بين الأزمة المالية وتحدي الانتقال الرقمي

إصلاحات لتكريس صحافة احترافية متكيّفة مع المتغيّرات

إصلاحات لتكريس صحافة احترافية متكيّفة مع المتغيّرات
  • 345
    م. ف/و. أ م. ف/و. أ

❊ 200 عنوان في الصحافة المكتوبة.. 50 قناة و100 موقع إلكتروني

إعادة تفعيل صندوق مساعدة الصحافة المجمد منذ 2014

لا تزال الصحافة الوطنية المتأثرة بأزمة مالية حادة، تواجه عديد التحديات، المتمثلة أساسا في إيجاد نموذج اقتصادي ناجع يسمح لها بالاستمرار وتحقيق الانتقال الرقمي، دون الحياد عن دورها المحوري في بناء الدولة واحترام الحقوق والحريات.

تعد الجزائر اليوم قرابة 200 عنوان في الصحافة المكتوبة ونحو 50 قناة تلفزيونية و100 موقع إلكتروني، كلها وسائل إعلام تسعى إلى الظفر بمكانة في ساحة إعلامية تعيش تحوّلا كبيرا. هذا الزخم من وسائل الإعلام تحقق بفضل القانون رقم 90-07 الصادر في 3 أفريل 1990 والمتعلق بالإعلام، الذي جسد التعددية الإعلامية وكذا القانون العضوي 2012، الذي سمح بظهور قنوات تلفزيونية خاصة والصحافة الالكترونية، إضافة إلى التقدم المحقق في الممارسة الإعلامية وحرية المضمون لمحترفي القطاع.

أمام الأزمة المتعددة الأشكال التي تواجهها وسائل الإعلام والمتميزة بصعوبات مالية جمة نتيجة الأزمة الاقتصادية المترتبة أساسا عن انهيار أسعار البترول، أعلنت وزارة الاتصال عن إعادة تفعيل صندوق مساعدة الصحافة المجمد منذ 2014، من أجل إعانة الصحف التي تواجه عجزا والتي تضررت بشكل كبير من انهيار سوق الإشهار العمومي والخاص. وأوضح وزير الاتصال عمار بلحيمر، أن إعادة تفعيل هذا الصندوق تهدف إلى مساعدة وسائل الإعلام الخاصة على تجاوز الصعوبات المالية، التي تعقدت أكثر نتيجة توقف النشاطات بسبب وباء فيروس كورونا (كوفيد-19). وسجل في السنوات الأخيرة اختفاء ما لا يقل عن 20 جريدة، عجزت عن مواجهة الأزمة في الساحة الإعلامية حسب أرقام وزارة الاتصال، فيما اضطرت أخرى إلى تقليص عدد عمالها وسحبها حتى تضمن استمرارها ما أدى إلى هشاشة جزء معتبر من الأسرة الإعلامية.

مقاربة جديدة لوسائل الإعلام

يراهن وزير الاتصال، الناطق الرسمي للحكومة في إطار مقاربة جديدة لوسائل الإعلام، على الانتقال الرقمي للصحافة المكتوبة الذي أضحى "ضرورة ملحة"، حيث شدّد على تطوّر الساحة الإعلامية التي تتميز خصوصا بتخلي عدة جرائد عن النسخة الورقية للجوء إلى الطبعة الإلكترونية. ولإعطاء سند قانوني للصحافة الإلكترونية التي تضم الكثير من المواقع الإلكترونية، تم سنة 2020 وضع مرسوم تنفيذي يحدد كيفيات ممارسة نشاط الإعلام عبر الأنترنت ونشر الرد أو التصحيح عبر الموقع الإلكتروني.

وكان الوزير الذي ما فتئ يؤكد دعم قطاعه للصحافة الإلكترونية، قد أشار إلى أن عهد الصحافة الورقية قد "انتهى"، داعيا الشباب المتخرجين إلى إنشاء مواقع إلكترونية جوارية ومتخصصة.  وأوضح أنه في الفترة ما بين 2010 و2018 تم تسجيل انخفاض في سحب الجرائد، وهو التراجع الذي ازداد حدة خلال أزمة كوفيد-19. وبخصوص قراء الصحافة في الجزائر، سجل المسؤول الأول عن القطاع أن 70 في المائة من القراء يتحصلون على المعلومة عبر الصحافة الإلكترونية التي ستمنح لها الأولوية للحصول على الإشهار العمومي. وأكدت وزارة الاتصال، إرادتها لرفع تحدي الأمن الرقمي، من خلال فرض توطين كافة المواقع الإلكترونية محليا، من أجل حماية معطياتها وكذا توطينها المادي والمنطقي في الجزائر مع توسيع نطاق dz. وأعلن الوزير في مارس الفارط عن تسجيل 45 موقعا إلكترونيا مؤمنا، مضيفا أن هدف القطاع يكمن في بلوغ 100 موقع قبل الصائفة المقبلة.

وتشير أرقام وزارة الاتصال إلى 101 وسيلة إعلامية إلكترونية مؤهلة للحصول على دعم، منها 37 تحصلت على شهادات التسجيل. وفتحت الوزارة عدة ورشات قصد تحسين وضعية قطاع الاتصال بصفة عامة ووسائل الاعلام بصفة خاصة، على غرار تعديل القانون العضوي المؤرخ في 12 جانفي 2012 المتعلق بالإعلام، باعتباره "أكبر ورشة لسنة 2021". وكشفت الوزارة عن شروعها في الإجراء الذي يتضمن تعديل المرسوم قصد وضع لجنة دائمة مكلفة بتسليم البطاقة الوطنية للصحفي المحترف وذلك من خلال تنظيم انتخابات تسمح بانتخاب صحفيين ومديري وسائل الإعلام ليكونوا أعضاء في هذه اللجنة. وشملت الإصلاحات أيضا قطاع الإشهار، خصوصا مع إعداد مشروع قانون تمهيدي لتنظيم النشاطات ذات الصلة وتحديد القواعد المتعلقة بممارسته، يضاف إلى ذلك مشروع تمهيدي لقانون متعلق بسبر الآراء الذي يوجد قيد الاستكمال.

وفي انتظار إصدار قانون الإشهار، صادقت الوكالة الوطنية للنشر والإشهار سنة 2020 على "15 مقياسا موضوعيا" في مجال توزيع الإشهار العمومي لفائدة وسائل الإعلام الوطنية. أما فيما يخض السمعي البصري، فإن وزارة الاتصال تراهن على إعادة تأهيل المؤسسة العمومية للبث الإذاعي والتلفزي الجزائري في بعض الوظائف الأساسية لجعلها واجهة بين القنوات الخاصة ومقدمي خدمة الإذاعة والتلفزيون الأجانب. وأعلن الوزير عن تعديل قانون 2014 المتعلق بنشاط السمعي البصري، إذ تم تنصيب لجنة مشتركة مع سلطة ضبط السمعي البصري على مستوى الوزارة لتكييفه وتحيينه. وبشأن القطاع السمعي البصري العام، فقد تم إثراؤه سنة 2020 بثلاث قنوات جديدة مخصصة للعائلة وترقية المعرفة والتاريخ وهي (القناة السادسة، القناة السابعة "المعرفة" والقناة الثامنة "الذاكرة"). كما أطلقت وزارة الاتصال في السنة ذاتها إعادة نشر الإذاعة الرقمية الأرضية، باعتبار ذلك تكنولوجية رقمية تسمح بضمان بث أكبر عدد من القنوات (9 إلى 18 إذاعة بتردد) مع نوعية سمعية أفضل.