كان له الفضل في ترسيخ طبع الزرنة
30 سنة تمر على رحيل بوعلام تيتيش
- 2260
مرت ثلاثون سنة على رحيل أحد أعمدة الثقافة الشعبية العاصمية، الذي كتب اسمه بأحرف من ذهب في فن الزرنة، وهو الطابع الموسيقي الذي تعرف به الجزائر العاصمة ونواحيها، وهو بوعلام تيتيش، شيخ الزرناجية الذي لازال حيا في الذاكرة الجماعية بفضل من ساروا على دربه، من الشباب الذين ساهموا في ترسيخ هذا الفن الموروث منذ العهد العثماني.
يعتبر بوعلام تيتيش، واسمه الحقيقي بوعلام منصوري، أشهر زرناجي أو عازف غيطة في الجزائر، شأنه في ذلك شأن مصطفى اسكندراني، عازف البيانو، أو عبد الغني بلقايد أحمد على آلة الكمان، أو ربما عليلو (علي دباح) بآلة الدربوكة.
يعود لبوعلام تيتيش الفضل في ترسيخ طابع الزرنة الذي، إلى جانب آلات الغيطة والطبيلة والطبل التي تصنع إيقاعاته، فهو يتميز أيضا باللباس التقليدي العاصمي المكون من سروال التستيفة والبدعية (السترة المطرزة) وشاشية سطمبول وخف البابوش، فأصبح بهذا سفيرا للباس التقليدي الممتدة جذوره إلى تاريخ مدينة الجزائر، بل أضحى فيما بعد لباسا خاصا بالأطفال في المناسبات والأفراح وزيا رسميا للبالي الوطني.
ولد بوعلام تيتيش سنة 1908 بالأبيار، وكان يرافق والده الحاج أحمد الذي كان شيخ زرناجي، بالعزف على الطبيلات، وهو من ورثه حب هذه الموسيقى من صرامة في الأداء وأهمية الزي التقليدي وكذا كنية ”تيتيش”.
أنشأ تيتيش فرقته الخاصة سنة 1932، واحتك بالعديد من الجمعيات الموسيقية الأندلسية، على غرار ”الموصلية” و«الجزايرية” وفاز ببطولة العدو بين بولوغين وعين البنيان، حيث كان عداء في فريق مولودية الجزائر.
ذاع صيته بعد الاستقلال، وشرع في إحياء الحفلات ومرافقة المغنيين المعروفين آنذاك، ثم انصرف إلى تعليم فن الزرنة في معهد الموسيقى بالأبيار.
تتلمذ على يدي الفنان بوعلام تيتيش ثلة من الشيوخ الزرناجية، أسسوا فيما بعد فرقهم الخاصة، نذكر منها فرقة ”النوبة” التي استقر أعضاؤها في الخارج، لإحياء أفراح الجالية.
أينما كانت الأفراح والمناسبات العائلية السعيدة، إلا وتسمع الغيطة والطبيلات من بعيد، لتضفي طابعا تقليديا خاصا راسخا في الذاكرة الجماعية، لم تتمكن من محوه موجة الحداثة والمعاصرة.
ساعدت الأنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي الفرق الزرناجية التي تعد بالعشرات، على عرض خدماتها بسهولة لإحياء الحفلات العائلية، في ظل احترام وترسيخ التقاليد الموسيقية والزي التقليدي العريق.
رغم كثرة الفرق وتعددها، فإن جلها تجمع على انتمائها لمدرسة بوعلام تيتيش، وتسعى إلى إظهار هذا في كل مناسبة، احتراما وتبجيلا لشيخهم.
رحل عنا بوعلام تيتيش في الفاتح ديسمبر 1989، لكن إرثه وطابع الزرنة الذي قضى حياته سفيرا له، يفرض نفسه أكثر فأكثر كموسيقى للأفراح والمناسبات السعيدة التي تلم شمل العائلات العاصمية في الشوارع والبيوت.