الكاتب يحي بوبكر لـ"المساء":
أدعو إلى تسمية الأماكن الجزائرية بأسمائها الأصلية

- 351

طالب الكاتب يحي بوبكر بضرورة تسمية كل الأماكن الجزائرية بأسماء محلية، والتخلي بذلك عن الأسماء الأجنبية، خاصة المتعلقة بجلادي المحتل الفرنسي، التي ما تزال بعض الفضاءات تحمل أسماءهم، ولو بشكل غير رسمي، مثل مقهى مالاكوف الشهير.
يعكف الكاتب يحي بوبكر على كتابة مؤلفه الجديد حول الجزائر العاصمة، والذي يدخل في إطار سلسلته "جزائرتي الخاصة بي"، التي صدر عنها إلى حد الساعة ثلاثة كتب، وهي "طريق بسكرة"، "مقهى مالاكوف" و"كسيرة" (لافركتال)، وقال بوبكر لـ"المساء"، على هامش استضافته بمكتبة "الاجتهاد"، إنه يهتم بالسفر عبر المناطق المختلفة لبلدنا الواسع، لاكتشاف المزيد من الأحداث التاريخية التي شهدتها هذه الأرض، التي عرفت تعاقب حضارات كثيرة عليها، وكيف أن شعبها أدرك طريقة تكيفه مع مخلفاتها، رغم احتفاظه ببصمته.
أكد بوبكر أن وراء كل حجر وفي أعماق كل واد وخلف كل شجرة، حدث تاريخي جريح مس الجزائر، التي قاوم فيها شعبها كل الاستعمار الذي حط على هذه الأرض الضاربة في التاريخ، مضيفا أن الشعب الجزائري عُرف أيضا بتسامحه، فقد اعتنق ديانات أخرى قبل دين الإسلام.
اعترف الكاتب برغبته في الكتابة، أولا لعلاج نفسه من الشعور بالضيق، وحتى الضياع، أمام كل العنف الذي تعرض له الشعب الجزائري منذ آلاف السنين، وهو شعور يتقاسمه الجزائريون، ومن ثم محاولته ثانيا، إيجاد أجوبة على خلفية هذا الإحساس، مؤكدا أن الجزائري ليس بعنيف أبدا، بل تعرض للعنف من خلال كل المقاومات التي مارسها ضد المحتلين، كما أنه يحمل في أعماقه كل "الظلم" الذي طاله من جميع المحتلين، ليطالب المختصين بدراسة اختلاف الجزائريين عن الآخرين، وتعطشهم في إثبات جزائريتهم، والمبالغة في التعبير عن فرحتهم، وكذا الصعوبات التي يعيشونها لوضع الجزائر في سكة التطور.
وتوقف بوبكر عند تسمية بعض الأماكن الجزائرية بأسماء أجنبية، مثل تسمية مقهى مالاكوف، علما أن دوق مالاكوف هو لقب الجلاد بليسيي، الذي قاد عملية محرقة أولاد رياح بمستغانم، التي أحرقت فيها قبيلة بالكامل، حينما اختبأت في مغارة، وقام أيضا بقتل ثلثي سكان الأغواط. وهو ما تطرق إليه في روايته الثانية "مقهى مالاكوف"، التي قام فيها برحلة قادته إلى عدة أماكن، في حين تناول في روايته الأولى، رحلة أخرى، ذكر فيها وقائع تاريخية، مثل كمين باليسترو الذي أودى بحياة كتيبة من الجيش الفرنسي، الذي رد بعد شهر بإعدام زبانة وفراج.
أما في روايته الثالثة، فقد تناول فيها مثل سابقتيها، أحداثا تاريخية بشكل عام، تتعلق خصوصا بمعركة زمالة الأمير عبد القادر، فذكر أن المنطقة التي حدثت فيها هذه المعركة، اسمها عين طاقين، وغير المحتل الفرنسي اسمها، ومن بعد الاستقلال عُرفت المنطقة باسم زمالة الأمير عبد القادر، وهو ما لم يرق للمتحدث، الذي أكد على التسميات القديمة للأماكن الجزائرية، وأن الاسم الجديد يعبر عن هزيمة تعرض لها الأمير. وأضاف أن الرواية الثالثة جاءت على لسان الراوي، الذي تنقل عبر عدة مناطق، وفي كل مرة يتذكر أحداثا متعلقة بطفولته.
بالمقابل، أشار الكاتب إلى عدم رغبة فرنسا الاعتراف بجرائمها الإنسانية، مشيرا إلى أن ما حدث لقبيلة ولاد رياح مثلا، أسوأ مما حدث لغزة، فقد تم تصفية قبيلة بأكملها، أي القضاء على أرواح أبنائها وثقافتهم وجذورهم بشكل وحشي، حيث بلغت ألسنة النيران 60 مترا، ولم تنطفئ إلا بعد مرور أسبوع على اندلاعها.
وأكد بوبكر أن ما يجمع الجزائريين، هي أرض الجزائر، وأن الجزائري بحاجة لمن يعرف له ببلده وبكل رقعة فيها، وبكل حدث تاريخي عرفته منذ 204 مليون سنة، أي أن يكتشف الجزائر الأصلية بأسماء أماكنها الحقيقية، معتبرا أن الشعب الجزائري ذكي، فقد استطاع التكيف مع الحضارات التي استوطنت أرضه، لكن بمفهومه وعلى طريقته، فمثلا حول اللغة العربية إلى لهجة خاصة به، واتبع إسلاما معتدلا.