في الذكرى الثانية لحراك 22 فيفري الأصيل

إجماع وإصرار على بناء الجزائر الجديدة

إجماع وإصرار على بناء الجزائر الجديدة
  • 414
م . إ    م . إ

هذا ما تحقق من تغيير وإصلاحات في عهد الرئيس تبون

❊ "الجيش الشعب خاوة خاوة" للأبد..والوحدة الوطنية خط أحمر

أحيى الجزائريون، أمس، الذكرى الثانية للحراك الشعبي الأصيل المبارك الذي صنع الاستثناء بداية من 22 فيفري 2019، وتعزز بفضله تلاحم الشعب والجيش في مسار نضالي متميّز أبهر العالم عبر عشرات الأسابيع من التظاهر الحضاري تحت حماية الجيش الوطني الشعبي.

وسمح الحراك وتلاحم الشعب وجيشه من أجل الديمقراطية، بإعادة البلاد إلى سكتها الصحيحة، وإنقاذ الدولة الوطنية من خلال حزمة مخرجات إيجابية عبدت الطريق لإنتاج دستور جديد استجاب لمطالب الحراك، وأثمر تعميق مسار إصلاح العدالة، فضلاً عن انفتاح أكبر على شريحتي الشباب والنساء، وتوطيد دعامات حقوق الإنسان كمكاسب للشعب وللجزائر بما يعزز الحريات والنضال السلمي. وبعدما وقع على مرسوم يجعل من 22 فيفري "يومًا وطنيًا" تحت تسمية "اليوم الوطني للأخوة والتلاحم بين الشعب وجيشه من أجل الديمقراطية"، حرص رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، على التأكيد على أن الحراك الشعبي "ظاهرة صحية"، مجددا التحذير من "محاولات اختراقه من الداخل والخارج". وشدّد الرئيس تبون في إحدى تصريحاته على أن "الحراك المبارك حمى البلاد من الانهيار الكلي"، مشيرًا إلى أنّ "الدولة الوطنية كادت أن تسقط، مثلما حدث في بعض الدول التي تبحث اليوم عن وساطات لحل مشاكلها".

الجيش الوطني سند قوي وسد منيع ضد الاختراقات

وكان الجيش الوطني الشعبي سندًا قويًا وسدًّا منيعًا ضد كل الاختراقات، بالتزامن مع مطالبة المتظاهرين السلميين بتكريس الإرادة الشعبية وإرساء أسس الديمقراطية ودولة القانون ومحاربة الفساد في مسيرات راقية صنفتها بعض وسائل الإعلام العالمية على أنها "الأضخم" في العالم على مدار العقدين الماضيين.

وكانت إحدى أعظم مخرجات الحراك الشعبي، الشعار الذي حدّد خطوط الدفاع الداخلية والخارجية لكل من تسوّل له نفسه التلاعب بمصير الدولة والمجتمع لما هتف الجزائريون بصوت واحد وبقلب ولسان رجل واحد (الجيش، الشعب خاوة خاوة ).

ولا يزال الجزائريون يصنعون الاستثناء بحراك متفاعل مع التطوّرات السياسية للبلاد وحتى الإقليمية والدولية، بدليل الشعارات العفوية التي ندّدت بصفقة القرن وساندت القضية الفلسطينية، كما تميّز الحراك بتكييف مطالبه التي ظلّ يصدح بها أسبوعيا على امتداد 53 جمعة دون أي وسيط أو منطلق تفاوضي، للتعبير بكل حرية ومسؤولية عن رأيه، مع رفض محاولات التزعم والتوجيه. وتمكّن الحراك في أقل من عام من تغيير نظام الحكم بطريقة سلمية من خلال إصراره على تطبيق المواد 7، 8 و102 من الدستور بمرافقة القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي وعلى رأسها الفريق الراحل أحمد قايد صالح. وتجسّد هذا المطلب من خلال النجاح في تنظيم أول انتخابات رئاسية تحت إشراف سلطة وطنية مستقلة للانتخابات. مسفرا عن انتخاب رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي أكد منذ تنصيبه "استعداده التام" لإجراء "حوار جاد" مع ممثلي الحراك الشعبي الذي لطالما وصفه بـــ"المبارك".

التغيير بتجسيد رهان تعديل الدستور

خلال أدائه اليمين رئيسا للبلاد في 19 ديسمبر 2019، تعهّد الرئيس تبون بتعديل دستور 1996، ومَدّ يده إلى "الحراك المبارك" لبلورة خامس دستور على درب الانتقال إلى الجزائر الجديدة، وشكّل الاستفتاء على تعديل الدستور في الفاتح نوفمبر 2020، تجسيدًا لكبرى الأولويات التي سطّرها الرئيس تبون، بهدف إرساء أسس "الجزائر الجديدة"، في إطار تجسيد التزاماته أمام الجزائريين وتحقيق أحد المطالب التي عبّروا عنها خلال الحراك الشعبي السلمي في 22 فيفري 2019.

