسع مع مختصين في القانون والدين، وحتى مختصين نفسانيين، لدراسة مدى تأثير الطلاق على الأبناء"، مؤكدة أن الأطفال دائما يتبعون أمهاتهم، وأن مواد الحضانة أقرت بضرورة أن يأخذ الأب أبناءه في حال قررت المرأة الزواج؛ الأمر الذي يجعلها غير قادرة على التفكير في الزواج أو بناء حياة جيدة"، خاصة أن التجارب المعروضة على الجمعية "تؤكد أن زوجة الأب لن تكون رحيمة بأبناء طليقة الزوج، وبالتالي يفترض أن تحتفظ المرأة بحضانة أبنائها حتى وإن قررت الزواج؛ لأن مصلحة المحضون تكون دائما مع أمه، طبعا مع مراعاة بعض الشروط، التي تتطلب أن تتوفر في المرأة؛ لضمان أن يكون الطفل في مأمن، أو حتى لا تكون هناك مخالفة للشريعة، وأن يتم الرجوع إلى قانون 2005؛ حيث كانت تعود الحضانة إلى الجدة، وهو ما تشجعه جل النسوة المطلّقات".
ومن جهة أخرى، أكدت رئيسة الجمعية أنها تستقبل على مستوى الجمعية، حالات كثيرة لمطلقات، ومن بين القضايا المطروحة أن بعض المطلقات أصبحن يرفضن الزواج والبقاء بالبيت العائلي؛ خوفا من فقد الحضانة؛ الأمر الذي خلق أزمة في بعض البيوت بسب المشاكل والخلافات، بينما ذهبت أخريات إلى زواج الفاتحة؛ حتى لا يتم انتزاع أبنائها؛ ما فتح بابا لعودة العقود العرفية بقوة، وخلق مشكل إثبات النسب. وطالبت راضية، ممثلة النساء المطلقات، بإلغاء المادة 66 من قانون الأسرة، بعدما تبنت قضية أكثر من 10 آلاف مطلقة وأرملة يرغبن في إعادة بناء حياتهن الزوجية، خاصة أن انتزاع الحضانة من الأمهات ليس من باب حماية المحضون وإنما انتقاما من الزوجة التي تقرر إعادة الزواج بعد الطلاق، حسب تأكيدها، مضيفة: "إن ترك الأمر على ما هو عليه من شأنه أن يشجع عودة العقود العرفية بقوة". وقد تم، حسبها، تسجيل بعض الحالات.
الإمام غول: المادة المقررة للحضانة تأتي موافقة للشريعة الإسلامية
وبالرجوع إلى الشريعة الإسلامية، أكد الإمام عبد الكريم غول أن مصلحة الطفل تكون مع أبيه أيضا، وأن المادة المقررة للحضانة تأتي موافقة للشريعة الإسلامية ولا غبار عليها، وأن الدين الإسلامي يراعي دائما تحقيق المصالح، وتحقق حقوق الإنسان بمن فيهم الأطفال، غير أن الإشكال الذي يطرح هو مصلحة الطفل المحضون، التي تتطلب من القاضي، أن تكون له السلطة التقديرية للتدخل؛ من أجل مراقبة ومتابعة مدى أحقية هذا الأب في حضانة الأبناء وتحقيق مصلحتهم الفضلى، هذا ما كشف عنه عند مشاركته في النقاش المفتوح.