معرض مباركي جيلالي برواق "عائشة حداد"
20 لوحة عن بهاء التراث الجزائري

- 1320

عشرون لوحة للفنان التشكيلي مباركي جيلالي معروضة حاليا برواق "عائشة حداد" التابع لمؤسسة "فنون وثقافة"، رسمها بالأسلوب الواقعي، وأضفى عليها جمالية فنية مميزة؛ حيث أحبّ الفنان رسم الطبيعة الجزائرية الخلابة، وعمرانها المتين، وتراثها العريق، وناسها المتنوعين، فجاءت لوحاته تعبّر عن كل هذه المواضيع في معرض "لمسات فنية مع نسمات صيفية"، الذي يتواصل إلى غاية السادس من الشهر الجاري.
لم يتوقف الفنان عن رسم الواقع فحسب، بل أضفى عليه عالمه الساحر، المتشكل من ألوان متدرجة، بعضها مشعّ، وأغلبها رقيق وفاتح، تدفع بزائر المعرض إلى الشعور بالراحة، والتنعم بالهدوء؛ مثل اللون الأصفر، الذي اعتمده الفنان في أكثر من لوحة؛ نذكر لوحة "براءة"، التي رسم فيها طفلتين تسيران في الطريق، وتشدان بيدي بعضهما البعض. ولوحة عن سرب من الغزلان. وثالثة عن واحة سماؤها صفراء، ونخلها عال يكاد يطالها.
أما عن الإضاءة المستعملة في مواضيع الفنان التي تتغنى بجمال الطبيعة وقدرة البشر في صنع كل ما هو جميل ومتين مشكلا بذلك تراثا مميزا، فهي خافتة في أغلبها، وساطعة أحيانا. كما اعتمد الفنان على لوحات مختلفة الأحجام والتقنيات، فرسم بعضها بتقنية الرسم الزيتي، وأخرى بتقنية الرسم المائي، وثالثة بالآكريليك، ورابعة بالحبر الصيني، وكلها أدت مهمتها بنجاح. كما رسم جيلالي الجبال الشاهقة، والبحار التي تسكنها الصخور، والغابة التي يظهر أنها تنتظر سقوط المطر في منظر خريفي جميل.
ورسم الفنان المرأة العجوز التي رغم سنها المتقدمة، تحمل قارورة غاز على ظهرها؛ كرمز للمرأة الريفية المثابرة. وفي لوحة أخرى، رسم امرأة ترتدي الحايك، وتتمشى في زنقة من أزقة القصبة، لتكون فرصة للفنان لإبراز جمال عمران المحروسة، بعد أن سلّط الضوء على اللباس التقليدي المحلي. ودائما مع القصبة، يعرض الفنان لوحة عن أطفال يقصدون عينا من عيون البهجة، وغيرها من اللوحات. لا أعزّ من الحرية؛ لهذا رسم جيلالي لوحة تُظهر قضبانا من حديد تمسكها يدان، قد يكون ذلك مصير رجل مسجون، أو ربما جسده حرّ، وروحه محبوسة بالذكريات وحتى الأوهام.
وفي أخرى استعمل الفنان الرمادي والأبيض والأسود، ورسم منزلا مهجورا بابه مفتوح، ونافذته كذلك. ورغم ظلمته إلا أن النور يشعّ إليه، ليؤكد أنّ بعد العتمة الشديدة نورا مقبلا لا محالة. ما بال ذلك الطفل الصحراوي يطلّ علينا من جذع نخلة وكلّه ابتسامة؟! وطفل آخر تسلّق شجرة جرداء، يتطلّع إلى مكان بعيد، قد يكون مستقبله، الذي لايزال مجهولا. ودائما مع الصحراء والقصور الطينية، رسم الفنان رجلا يرتدي زيا تقليديا، ويدير لنا وجهه، فبِم يفكّر يا ترى؟
للإشارة، يمثل هذا المعرض محطة إضافية في مسار فنان عصامي نظم العديد من المعارض الفردية، وشارك في معارض جماعية، مقدما بذلك فنا أصيلا يتقطر جمالا جزائريا، فهو مصمّم على المساهمة في الترويج لتراث بلده، وفي نفس الوقت التعبير عن خوالجه.