الفنان عبد الحكيم بوديسة لـ"المساء":
أجد نفسي في المسرح وحبي للفن لايقل عن حبي لعملي في الحماية المدنية
- 1078
فنان شاب ابن مدينة الجسور المعلقة، يبلغ من العمر 32 سنة، تمرد على خشبة المسرح في سن 13 ربيعا، ليتعلم مبادئ الفن على يد أساتذة وفناني جمعية "البليري للفنون والآداب"، الذين كانوا أول من اكتشف موهبته الفنية، فحضي بأدوار مهمة في العديد من المسرحيات، على غرار "الشيطان في خطر"، "بونطوميم"، "قهوة السي المانع"، "رياضيون ولكن ..." وغيرها من الأعمال التي كانت الانطلاقة لأعمال مسرحية وتلفزيونية عديدة، نال عليها عدة جوائز وطنية وعربية. حبه للفن وتبليغ رسالة إنسانية في أعماله، لم يقف حائلا أمام حبه لمهنته الأخرى التي لا تقل أهمية عن فنه، فهو ضابط بالحماية المدنية منذ 2011، ويسعى خلالها إلى حماية أرواح وممتلكات الغير، أضحك الكثيرين بمقالبه الطريفة في برنامج "الكاميرا الخفية"، وها هو اليوم، بعد أن كان مجرد موهبة صغيرة في جمعية من أهم الجمعيات المسرحية بالولاية، والتي كانت سببا في شهرته في ريعان شبابه، ينصب رئيسا ومسؤولا عنها.. الفنان المسرحي القسنطيني حكيم بوديسة يتحدث لـ"المساء" عن أهم محطات حياته الفنية والشخصية.
حاورته: ح. شبيلة
-- من هو حكيم بوديسة الفنان؟
- حكيم بوديسة فنان مسرحي من مواليد ديسمبر 1988، متخرج من جامعة قسنطينة تخصص لغة فرنسية، ممثل مسرحي وسينمائي، شاركت في العديد من الأعمال المسرحية والسينمائية والبرامج التلفزيونية، آخرها برنامج الكاميرا الخفية "غير أهرب" الذي يعرض على القناة الوطنية خلال هذا الشهر الفضيل، من إخراج أحمد رياض، كما أنني حاليا رئيس جمعية "البليري للفنون والآداب" التي تعد من أعرق الجمعيات الوطنية في الجزائر ومدينة قسنطينة، أضف إلى كوني ضابطا بمديرية الحماية المدنية.
-- حدثنا قليلا عن مشوارك الفني وبداياتك مع المسرح؟
- بداية حكيم بوديسة كانت في سن الـ13 مع جمعية "البليري للفنون والآداب"، التي اكتشفت موهبتي بعد عملية انتقاء لاكتشاف المواهب الشابة، حيث كنت من بين الشباب الذين وقع عليهم الاختيار للمشاركة في عدة أعمال مسرحية، كمسرحية "غضب العاشقين "للكاتب الروائي والمسرحي حما ملياني، التي نالت سنة 2009 الجائزة الذهبية الأكاديمية، والجائزة الكبرى العالمية للمسرح لأحسن نص، ثم تلقيت عدة تكوينات حتى أتمكن من تطوير قدراتي الفنية المسرحية، وبالممارسة وحب الخشبة كبرت ونضجت بين أحضانها، حيث شاركت إلى جانب كبار الفنانين، في أعمال مسرحية هامة قبل أن أنتقل إلى مسرح "محي الدين بشطارزي" في دور رئيسي لمسرحية "حلم الأب" و"الشهداء يعودون هذا الأسبوع"، وهي المسرحية التي تحصلت على المرتبة الثانية بمهرجان المسرح العربي الرابع المقام بعمان (الأردن)، وغيرها من المسرحيات الأخرى كمسرحية "سيد الرجالة" و"رسالة إنسان" مع مسرح مرايا ومسرح البليري وغيرها.
