صدور ترجمة أعمال نور الدين عبة
من أغاني الحب والحرب للثورة الجزائرية
- 918
أحيا الكاتب علاوة وهبي ودار النشر “خيال”، مؤخرا، عيد ميلاد السنة المائة الموافق لـ16 فيفري، للشاعر والمسرحي الراحل نور الدين عبة، من خلال إصدار ترجمة الأستاذ علاوة للديوان الجميل، للراحل، بعنوان “غزالة بعد منتصف الليل”، إلى جانب نص مسرحي يصدر عن نفس الدار قريبا، في أول ترجمة لهما إلى اللغة العربية، تضافان إلى ترجمة أخرى لعلاوة وهبي تخص أحد نصوص نور الدين عبة عن دار “مقامات”، وهو نص “استراحة المهرجين” سنة 2016.
كتب الراحل في مقدمة ديوان “غزالة”، أنه قبل أيام قليلة من استقلال الجزائر، اكتشف فلاح تحت شجرة، خلف دغل صنوبر جثتي عاشقين شابين مثقوبين بالرصاص، وفي حالة الفوضى التي كانت تعيشها الجزائر، تم غلق التحقيق، وقال شرطي كان مكلفا به، إنه لم يتمكن من معرفة الظروف التي وجد فيها الضحيتين، وهو لا يتهم أحدا، رغم ذلك فإن المرأة الشابة كان في ذراعها سوار ذهبي كتبت عليه “من عزيز إلى غزالة”، “وإلى هذين الميتين المجهولين أهدي هذه المجموعة من أغاني الحب والحرب للثورة الجزائرية”. الراحل نور الدين عبة من مواليد 1922 بمدينة عين ولمان بولاية سطيف، توفي سنة 1996، لغة الكتابة عنده الفرنسية، وهو من جيل كاتب ياسين، وقد درس معه في نفس الثانوية “ألبيرتيني” بمدينة سطيف. عندما أنهى تعليمه الثانوي، التحق بجامعة الجزائر لدراسة الحقوق، إلا أنه لم يكمل وغادر الجامعة بعد سنة واحدة، ليلتحق بالعمل في الإعلام والانضمام إلى النضال السياسي، وعمل في الصحافة، منها الناطقة باسم الحزب الشيوعي. كان لنور الدين عبة حظ متابعة وتغطية محاكمة النازية في نورمبورغ، ومنها استوحى نصه المسرحي “نهاية نازي”، وتمت ترجمته إلى العربية من طرف نور الدين بوعكاز، وقد نُشر في مجلة “الثقافة” الجزائرية سنة 2005.
الراحل كاتب نصوص مسرحية، وشاعر أصدر العديد من الأعمال الشعرية، وكتب عن القضية الفلسطينية في أهم أعماله المسرحية والشعرية، ويعدها أغلب الذين كتبوا عنه في الغرب، من أقوى ما نشر عن القضية الفلسطينية منذ حرب الأيام الستة، كما يعتبره البعض الآخر، من أهم أسماء شعراء القضية الفلسطينية باللغة الفرنسية. حاز عبة على جوائز أدبية عديدة، أهمها جائزة محمود الهمشري، المناضل الفلسطيني الذي اغتاله “الموساد” في باريس، وعلى جائزة إفريقيا المتوسطية سنة 1979، وعاد عبة إلى الجزائر في نهاية السبعينات، وجال في بعض الولايات، وقدم محاضرات، وكان خلال ذلك مرفوقا بالكاتب الراحل مرزاق بقطاش، بعدها عين في شركة “سناد” للنشر والتوزيع، إلا أنه لم يمكث كثيرا في منصبه وقدم استقالته وعاد إلى باريس، هناك أسس مؤسسة “عبة للأدب” سنة 1991، وجعلها تؤسس جائزة أدبية لأفضل كاتب في السنة، وقد نال هذه الجائزة عدد من الكتاب الجزائريين باللغة الفرنسية، منهم الراحل الطاهر جاوت.
كتب عبة مجموعة من النصوص المسرحية، تم عرض أغلبها في عدة دول من العالم، لكنها ظلت غائبة عن المسرح في الجزائر ولم تترجم، علما أن من أهم أعماله “فجر الحب” و«بعد من الظلال”، “غزالة بعد منتصف الليل”، “الحمير الأربعة والسنجاب”، “القدس”، “فجر القدس”، و”نهاية نازي” التي قدمت في باريس سنة 1986. أشار الأستاذ علاوة وهبي إلى أن نص “استراحة المهرجين” قام بترجمته، وقد صدر عن منشورات “مقامات” للأديب المسرحي الشريف الأدرع، يتحدث فيه عن الثورة الجزائرية والتعذيب الذي كان يمارسه الفرنسيون ضد الثوار والفدائيين الجزائريين، كما أن مشروع ترجمة الأعمال الكاملة لنور الدين عبة، كان مشروع المكتبة الوطنية، عندما كان أمين الزاوي مديرا لها، ثم توقف المشروع مع تنحية الزاوي.
حازت أغلب نصوص عبة على نجاحات كبيرة في كل الدول التي عرضت فيها، وغيابه عن الركح الجزائري يبقى غير مبرر، وفي هذا قال الأستاذ علاوة “نأمل أن يعمل بعض المسرحيين عندنا على تقديم نصوص له، أو أن تعمل الجهات المسؤولة على الاحتفاء به وبذكرى رحيله، فهو أقل اعتراف لما قدمه لوطنه، وأعمال الشاعر نور الدين عبة تستحق الالتفات إليها والتعريف بها، لما تمتاز بها من الشاعرية والروح الوطنية والالتزام بالقضايا الإنسانية، خاصة القضية الفلسطينية التي خصها بعدد من نصوصه المسرحية”.
للتذكير، فإن علاوة وهبي كاتب وإعلامي متقاعد، كان من أهم المسرحيين الممارسين، حيث يعد من مؤسسي فرقة “كراك” المسرحي بقسنطينة، إلى جانب عبد الحميد حباط، ألف العديد من النصوص المسرحية، تم تقديمها وحاز عن أحدها بعنوان “الضوء” الجائزة الأولى سنة 1966 في مهرجان عيد الاستقلال والشباب، وله عدة مؤلفات منشورة في القصة والرواية والمسرح والشعر، ومجموعة كتب مترجمة عن الفرنسية في مجالات مختلفة، أهمها ترجمة مسرحية “ألف مرحي” لمحمد ديب، و”استراحة المهرجين” لنور الدين عبة وآخرين.