تسارع الزمن لمواكبة التغيرات ورهانات المرحلة
الأحزاب السياسية تستنفر قواعدها استعدادا للانتخابات القادمة
- 352
فرضت الاستحقاقات القادمة التي تعتزم القيادة السياسية في البلاد تنظيمها في إطار تجديد المجالس الشعبية الوطنية والمحلية، على عدة تشكيلات سياسية إعادة تنظيم هياكلها من جديد، بهدف التحضير للمشاركة في هذه الاستحقاقات بشكل كلي أو جزئي ومحاولة التكيف قدر الإمكان مع الرهانات الجديدة التي جاء بها قانون الانتخابات الجديد المقرر الإفراج النهائي عنه في القريب العاجل، حسبما أكدته تصريحات عديد السياسيين لـ"المساء".
ولم تجد الأحزاب التي اعتادت المشاركة الدورية في الانتخابات، إشكالا كبيرا أمام المستجدات السياسية التي فرضتها تحوّلات المرحلة الراهنة، سواء تعلق الأمر بالنقاط الجديدة التي وردت في قانون الانتخابات، أو بقرار الجمع بين الانتخابات التشريعية والمحلية والتي تنوي القيادة السياسية في البلاد تنظيمها في اقرب الآجال.
حمس تشرع في تنصيب لجان الترشيحات الولائية
من بين الأحزاب التي تقدمت بشكل ملحوظ في التحضير للمواعيد السياسية القادمة، حركة مجتمع السلم، التي ضبطت ساعتها على وقع مستجدات الوضع الراهن، حيث أكد العضو القيادي في الحركة، وعضو مجلس الشورى للحزب أحمد شريفي في تصريح لـ"المساء"، أن "حمس" شرعت في تنصيب لجان الترشيحات الولائية والبلدية على مستوى بعض الولايات، استعدادا للاستحقاقات القادمة التي تنوي السلطة تنظيمها، مشيرا إلى أن العملية لاتزال متواصلة على أمل الانتهاء منها في الآجال القريبة. وستعنى اللجان السالفة الذكر باستقبال الترشيحات وغربلتها على ضوء القرارات التي ستتخذها الحركة إزاء الموعدين في الوقت المناسب. وأوضح شريفي، أن التنظيم الدوري والمستمر للحركة سهّل عليها عملية التحضير للموعد الانتخابي، لا سيما وأن القواعد متلائمة وملتفة حول القرارات التي تتخذها القيادة السياسية للحركة.
جبهة المستقبل تتوسع قاعديا استعدادا للاستحقاقات
جبهة المستقبل تقدمت هي الأخرى في عملية التحضير للاستحقاقات المقبلة، حيث أشار عضو الأمانة الوطنية للحزب، الحاج بلغوثي لـ"المساء"، إلى أن الحزب لديه مكاتب في 58 ولاية وهي على أتم الاستعداد والجاهزية لخوض الانتخابات المحلية والتشريعية التي تنوي السلطة تنظيمها. وأشار المتحدث إلى أن المواعيد السياسية الماضية التي خاضها الحزب، جعلته يكتسب تجربة ويتقدم قاعديا، حيث كانت رئاسيات 12 ديسمبر 2019، فرصة لتوسيع صفوفه أكثر مما كانت عليه. ومن بين التشكيلات السياسية الأخرى التي تعرف بتنظيمها القاعدي الواسع، حزب التجمّع الوطني الديمقراطي، حيث كشف لنا مصدر من المجلس الوطني للحزب بأن التنظيم داخل الأرندي لايزال قائما بالشكل الذي درج عليه الحزب دائما، "حيث يستعد دائما للمواعيد السياسية ولا يترك عنصر المفاجأة يخلط عليه الأوراق". وأضاف نفس المصدر أن "المناضلين ملتفين حول قرارات القيادة وتوجيهاتها العامة، وهي تعمل على قدم وساق حتى يحافظ الحزب على مكانته في الاستحقاقات المقبلة وفق برنامج التغيير الذي تبناه الحزب تكيفا مع المطالب الشعبية المعبر عنها والتي تبناها الحزب في برنامجه ويعمل على ضوئها". من جهتها، فصلت حركة النهضة، في قرار المشاركة في الاستحقاقات القادمة، غير أنها لاتزال تنتظر ما سيسفر عنه قانون الانتخابات الجديد، حتى تصمم على ضوئه خريطتها الانتخابية، حسبما أكدته النائب السابق عن الحركة، سامية خمري لـ"المساء"، موضحة أن قواعد الحركة موجودة ولا تستدعي أي تغيير..
وبجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن حركة النهضة تعد من التشكيلات التي لديها مشكلة العتبة الانتخابية التي تضمنها قانون الانتخابات على مستوى تقديم الترشيحات والفرز.. ما يفرض عليها تكييف قوائمها عبر المناطق التي تتوقع أن تحرز فيها الفوز.
الأفافاس يفصل في قرار المشاركة في دورة المجلس الوطني القادم
حتى وإن لم يفصل حزب جبهة القوى الاشتراكية بعد في قرار المشاركة من عدمه في الانتخابات المنتظر تنظيمها قريبا، غير أن القيادة السياسية للحزب، تواصل بذل جهودها من أجل إعادة الاعتبار للحزب كقوة سياسية وتقوية الفيدراليات، حتى تكون حاملة لانشغالات الشعب ومتكيّفة ومطالبه الراهنة. في هذا السياق أكد العضو القيادي في الحزب والأمين الوطني السابق، محمد نبو، في تصريح لـ"المساء"، أن الأفافاس سطر برنامجا لتقوية صفوفه قاعديا، لاسيما في المرحلة الحالية التي تقتضي منه أن يلعب دوره كاملا، مشيرا إلى أن قرار المشاركة في الانتخابات، محلية كانت أو تشريعية، لا يتخذ إلا على ضوء قرار جماعي للمجلس الوطني للحزب. ويبرر خيار الحزب تأجيل النظر في قضية المشاركة في الانتخابات، بعدم حصول إجماع على مستوى القواعد حول هذه المسالة، التي يعتبرها بعض المناضلين ثانوية، مقارنة بالمسائل النضالية والسياسية الأخرى، حتى وإن كان المعروف عن الأفافاس أنه لا يتخلف عادة عن خوص المحليات وترك التشريعيات لمتغيرات سياسية أخرى.
هجرة مناضلي الأفلان نحو تشكيلات أخرى..
وإذا كانت الأمور التنظيمية تبدو سهلة بالنسبة للأحزاب السالفة الذكر، فإنها صعبة على الحزب العتيد، وذلك لاعتبارين اثنين، الأول سياسي ومبني على الصورة القاتمة التي تشكلت حول الحزب بعد انطلاق الحراك الشعبي، وما تلاها من محاكمات تتعلق بقضايا فساد ذات الصلة بإعداد القوائم الانتخابية وفق معيار المال. أما الاعتبار الثاني، فيرتبط بهجرة عدد من مناضلي الحزب نحو تشكيلات أخرى، وفي مقدمتها جبهة المستقبل على أمل الظفر بمقعد انتخابي لاحقا.
وحسب معلومات مؤكدة لـ"المساء" يتحاشى عديد المناضلين إعادة ترشيح أنفسهم في قوائم الحزب العتيد، خوفا من الإقصاء وعدم الفوز في الانتخابات، خاصة وأن الأفلان لايزال يدفع ضريبة المرحلة الماضية ويحمل مسؤولية سوء التسيير.. ما يجعل مهمة القيادة الحالية للحزب في التحضير للاستحقاقات المقبلة صعبة نوعا ما.