-- أين هو الفنان حكيم من الأعمال التلفزيونية؟
- بداياتي كانت محتشمة، وحتى ظهوري كان قليلا جدا في الأعمال التلفزيونية، فأنا أحب وأجد نفسي في المسرح أكثر، غير أن هذا لم يمنع مشاركتي في العديد من الأفلام الثورية، كفيلمي "ساعي البريد"، "البحار والكشاف" وأفلام أخرى كالمشاركة في فيلم "احمد زبانة"، وكذا الفيلم الوثائقي "ابن خلدون"..
-- هل قلة أعمالك السينمائية هي سبب قلة العروض المعروضة عليك؟
- بالعكس تماما، أي فنان مسرحي متمكن تأتيه عروض مختلفة ومتنوعة، وأنا كفنان مسرحي، جاءتني الكثير من العروض، لكن مع الأسف، لم أكن أملك الوقت الكافي للتفرغ لهذه الأعمال، خاصة إذا كانت خارج الولاية، بسبب التزاماتي المهنية وعملي الثاني، كوني رجل حماية مدنية، كما أن العديد من الأعمال التي اقترحت كانت تستدعي الالتزام التام، لكن هذا لم يمنع مشاركتي في العديد من الأدوار السينمائية الهامة التي أعتز بها.
-- كان لك تعاون ووزارة الثقافة مؤخرا، في عمل سينمائي، حدثنا قليلا عنه..
- نعم، آخر مشاريعي السينمائية هو عمل مشروع من إنتاج وزارة الثقافة، وهو فيلم "الحياة تستمر" الذي نلت فيه دور حسان، وهو البطل الرئيسي رفقة الفنانة نادية لعريبي في دور مونية، بالإضافة إلى الفنانة ليندة سلام، من إخراج محمد زمايش، وهو العمل الذي رأى النور بعد عمل شاق، وقد عرض عدة مرات بقاعات السينما، غير أن الوضع الحالي بسبب جائحة "كورونا" تسبب في توقيف عرضه مؤقتا.
-- هل ساعدتك العائلة في حياتك الفنية، وكانت موافقة على دخولك عالم الفن رغم صغر سنك؟
- أكيد فعائلتي، وعلى رأسها والداي هما من وقفا إلى جانبي، حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن، فقد سانداني منذ كان عمري 13 سنة، ولم يتركاني للحظة، بل وقفا إلى جانبي في بداياتي وتمكنت من التوفيق بين هوايتي وحبي للفن، وبين الدراسة فتفوقت في الإثنين، أما في المجال الفني، فكان للفنانين هشام داودي وحمزة حمودي الفضل الكبير في تلقيني أصول الفن المسرحي، والوقوف على الخشبة، ولهما كل الفضل لما وصلت له من رصيد فني.
-- تشارك حاليا ببرنامج كاميرا خفية "غير أهرب" التي تعرض خلال هذا الشهر؟ حدثنا عن التجربة.
-- مشاركتي في الكاميرا الخفية كانت بفضل أخي، وصديقي الذي أكن له كل الاحترام، وهو الفنان أحمد رياض، كوننا نتشارك ونتقاسم الكثير من الأفكار، حيث كنا دائما نحاول انتقاء المقالب الجادة والمضحكة في آن واحد، والتي لا تمس بمشاعر المشاركين في المقلب، فكان الاتفاق على مراعاة الجانب الإنساني، خاصة أن الهدف من البرنامج هو إدخال الضحكة في قلوب المتلقين، والكاميرا الخفية لهذه السنة كانت تتناول مواضيع مضحكة وفكاهية خفيفة، ولا تشكل أي خطر على المشاركين فيها.
-- بالحديث عن رمضان، كيف يقضي حكيم يومياته في هذا الشهر؟
- مع الأسف، رمضان لهذه السنة جاء في ظروف صعبة للغاية، بسبب الحجر الصحي الذي تعرفه البلاد نظرا لتفشي وباء "كورونا"، مما جعلنا نلزم المنازل ونمتنع عن الذهاب إلى العائلة الكبيرة، خاصة أنني وأسرتي الصغيرة كنا نتقاسم الفطور والعائلة السنوات الفارطة، وحز في نفسي كثيرا غياب الظواهر الاجتماعية المصاحبة للشهر الفضيل التي تعودت عليها، لكن الحمد لله، المهم زوال البلاء قريبا وعودة الأمور إلى طبيعتها.
