بينما اقترح الرئيس النيجيري نقل "أفريكوم" إلى إفريقيا
الولايات المتحدة تحذّر الأفارقة من الزحف الصيني
- 706
نقلت الولايات المتحدة الأمريكية، حربها الدبلوماسية مع الصين إلى الساحة الإفريقية التي غابت عنها على مدار السنوات الأربع الماضية ضمن مسعى للحد من تنامي النشاط الصيني الذي وجد في القارة السمراء ضالته لمواصلة زحفه على مختلف الأصعدة الاقتصادية والتجارية.
وتدرك إدارة الرئيس جو بايدن الذي وعد خلال حملته الانتخابية بتعزيز الشراكة مع القارة السمراء، أهمية استعادة دور الولايات المتحدة الريادي في إفريقيا والذي عرف في السنوات الأخيرة تراجعا ملحوظا في ظل انتهاج الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لسياسة اقصائية وتجاهل في حق الأفارقة. وتريد الإدارة الأمريكية من خلال العودة إلى الساحة الإفريقية قطع الطريق على الصين التي تربطها علاقات اقتصادية وتجارية قوية بأغلبية البلدان الإفريقية عززتها بحجم الاستثمارات التي استفادت منها بكين وجعلتها الشريك رقم واحد لقارة تبحث ليس فقط عن أمنها واستقرارها ولكن أيضا تنميتها وتطوّرها. وقد ترجم كاتب الدولة الأمريكي للخارجية، أنطوني بلينكن هذا الاهتمام الأمريكي بإفريقيا خلال المباحثات التي أجراها افتراضيا، أول أمس، مع الرئيسين النيجيري محمد بوخاري والكيني اهورو كنياتا.
وتعهد بلينكن في محادثاته مع الرئيسين الافريقيين بالتزام أكثر من قبل الولايات المتحدة إزاء القارة السمراء، بل وراح يؤكد على ضرورة أن تبني الدول الافريقية علاقاتها مع الدول الأخرى "بعيون مفتوحة على مصراعيها" في إشارة واضحة باتجاه الصين الغريم الصاعد للولايات المتحدة. وقال "إننا لا نطلب من أي أحد أن يختار بين الولايات المتحدة والصين، ولكن أشجعكم على طرح الأسئلة التي تثير الغضب والمطالبة بالشفافية واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الأفضل لكم ولبلدانكم". كما عبر كاتب الدولة الأمريكي عن قلقه لتراكم الديون على بعض الدول الإفريقية التي لجأت للاقتراض من الصين خاصة خلال الأزمة الصحية التي فجرتها جائحة كورونا. وهي رسائل واضحة من بلينكن، الذي أكد أن ادارته تؤمن بإفريقيا ولديها ثقة في إمكاناتها غير العادية، باتجاه العملاق الصيني بأن بلاده لن تترك المجال مفتوحا أمام بكين لفرض منطقها وستواصل منافستها عبر كل مناطق تواجدها في العالم.
وفهمت الصين الرسالة الأمريكية بما جعلها تسارع في الرد من خلال التأكيد على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان، أن بلاده وإفريقيا "صديقان وشريكان يتمتعان بمصير مشترك وأن تطوير علاقات التعاون الودي مع الدول الأفريقية ظل وسيظل السياسة الأساسية في الدبلوماسية الصينية". بل وحذر المسؤول الصيني في تصريحه، أمس، من أنه إذا أرادت الولايات المتحدة ممارسة سياسة المنافسة بين الدول الكبرى في أفريقيا فهذا لن يؤدي إلا إلى الإضرار بمصالح الدول الأفريقية، مشددا على أن بلاده "ظلت تتمسك بالصدق والعدالة في التعاون مع إفريقيا وتحترم رغبات الشعوب الإفريقية واحتياجات دولها". وأمام تغير النظرة الأمريكية لإفريقيا، اقترح الرئيس النيجيري، محمد بخاري، على الولايات المتحدة النظر في مسألة نقل القيادة الأمريكية في إفريقيا "أفريكوم" من ألمانيا إلى إفريقيا من أجل تعزيز الجهود الجارية لمراقبة الوضع الأمني في القارة.
وأصدرت الرئاسة النيجيرية بيانا تلى الاجتماع الافتراضي بين الرئيس بوخاري وبلينكن، جاء فيه أنه "بالنظر إلى التحديات الأمنية المتنامية في غرب ووسط إفريقيا وخليج غينيا ومنطقة بحيرة تشاد ومنطقة الساحل الإفريقي، ما يلقي بثقله على إفريقيا يؤكد ضرورة أن تبحث الولايات المتحدة نقل مقر "أفريكوم" من شتوتغارت بألمانيا إلى إفريقيا وبالقرب من مسرح العمليات". وهو ما يطرح التساؤل ما إذا كانت إدارة بايدن ستتخذ من مسألة تنامي نشاط الجماعات المسلحة خاصة في منطقة الساحل الافريقي مدخلا مناسبا لإعادة تفعيل دورها المغيب طيلة سنوات والعودة إلى إفريقيا ولو من بوابة "أفريكوم"، أم أنها ستركز اهتمامها على مجال الاستثمارات الاقتصادية والتجارية كما تفعل الصين.