"قلب اللوز” ياسمينة خضرا بـ"دار القصبة”

أمل يخرج من قسوة بارباس

أمل يخرج من قسوة بارباس
  • القراءات: 132
 مريم. ن مريم. ن

تنظم “دار القصبة” للنشر يوم 15 سبتمبر الجاري بيعا بالإهداء للكاتب ياسمينة خضرا، الذي سيوقع روايته الجديدة “قلب اللوز”، مستقبلا جمهوره من القراء الذين سيكتشفون كالعادة، متعة الغوص في تفاصيل الأحداث الملفوفة بقوة الكلمات، مع وصف قسوة عالم يرفض المجهول.
صدرت “قلب اللوز” مؤخرا، وهي توليفة من مواضيع إنسانية واجتماعية شتى، منها العلاقات الأسرية والتهميش الاجتماعي، والتعبير عن أحوال الراهن كموقف يرفض إلغاء الذات.
تدور أحداث الرواية في حي بارباس الشهير بالعاصمة باريس، حيث تلتقي الجاليات والثقافات والأعراق، ليبرز بطلها المدعو “نستور” ذو القامة القصيرة، الذي ترفضه والدته منذ لحظة ولادته، بسبب تشوهه الخلقي، لتتكفل جدته برعايته، ومن ثم بقي مرتبطا بها لا يفارقها، فهي نبع الحنان والحب، علما أنها كانت تعمل معلمة اللغة الفرنسية قبل تقاعدها، لتبقى متكفلة بطلبات نستور، رغم معاشها البسيط.
ترعرع بطل الرواية في بيت بسيط لا يبعد كثيرا عن كنيسة “الساكري كور” الشهيرة، وظل هذا الحي مزدحما وصاخبا والحياة فيه صعبة، لكن البطل نستور بقي دوما متفائلا ومصرا على الحياة، لا يكل ولا يمل في البحث عن سبل لتحسين حياته وحياة جدته العزيزة.
تتوالى الأحداث، لتبدأ حالة الجدة الصحية في التدهور، ويزداد الأمر سوءا عندما تصاب ذاكرتها بالاختلال شيئا فشيئا، ما تطلب إدخالها دار رعاية المسنين، ليعيش نستور بفعل هذا التحول المفاجئ، الوحدة والانكسار، ثم تتعقد الأمور أكثر عندما تقرر أم نستور بيع الشقة التي يقيم فيها مع جدته، ليجد نفسه بين ليلة وضحاها، مرميا في الشارع بلا سند  ولا مأوى، وهنا ينهار تماما.
كان السلاح الوحيد الذي يملكه نستور لمواجهة هذا الواقع المر، هو الكتابة كتعبير عن ألمه وغضبه، وكملاذ نحو النور والأمل، وهكذا سجل في أوراقه ذكرياته مع جدته الحنون والكلمات التي علمته إياها، مجتهدا في تحويل هذه المأساة الإنسانية إلى إبداع وصمود ورغبة في حياة أفضل، وتنديد بالقسوة التي سلطت عليه، ليطلق على الكتاب الذي أنجزه عنوان “قلب اللوز”، وهو لقب أطلقه عليه أصدقاؤه العرب في الحي، كناية عن قلبه الطيب وروحه الصافية.
للإشارة، تقف الرواية مساندة قوة الترابط الأسري وتمجد قوة الكلمة، كوسيلة للتعبير عن الذات، كما يبدع ياسمينة خضرا في رسم صورة حي بارباس الباريسي بسكانه المتنوعين، ويتفنن بشاعرية مفرطة في تقديم أحاسيس الأمل واليأس التي تجتمع في قلب واحد بجسد نستور القصير. وتبقى “قلب اللوز” رسالة إنسانية من شاب عاش الصعاب، وبها معان سامية وعميقة عن قدرة الإنسان على تجاوز راهنه القاسي بالمقاومة. للتذكير، كان ياسمينة خضرا يقول دوما، إن الأدب ثورة وكفاح وقضية إبداع.