-- تحدثنا عن حكيم الفنان، ماذا عن حكيم الشخص ومهنة رجل الحماية، كيف جمعت بين المجالين وكيف توفق بينهما؟
- حبي للفن لا يقل أهمية عن حبي لعملي كرجل للحماية المدنية، فبعد تخرجي التحقت بصفوف الحماية، واليوم أنا في رتبة ضابط بها، وأعتقد أن حبي لهذه المهنة هو حب من نوع آخر، كوني أرى عملي كمن يجب أن يأخذ يوميا جرعة الأدرينالين، خاصة عندما تحس أنك سبب في إنقاذ حياة شخص أو حمايته من خطر ما، فهذا ليس بالأمر الهين، كما أنني لا أعتبرها مصدر رزق، بل جرعة ـ كما قلت ـ يجب أن أحقن بها يوميا.
أما عن التوفيق بين المجالين، فأرى أن الفنان ورجل الحماية يشتركان في العديد من الخصائص، فالفنان يقدم رسالة نبيلة للمتلقي، وهدفه إسعاده ومساعدته، وهو الحال بالنسبة لرجل الحماية الذي يسعى إلى حماية وإسعاد المواطن، فضلا على أن حس الفنان جعلني أحسن التعامل مع زملائي وحتى المواطنين الذين أتعامل معهم..
-- عمل رجل الحماية المدنية صعب جدا هذه الأيام، خاصة مع فيروس "كورونا"؟ ماذا تقول؟
- صحيح أن عملنا في هذه الفترة تحديدا حساس جدا، وصعب ككل العاملين في الصفوف الأولى، كوننا معرضون للإصابة في أي وقت، لكن حبنا للمهنة وقسمنا يجبرنا على العمل بجد وإخلاص، كما أن التعاون بيني وبين زملائي حال دون التفكير في الأمور السلبية، فنحن نسعى إلى مساعدة المصابين ومجابهة الخطر.
-- ماهي المبادرات الفردية أو الجماعية التي قمت بها لمجابهة الفيروس؟
- لقد كانت لي ولعدد من زملائي الفنانين، وحتى رجال الحماية، مبادرات فردية لمجابهة الفيروس، حيث اطلقنا حملة لتنظيف المدينة القديمة، ساعدنا فيها محسنون تبرعوا ببعض الأجهزة والمعقمات، وقمنا بالعملية التي لاقت استحسانا كبيرا من قبل السكان، خاصة أنها كانت منسية، وكان التركيز على وسط المدينة..
-- كفنان، مارأيك في البرامج التلفزيونية التي تعرض خلال هذا الشهر؟
- لست مع النقد الذي يصل إلى حد التجريح، فأنا أحترم كل فنان قام بعمل واجتهد فيه، ولو لم يكن العمل ناجحا، المهم أن يصلك الجهد الذي بذله فريق العمل ككل وليس الفنان فقط، وأنا ضد ما يروج له في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن النقد بات يطال فنانين في شخصهم وليس عملهم، أتركوا النقد لأهله، وأعتقد أن أي عمل فني، الجمهور هو من يحكم عليه سواء كان ناجحا أو فاشلا.
-- ماهي الأعمال أو المشاريع التي تحضر لها؟
- نحضر رفقة جمعية "البليري" لعمل مسرحي هام، أفضل عدم الحديث عنه لأتركه لوقته، وقد بدأنا التحضير والتدريبات، لكن بسبب الحجر، تم توقيف كل شيء إلى غاية إشعار آخر.
-- هل من كلمة أخيرة؟
- أشكر جريدة "المساء" التي أتاحت لي فرصة تنشيط ذاكرتي، والعودة إلى أهم محطات حياتي، كما أشكر كل فناني "البليري" كل باسمه، على مساندته لي.