ثلاث عشريات من النشاط الإنساني والرياضي
قمير سليم امرأة فوق العادة... حكاية إرادة وتحدًّ
- 1452
حريّ بنا أن نستحضر نشاط السيدة قمير سليم وذكرياتها على مر 30 سنة مع شريحة المعاقين حركيا. التقينا بها في أجواء التحضيرات الجارية للاحتفال بالعيد الوطني للمعاقين الذي تنظمه سنويا الرابطة الولائية لرياضة المعاقين وذوي العاهات بولاية باتنة، بنفس الطموح والإرادة، مجددة الأمل نحو مستقبل أفضل لهذه الشريحة، التي حظيت في برامج الدولة باهتمامات خاصة، بإمكانها تغيير النظرة إلى هذه الفئة التي حققت ما عجز عنه الأسوياء من بني جلدتهم في شتى المجالات، والأمثلة كثيرة، والقطاع الرياضي كفيل بترجمة هذه الإنجازات، كما هو الشأن في بعض المجالات.
قالت قمير إن الإنجازات التي حققتها هذه الفئة بإمكانات متواضعة، "ما هي إلا اعتراف منا بقدرات ومهارات ذوي الهمم"، من هؤلاء الأبطال والبطلات، وإشادة بقدراتهم، وكان لهم شأن آخر بعدما جعلوا الراية الجزائرية ترفرف عاليا في المحافل الدولية، وحفظوا ماء الوجه، ووُصفوا بالمنقذ الدائم للرياضة الجزائرية؛ تحية عرفان وتقدير لهم، ولكل من أوصلوهم إلى هذه المراتب. وبخصوص النشاط الاجتماعي قالت إنها لاتزال تناضل لتغيير النظرة إلى هذه الشريحة، داعية في السياق، إلى التكفل الجدي بهذه الشريحة بعد سن قوانين تحميهم، وتضمن لهم امتيازات طالما كانت إحدى انشغالاتهم؛ كأولوية الحق في العمل، والسكن والاندماج في المجتمع. قمير هي نموذج من دفاتر أيام الإرادة، ونموذج لعيّنات المرأة المعاقة، التي تحدت الواقع خلال 30 سنة من النشاط الإنساني والرياضي، انطلق من عمق الأوراس، وترعرع في الحركة الجمعوية طيلة هذه المدة. ضيفة "المساء" قمير سليم رئيس نادي أوراس التحدي للمعاقات حركيا- باتنة، تحدت الواقع، ولم تعد إعاقاتها عائقا لتجسيد طموحاتها. اختصرت المسافة، لتتبوأ مكانة لها في زخم الحركة الجمعوية، فضلا عن كونها تمثل الاتحاد الولائي المعاقين حركيا بالولاية الذي يضم أزيد من 3500 معاق حركيا، يمثل فيه العنصر النسوي أزيد من 30 ٪، وهي تترأس ناديا نسويا للمعاقات، أنجب بطلات قاريات وعربيات. تقول محدثتنا إن مشاكل هذه الفئة ستذوب تلقائيا مادامت الإرادة قوية، خصوصا مع سن القوانين الجديدة، التي ستعمل بنسب كبيرة، على تذيل العقبات، وهي تحصي المشاكل الاجتماعية التي يعيشها المعاق؛ سواء كان متمدرسا، أو رياضيا أو بطالا. وأدرجت إلزامية تغيير الذهنيات والنظرة إلى هذه الشريحة.
قمير التي اتخذت من الجد والتحدي عنوانا لنشاطها، جسدت ذلك ميدانيا بإنشاء ناد نسوي للمعاقات، أكدت أحقيتها، وهي غنية عن التعريف. وشرّفت الوطن والمنطقة، وترعى شبلاتها الثلاثين في جملة العدد، رياضيا وإنسانيا. كما تحظى باحترام وتقدير في الولاية وخارجها؛ تبعا لنشاطها وتفانيها في العمل. ظلت طيلة هذه المدة تدافع عن حقوق المعاقين، وتساهم في كل المبادرات لتوفير الأجواء اللازمة لبروزها واندماجها في الحياة الاجتماعية، وهي التي تحدت تقاليد المنطقة وتجاوزت حدودها لتصنع من المرأة المعاقة الأوراسية، بطلة. وتتويجا لنشاطها ومسيرتها وتكريما لها، كانت عُينت في وقت سابق، من قبل وزارة الشباب والرياضة للإشراف على الرياضة النسوية. ولأن الطموح يكبر تقول قمير: "إن تجربتي مع هذه الفئة هي سر مثابرتي. والمسؤوليات تكليف، خصوصا عندما يتعلق الأمر بانشغالات فئة ذوي الاحتياجات الخاصة". وللإشارة، فإن المعنية هي عضو فيدرالي بالاتحادية الجزائرية لرياضة المعاقين، ونائب الرئيس، قبل أن يحل المكتب التنفيذي للفيدرالية مؤخرا، بعدما عملت لعهدتين بجد وإخلاص. واغتنمت الفرصة محدثتنا لتثني على جهود وزير الشباب والرياضة، آملة أن يتجسد وعده برد الاعتبار لها، وتمكينها من مواصلة نشاطها، وإعفائها من قرار التوقيف المؤقت، الذي شمل أعضاء المكتب التنفيذي للفيدرالية، ورئيسها السيد محمد حشفة في الأشهر القليلة الماضية، علما أن السيدة قمير، كما أوضحت لـ "المساء"، بمعية بعض أعضاء المكتب التنفيذي للاتحادية الجزائرية لرياضة المعاقين، كانوا راسلوا منذ سنة 2017، وزراء للشباب والرياضية سابقين، لإطلاعهم على ما يجري ببيت الاتحادية بعدما انحرفت عن مسارها.