الوتريات السورية تبرز دلال الوتر والقوس
أوركسترا موسكو "موسيقا فيفا".. برافو
- 402
بأجواء سيمفونية رائعة، أسدلت الدورة الثالثة عشرة من المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية، ستارها، حيث كانت أوبرا الجزائر "بوعلام بسايح"، سهرة الأربعاء الفارط، فضاء للحن الراقي والأداء البارع والصوت القوي، أثثته وتريات الفرقة السيمفونية السورية وأركسترا الغرفة لموسكو "موسيقا فيفا"، وكان عنوانه المهارة والرقي.
السهرة السادسة والأخيرة من المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية، حضرها جمهور غفير، غصت به دار الأوبرا، وكانت أجمل ما يمكن أن تودع به الدورة الثالثة عشر، خاصة أن البرنامج المقترح يجمع بين جوقين سيمفونيين كبيرين، هما وتريات الفرقة السيمفونية السورية وأركسترا الغرفة لموسكو "موسيقا فيفا"، اللذين قدما أداء رائعا صفق له الجمهور عاليا وتفاعل معه كثيرا، كيف لا وجميع مقومات اللحظات الجميلة حاضرة، عزف متقن وحضور موسيقي ملفت وأداء جميل وغناء أوبرالي مدروس، وجمهور رائع، فكان أن عاش جمهور الأوبرا في عالم مواز للواقع لأكثر من ساعتين من الزمن.
استهل الحفل وتريات الفرقة السيمفونية السورية بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان، الذي عبر عن سعادته الكبيرة التي تتجدد مع كل مشاركة له في المهرجان، ليقدم أول مقطوعة، حيث نلمس دلال الوتر والقوس، للملحن السوري وارطانيان بعنوان "لونغا"، تليها مقطوعات راقصة للوتريات، كإبداع الجوق المكون من 9 عازفين في تقديم فالس من سيريناد الوتريات "سلم مي ماجور"، مصنف 22 للملحن التشيكي دفورجاك، ولتشايكوفسكي عزفوا فالس من سيريناد الوتريات "سلم دو ماجور: مصنف 48، أما للملحن الهنغاري بارتوك، قدموا "رقصات رومانية، وهي سبع، كل واحدة منها عن لحن معين، وقال المايسترو باغبودريان، إنها ألحان قريبة منها لاستخدام ملحنها لمقام "الحجاز" العربي.
وتواصلت مقطوعات فرقة الوتريات بمقطوعة النرويجي غريغ "رقصة انيترا" من متتالية "بيير غينت"، تبعتها "منمنمات أرمينية" للأرميني كوميداس، واختار المايستر 4 منها، مشيرا إلى أن كوميداس أحب الموسيقى الشعبية، وهذه المنمنمات تتغنى بالجمال والحب، فمنحت الحضور إحساسا جميلا بالفرحة وتبادرت إلى الأذهان أجواء الحقول والمروج الخضراء.
"من سورية إلى الجزائر"، هو عنوان المقطع الأخير في الجزء السوري للسهرة الأخيرة من المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية، وقبله توقف المايسترو باغبودريان، وقال إنها شكر للجزائر التي كانت أول دولة تتضامن مع سورية، عقب زلزال 6 فيفري 2023، ففي 7 فيفري، حطت أول طائرة مساعدات بحلب لفك الحصار وتقديم المساعدة، مؤكدا أنه في لحظات الحزن، نكتشف الأصدقاء، وقال "شكرا للجزائر على طريقة الموسيقيين"، فقدمت رقة الوتريات "عليك مني سلام" و"طلعت يا محلى نورها شمس الشموسة"، وختمتها باللحن الأيقوني "يا الرايح" الذي رافقه الجمهور بالغناء والتصفيق، وكذا الزغاريد التي أضفت جوا خاصا على هذا الجزء من السهرة، فالتقت النوتات الكلاسيكية بالتعبيرات الشعبية عن الفرح والحبور وحتى عن الفخر.
وببراعة فنية عالية، وقف أعضاء أوركسترا الغرفة لموسكو "موسيقا فيفا"، بقيادة المايسترو ميخاييل أنتونينكو، أمام الجمهور، مقدمين أداء رائعا، زاوجوا فيه بين الإتقان والفرجة، حيث أدى العازفون والمؤدون الروس بمهارة عالية، مقاطع موسيقية وأوبرالية لكبار الملحنين، على غرار تشايكوفسكي، فيفالدي، روشمانينوف، هندل، فيردي روسيني وغيرهم.
أوركسترا الغرفة لموسكو، التي وقعت السهرة الأخيرة من الدورة الثالثة عشر من المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية، جمعت معا المهارة والمرونة، لمنح الجمهور، باقتدار، مقطوعات باروكية جعلتها أجمل ليلة سيمفونية وأمتع لحظات يمكن لمتذوق الموسيقى السيمفونية أن يأملها، والأكيد أنه لن ينساها عن قريب.
وقدمت ألوانا زاهية ومتنوعة، شهدت تفاعلا من الجمهور الذي ملأ مقاعد الأوبرا من أجل الاستمتاع بهذا الفن العريق.وأظهرت الأوركسترا خلال الحفل، التزاما كبيرا بعزف المقطوعات الموسيقية التي أخذت السامعين إلى رحلة خيالية بين أروقة قصور أوروبا وحدائقها وتاريخها في سماء الموسيقى الرحبة، وبتناغم تام بين عازفي أوركسترا الغرفة، عزفت آلاتهم أجمل مقطوعات كبار الموسيقيين، وتداولت على الركح أصوات أوبرالية شابة رائعة بصيت عالمي وخامات عالية، كأنتونينا فازنينا، كليم تيخونوف، انتونينا فازنينا، كليم تيخونوف، اييانا أيفازين وبافل ستاسنكو وتسيفيتانا أومالتشوك، لامست أصواتهم أديم سماء الجزائر بأداء رائع صفق له الجمهور كثير.
فبسيريناد وتريات لتشايكوفسكي، استهل الحفل بإمرة المايسترو ميخاييل أنتونينكو الذي أبان عن تحكم رائع وحضور طاغ على الخشبة، ليصدح بعده صوت الميزو- سوبرانو تسيفيتانا أومالتشوك التي أدت مقطعا من أوبرا "الإيطالية بالجزائر" لروسيني، لتتوالى المقاطع الموسيقية والأوبرالية، على غرار مقطع "أجيتاتا دا دوي فانتي" لفيفالدي، التي أدتها أيضا الميزو- سوبرانو تسيفيتانا أومالتشوك، و"الجو جميل هنا" وأدتها السوبرانو انتونينا فازنينا، التي أبدعت أيضا في "مقطوعة من أوبرا "كليوباترا" لهاندل، ومقطوعة من أوبرا "جوديت" لفيفالدي التي برعت فيها السوبرانو تسيفيتانا أومالتشوك، كما أمتع الباريتون بافل ستاسنكو والتينور كليم تيخونوف بصوتيهما المجلجل، اللذين شدا إليهما الأسماع التي تفاعلت مع الطبقات الصوتية المتميزة لهما، وبادلهما الجمهور بالتصفيق الحار.