خاب التكسير والتصفير..!

  • 619
بلسان: جمال لعـلامي بلسان: جمال لعـلامي

ناكر للواقع والحقيقة، من يقول بأن الجزائر لم تحقّق وتجني مكاسب ديمقراطية منذ رئاسيات 12 ديسمبر 2019. فقد تمّ مراجعة الدستور، وتأسّست قبله سلطة مستقلة لمراقبة الانتخابات، لقد تم تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، وتعزيزها بالنسبة للمنتخبين ونواب البرلمان.

"الجزائر الجديدة" المتمخضة عن حراك 22 فيفري الأصيل أنهت "نظام الكوطة"، ودفنت قاعدة "الشكارة" في مقبرة التغيير الجذري، ووضعت حدا للتلاعب بالإرادة الشعبية، وقبرت التزوير وشراء الذمم وفرض الرداءة على الكفاءة، كما ألغت عقلية "البن عمّيس" والحاشية وبطانة السوء، في السيطرة على الحكومة والبرلمان والمجالس المحلية.

أخيرا، وليس آخرا، مشروع قانون الانتخابات هو درجة أخرى في سلّم الصعود نحو التغيير السلمي، وتكريس الإصلاحات الشاملة، وها هو قرار حلّ المجلس الشعبي الوطني في انتظار التشريعيات المسبقة، يُعيد الأمل لمواطنين "كرهوا" الانتخابات بسبب سنوات طويلة من اللعب والتلاعب باختيارهم وقرارهم.

الجزائريون عن بكرة أبيهم وأمّهم، استذكروا مطالبهم وهم يحيون الذكرى الثانية للحراك الأصيل، فقد طالبوا بالتغيير وهو ما تحقّق تدريجيا، وسيتحقق بإذن الله وبالنوايا الصادقة لكلّ الرجال والوطنيين والمواطنين الذين يضعون الجزائر فوق كلّ اعتبار، ويتصدون لكلّ المتربصين والمتآمرين والمحرّضين والمغامرين.

نعم، التغيير يكون بالمشاركة واقتراح الحلول والبدائل القابلة للتجسيد.. بالحوار والنّقاش الهادف والمفيد.. ولذلك، على "المنظّرين" و"الفلاسفة" و"نجوم البلاطوهات" أن يُظهروا "حنّة يديهم"، بعدما كشفت الأيام والتجربة، أن النّظري ليس بالضرورة خطا موازيا للتطبيقي، وأن "الهدرة ساهلة" و"المايّة تكذّب الغطـّاس"!

التغيير لا يكون بأيّ حال من الأحوال، بعقلية "التكسير" والعدمية و"التعنتير" و"تصفير" العشرات والمئات والآلاف والملايين، بحجب الأرقام الأولى على اليسار، وإظهار الأصفار التي على اليمين فقط!

التغيير لا يكون بمنطق "أنا أو لا أحد"، ولا بافتعال الكوليرا والطاعون والبلهارسيا، لترويع الآمنين ومحاولة ليّ ذراع "المفاوضين".. وإنما التغيير يكون بالتي هي أحسن، وبالإقناع، وقوّة الحجّة، وعدم إنكار الايجابيات والمكاسب، وتحويل السلبيات والنقائص، إلى ألغام مضادة للأشخاص دون وضع اعتبار للضحايا والأبرياء.

الكثير من روافد ومكوّنات "النخبة" بحاجة فعلية إلى "حراك" في العقليات والذهنيات والنوايا، وطبعا فإن "الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّر ما بأنفسهم"، فالحاصل، بالنسبة لعديد السياسيين - والحمد لله، ليس كلهم- أنهم انتهازيون ووصوليون ومصلحيون، قد تعميهم أنانيتهم ونرجسيتهم، فيرفعون الفأس ويشرعون في نخر المكان الذي يقفون فوقه على متن "الباخرة"، وإذا خاطبهم النّاس قالوا: ما لكم، إنه مكاننا نفعل به ما نشاء!

لا يُمكن للخيّرين والطيّبين أن يسمحوا بمغامرات ومساومات "رهط" سياسي تعوّد خلال العهد البائد، على الفوز الافتراضي والمفبرك في الانتخابات وفق منظور "المحاصصة"، وقد "والفو" اقتسام الريع والغنيمة تحت الطاولة، و"والفو" تسجيل الأهداف بشراء ذمّة "الحكّام"، و"والفو" أكل الغلّة وسبّ الملة، و"والفو" إبعاد إرادة "فخامة الشعب" من معادلة الاختيار والقرار.. فاللهم لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منّا وبنا.