ندوة "كتاب في حوار، الهجرة والتعابير الثقافية"

إبداع من وحي التاريخ والمعاش الجزائري

إبداع من وحي التاريخ والمعاش الجزائري
الكاتبان كوثر عظيمي وأكلي تاجر
  • 98
مريم. ن مريم. ن

استعرض الكاتبان كوثر عظيمي وأكلي تاجر، مؤخرا، تجربتهما الروائية، التي ظلت تحمل بعض التعابير الثقافية الجزائرية، رغم عيشهما خارج البلاد، محاولين استثمار التاريخ والخصوصية الثقافية لنسج أحداث، قصد تقديمها حتى للقارئ المختلف، الذي لا علاقة له بهذه الخصوصيات.

قالت كوثر عظيمي، إنها حرصت دوما على إبقاء علاقتها بوطنها الأم متينة، ناهيك عن حرصها على النشر في الجزائر، تماما كما تنشر في مكان إقامتها بفرنسا، حيث تختار دوما "البرزخ" للتعامل مع القارئ الجزائري (أصدرت لها 5 أعمال)، وتحدثت عن أهمية المكان في الكتابة، معتبرة إياه محفزا وفضاء خصبا للتأمل، وتؤكد أنها التزمت في أعمالها بوطنها الأم الجزائر، رغم مغادرتها إلى فرنسا مع والديها اللذين كانا معربين، ففي بيتهما هنا بالجزائر، حيث ولدت، كل الكتب بالعربية، وكذلك الاستماع للموسيقى الشرقية، لكن بالنسبة لها، حلت بفرنسا وهي في سن الرابعة، ودخلت المدرسة هناك، وتعلمت الفرنسية، ثم عادت إلى الجزائر لتواصل تعليمها حتى حصولها على البكالوريا بالعربية، لتلتحق بعدها بجامعة بوزريعة.

توقفت الكاتبة عند إحدى رواياتها "نذير شؤم"، الصادرة عن دار "سوي" للنشر، التي تعود أحداثها إلى عام 1922 بقرية نائية، أبطالها ثلاثة أصدقاء طفولة هم؛ سعيد، طارق وليلى، يلتقي الصديقان مجددا في الجبهة بالحرب العالمية الثانية، وفي مدينة فرساي الفرنسية، حيث يعيش طارق فترة طويلة في ظروف بائسة، يعاني خلالها عنصرية الفرنسيين واحتقارهم له، فيقرر العودة إلى وطنه. أما سعيد فيصدر رواية مشهورة حول سنوات مراهقته بطلتها ليلى، ما يسبب فضيحة في القرية، فيضطر طارق وزوجته ليلى إلى الذهاب والعيش في العاصمة، ولا يعودان إلا أثناء العشرية السوداء.

أما الروائي آكلي تاجر، فتحدث عن مساره العائلي، وكيف أنه ولد في فرنسا من أبوين جزائريين مهاجرين وأميين، سكنا في حي أغلبه من الفرنسيين، ليلتحق بالمدرسة ويكتشف غربته، من خلال درس التاريخ الذي لم يجد فيه أبويه ولا أجداده ولا الجزائر، ليبدأ رحلة البحث التي قادته إلى زمن المهاجرين والبؤس والظلم الممارس ضد الجزائريين، خاصة منهم المجندين قسرا، للدفاع عن فرنسا. بالنسبة لتاريخ الثورة التحريرية، فلا يزال مجهولا عند الشباب الفرنسي، ويقولون له أحيانا ما علاقتنا بها، ويرد "لها علاقة بتاريخ بلادكم".

توقف المتحدث عند روايته "حامل المحفظة"، التي تقررت على طلبة ثانوية فرنسية، لكن البعض رفض دراستها وحتى قراءتها، لأنها ذات مضمون جزائري، فقرر آكلي مقابلتهم، علما أن هذه القضية أثارت جدلا كبيرا في فرنسا، وقال آكلي، إن بعضهم قال له، إن بها كلمات عربية، مثل مسعود، لكنه رد على أن الكثير ممن حملوا اسم مسعود وغيره، ماتوا من أجل فرنسا في الحرب، واعترف بعضهم بالعنصرية، لكنه أفحمهم عندما قال لهم، لماذا تشجعون الجزائريين عندما يلعبون في فريقكم الوطني لكرة القدم؟ مرجعا كل ذلك للجهل بالتاريخ بين شباب فرنسا.
أسهب المتدخل في الحديث عن مظاهر العنصرية، حتى في الكتابات التاريخية والأدبية، حيث يوصف الجزائريون بالأهالي أو الجنود، وقد لا تجد أثر الجزائريين حتى في الروايات، كما هو الحال مع كامو، عندما تحدث عن الطاعون في وهران، ولم يذكر الجزائريين، ليبدوا كأطياف شفافة لا أثر لها، وكأن المستعمر أراد بناء الجزائر من دون جزائريين.

في النقاش، أشار آكلي تاجر إلى أنه يكتب التاريخ ولا يداهن أحدا، وأنه لا يضع يده في يد من يكيد للجزائريين وتاريخهم، ولا يقبل جوائز أدبية ملطخة بالتنازلات، مشيرا أيضا، إلى أن اهتمام بعض الأطراف ليس بالرواية في حد ذاتها، بل استغلالها لأغراض مشبوهة، تمس بتاريخ وكيان بلادنا، وبذلك دعا إلى الحذر من اللقاءات المفخخة، منها التلفزيونية، التي قد تعطي للكاتب 20 ثانية، للحديث عن روايته، والباقي لأخذه إلى مسارات لا علاقة لها بالكتاب.