وتضمن الدستور المزكّى شعبيا في الفاتح نوفمبر 2020، عدّة دعامات توزّعت على 6 محاور أساسية، أبرزها إقرار مبدأ التصريح (عوض الترخيص) لممارسة حرية الاجتماع والتظاهر، وكذلك إنشاء الجمعيات وعدم حلها إلا بقرار قضائي، فضلاً عن إسقاط الأحكام التي تعيق بطبيعتها حرية إنشاء الأحزاب السياسية. واستجابة لمناشدات الحراكيين، نصّ الدستور المعدّل على عدم ممارسة أكثر من عهدتين رئاسيتين متتاليتين أو منفصلتين، وتحديد الفترة البرلمانية بعهدتين فقط، مع إمكانية تعيين رئيس الجمهورية نائبا له، مع تعزيز مركز الوزير الأول. كما أبعد النص الدستوري في محور السلطة القضائية، وزير العدل والنائب العام لدى المحكمة العليا عن تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء، مع رفع عدد القضاة المنتخبين داخله، وإقرار محكمة دستورية لأول مرة بدلاً من المجلس الدستوري، ومنحها حق الرقابة على القرارات المتخذة أثناء الحالة الاستثنائية، وتكريس اختصاصها بالنظر في مختلف الخلافات التي قد تحدث بين السلطات الدستورية بعد إخطار الجهات المختصة.

حرب متواصلة ضد معاقل الفساد

وجرت دسترة سلطة عليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، وإدراجها ضمن الهيئات الرقابية، وكذلك دسترة السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، ودسترة الحراك الشعبي لــ22 فيفري 2019، مع حظر خطاب الكراهية والتمييز، وإدراج اللغة "الأمازيغية" ضمن الأحكام الصمّاء التي لا تخضع للتعديل الدستوري. كما عزّز الدستور حقوق المواطنين بمختلف فئاتهم، حيث "يحقّ للمواطنين استعمال كل الوسائل القانونية للإبلاغ عن أي تجاوزات وإيداع شكاوى بشأنها".

وأضحى جليا أنّ "تقنين" الحراك الشعبي خطوة هامة سيتّم استكمالها وفق تأكيد الرئيس تبون الذي أشار في إحدى تصريحاته إلى أن "هناك مطالب للحراك تحققت، وهناك ما يتحقق آنيا وهناك آفاق سياسية أخرى"، مشدّدا على أن "تجسيد كل المطالب سيتصل بتعديل جذري لأسس الديمقراطية في الجزائر من خلال بناء ديمقراطية حقة ومحاربة الإقصاء بكل أوجهه ومحاربة الفساد وأخلقة المجتمع".

قانون الانتخابات.. تكريس لاستمرارية التغيير

جاء الإعلان عن بدء مسار مراجعة قانون الانتخابات ليكرس استمرارية نهج التغيير السياسي المعلن عنه من طرف الرئيس تبون، والقائم على "أخلقة الحياة السياسية"، عبر منع المحاصصة في توزيع المقاعد وشراء الذمم والفصل بين المال والسياسة، كشروط لا بد منها لضمان ممارسة انتخابية معبّرة حقًا ودون منازع عن الإرادة الشعبية.

وجدّد الرئيس تبون التزامه بتحمّل الدولة للراغبين من الشباب مصاريف حملتهم الانتخابية، كي لا يقعوا فرائس للمال الفاسد أو المشبوه، مشدّدا على أن المقاييس الجديدة "يجب أن تراعي في حدود الممكن، الجمع بين الكفاءة والتجربة في المترشحين، خاصة في المدن الكبرى"، مع عدم حرمان أي مواطن يتمتع بحقوقه السياسية والمدنية من الترشح لأسباب سياسية، "ضمانًا لتوفير فرص متكافئة للجميع في الترشح، والرقي الاجتماعي والسياسي".

تفعيل إصلاح العدالة وترقية مكانة المرأة والشباب

شهد قطاع العدالة في العامين الأخيرين جهودًا لتفعيل إصلاح القطاع، عبر تكييف القوانين مع متطلبات المرحلة الجديدة، وعرف القانون المدني وقانون الإجراءات المدنية والإدارية مراجعة لتكييفهما، مع تعزيز العدالة بصلاحيات أوسع، على درب إصلاح شامل على قطاع العدالة بهدف تعزيز استقلالية السلطة القضائية، باعتبارها أهم ركيزة من ركائز دولة الحق والعدل والقانون، في ظلّ ممارسة ديمقراطية يشعر فيها المواطن فعلا بأنّ له رأيا يُؤخذ به، وأنه شريك في صنع القرار السياسي، ومعنيّ بمصير بلاده، مقيم للتوازن بين الحقوق والواجبات.

كما شهدت الفترة الماضية، حراكًا رسميا إضافيا لترقية مكانة النساء الجزائريات اللائي يمنحهنّ الدستور ضمانات قانونية حقيقية، وسمحت المراجعة الدستورية الأخيرة بإقرار مواد تشجّع المرأة مناصفة مع الرجل في ميادين الشغل وتقلّد المناصب بالهيئات والمؤسسات. وشكل العامان الآخران منعطفًا فارقًا على صعيد التمكين للشباب، من خلال دفع الطاقات الواعدة، وتحفيز الفعل الشباني المثمر، كمفازة تأسيسية للاستثمار الإبداعي المنتج المشعّ المنفتح على أنماط واعدة تؤسس للقادم. وجاء الاهتمام المتعاظم بالانفتاح على الشباب في سياق المسار النبيل المتطلع لتجسيد حلم الجزائر الجديدة التي تتماشى مع الواقع المعاش وروح الأمل والترقية الشاملة وتثمين المبادرات الخلاقة. وأكّد الرئيس تبون أن ترقية الشباب ستبقى مهمّة ذات أولوية، كونها تشكّل عاملاً هامًا للتماسك والتلاحم ورافدًا للإشعاع وذلك من خلال منظومة متكاملة، بدء بالوعاء الغزير الذي تشكّله دور الشباب بأدوارها النوعية كخلايا قاعدية تجعلها حجر الزاوية في منظومة الشباب عبر ربوع الجزائر الحبيبة..