ندوة توظيف التاريخ في الأدب
إبداع روائيين شباب في تعزيز الهوية الوطنية
- 212
تميزت ندوة "توظيف التاريخ في كتابات الشباب"، أول أمس، بـ"فضاء إفريقيا" في الصالون الدولي 27 للكتاب، بحوارات ثرية، تناولت كيفية استلهام الكتابات الروائية من فترات تاريخية مهمة، ما يُبرز إسهام الأدب الجزائري المعاصر في الحفاظ على الهوية وتعزيز الوعي الثقافي الوطني.
جمعت الندوة مجموعة من الروائيين الشباب، للحديث عن توظيفهم للتاريخ في كتاباتهم الأدبية. شارك في النقاش كل من الروائية زهرة كشاوي، عبد العزيز عثماني، الهاشمي كيراش، حمزة كودري، وعبد القادر بن جعفري، وأدارت الجلسة الأستاذة انشراح سعدي بأسلوب مميز، جذب الحاضرين.
افتتح الحديث عبد القادر بن جعفري، حيث تناول روايته "عيشتو ريم الرقيبات"، التي تستعرض مغامرات أفراد قطعوا رحلات ملحمية عبر الصحراء، انطلاقا من مدينة السمارة في الصحراء الغربية، وصولا إلى موريتانيا، تندوف، أدرار، ومناطق أخرى.
تتتبع الرواية رحلة "عيشتو"، الطالبة الجامعية في أدرار، التي تهاجر إلى إسبانيا وتعيش تجارب مثيرة. تلتقي برجل إسباني يُدعى "خوان" وتتزوج منه، وتنجب ولدا يكون أملها في أن يصبح مناضلا من أجل حرية الصحراء الغربية. وفي هذا، أكد بن جعفري على أهمية كتابة الرواية بأسلوب جمالي أدبي، حيث يكون الروائي متحررا من القواعد الأكاديمية الصارمة، رغم اعتماده على أحداث تاريخية.
من جانبه، تحدث عبد العزيز عثماني عن روايته الأولى "سين، القمر في قطع"، التي حصلت على جائزة آسيا جبار الكبرى للرواية لعام 2024، ضمن فئة الرواية المكتوبة باللغة الفرنسية. وأوضح أن الرواية جاءت بعد أكثر من عام من البحث في التاريخ وعلم الأنثروبولوجيا، حيث تدور أحداثها في زمن موغل في القدم، يعود إلى أكثر من 355 سنة قبل الميلاد. تستعرض الرواية قصة الملك "زيوسودرا" الذي يورث حكم بلاده إلى أبنائه، قبل أن ينسحب من عالم البشر، لتبدأ ملحمة خيالية عن الصراع من أجل البقاء.
كما كشفت زهرة كشاوي عن روايتها "مدن المرجان"، التي تناولت فيها مرحلة تاريخية، ترتبط بالاتفاقيات الاقتصادية بين الدولة العثمانية وفرنسا، التي أبرمت لاستغلال المرجان في مناطق القالة، سكيكدة، وعنابة. من خلال قصة تاجر فرنسي، مكث عشرين عاماً في الجزائر، كجزء من هذه الشركات، استطاع جمع معلومات أمنية ساهمت في تسهيل الاحتلال الفرنسي للجزائر، حيث تحولت تلك الشركات إلى قواعد عسكرية فيما بعد.
أما الروائي الهاشمي كيراش، المتوج بجائزة آسيا جبار للرواية عن فئة اللغة الأمازيغية، فقد تحدث عن روايته "1954 ميلاد أمل". القصة مستوحاة من أحداث حقيقية، جرت في منطقة خراطة، وتدور حول شاب كان يستعد للزواج، لكنه قرر الانخراط في الثورة التحريرية، عند اندلاعها في عام 1954، متعهدا بعدم النزول من الجبل إلا بعد تحقيق الاستقلال. وأشار كيراش إلى أن هدفه هو غرس حب الوطن لدى الأجيال الجديدة، من خلال الأدب.
في ختام الجلسة، تحدث الروائي حمزة كودري، الذي يكتب باللغة الإنجليزية، عن روايته "ساند روزس". وتجري أحداث الرواية في مدينة بوسعادة عام 1930، التي كانت في تلك الفترة وجهة سينمائية وفنية عالمية. تحكي الرواية قصة أختين تعملان راقصتين، وتجدان نفسيهما في مواجهة جندي فرنسي في حادثة دفاع عن النفس، ما يقودهما إلى الانضمام إلى حركة المقاومة في بوسعادة. أشار كودري إلى أنه استعان بجرائد تلك الفترة، إلى جانب صور ولوحات فنية وتماثيل تعود للحقبة نفسها، لخلق خلفية تاريخية دقيقة للأحداث.