معرض "لوعيل .. فن يروي الهوية" بقصر "مصطفى باشا"

إحياء لأعمال أحد الرواد الذين تشبثوا بالملامح الجزائرية

إحياء لأعمال أحد الرواد الذين تشبثوا بالملامح الجزائرية
  • القراءات: 279
مريم. ن مريم. ن

يحتضن قصر "مصطفى باشا" إلى غاية 28 ديسمير القادم، معرض"لوعيل .. فن يروي الهوية"، من تنظيم المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر "ماما"، بالتنسيق مع المتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط، وسيتمكن الجمهور الزائر، من خلال العديد من اللوحات، من اكتشاف أعمال هذا الفنان الكبير، الذي تميز بالإبداع والتجديد والعرفان لجيل الرواد، كما استطاع باحترافيته وتكوينه العالي، الاستثمار في التراث الوطني، بلمسة ساحرة ومعبرة عن قيم الأصالة والهوية.

افتتحت الفعالية مديرة "ماما"، مثمنة في كلمتها الترحيبية، التعاون مع متحف قصر "مصطفى باشا"، داعية إلى اكتشاف أعمال هذا الفنان القامة، الذي أعطى الكثير للفن الجزائري، واستطاع المزج بين الأسلوبين التجريدي والواقعي، كما ثمن تراثنا الوطني وعراقة الفنون والأصالة الدائرة في فلكه.
أما مديرة المتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط، هاجر نجاة ركاب، فصرحت لـ"المساء"، أن المعرض ثمرة تعاون بين "ماما" وقصر "مصطفى باشا"، كما أنه فرصة لاكتشاف هذه الأعمال من زوار القصر الذي تعوّد في الغالب مشاهدة فنون الخط والمنمنمات والزخرفة، مؤكدة أيضا، أن هذا التعاون فكرة نوقشت بين مختلف المتاحف، لتعزيز التعاون والتبادل، وفي هذا الإطار، أعلنت أن متحف قصر "مصطفى باشا" سيرحل في زيارة لولاية سطيف، ثم عين الدفلى، فالمدية، قبل نهاية السنة.

التقت "المساء" لحظات قبل افتتاح المعرض، بالسيد وليد مزياني، المكلف بسنوغرافيا المعرض، والمشرف على العرض (وهو أيضا فنان تشكيلي)، ليؤكد أن المعرض به 58 لوحة، بعضها أصلية للفنان لوعيل، وتعرض بطريقة خاصة، وفي جناح به حواجز معدنية تفصل اللوحات عن الجمهور، حفاظا عليها، وهو ما وقفت عليه "المساء"، موضحا أيضا أن "ماما" لا زال تحت الترميم، بالتالي يطوف عبر المتاحف الأخرى، لعرض برامجه.
وعن مهمته، قال إنها تبدأ من الدعاية للمعرض، وصولا إلى السينوغرافيا، مشيرا إلى أن المهام التي ترافق العرض، أصبحت في السنوات الأخيرة محدودة، بل تكاد تكون منعدمة، عكس ما كان من قبل، لانعدام الإمكانيات، فلم يعد لأي معرض مطويات أو ملصقات أو "كاتالوج" أو غيرها مما يؤثر على رواج المعرض.
أشار المتحدث، إلى أن العمل يركز على مخطط معين، يسبق العرض لتحديد المقاسات، ومراعاة مضمون أعمال الفنان وقراءتها فنيا وبصريا، حتى لا يكون العرض عشوائيا، بل ومراعاة أيضا البعد والارتفاع بين اللوحة والمشاهد، حتى تكون مريحة، وذكر بالمناسبة، أنه سبق وتعامل مع الراحل لوعيل، عندما أنجز له "كاتالوج" لمعرضه، تناول أعماله ومساره الفني.

وتوزع المعرض عبر 3 أجنحة في الطابق السفلي للقصر، منها جناح خاص بالأعمال الأصيلة للفنان، وتنوعت المواضيع، لكن ربطها موضوع الجزائر ومعالمها الثقافية والاجتماعية والتاريخية، ولأن الفنان من مؤسسي الفن التشكيلي الجزائري، فقد قدم لوحة كبيرة، تصدرت أحد الأجنحة، عرفانا لرفيق دربه وصديقه إسياخم.
أغلب اللوحات كانت شخوصا بملامح جزائرية، منها لوحة "الرجلة" التي رسمها عن خصلة الرجولة عند الجزائري، بكل ما تحمله من قيم ومعان، وكذا "الأمومة"، وغيرها من اللوحات بألوان شمعية على الورق، كما خصص بورتريها لوجهه ذي النظرة الثاقبة، التي تعكس تجربة حياته.

للتذكير، محمد لوعيل من مواليد 23 أفريل 1930 في بلوزداد بالعاصمة، التحق بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة من 1947 إلى 1951 في عام 1947، التحق بكلية الآداب بالجزائر، في سياق تاريخ الفن، ودرس أيضا مع شكري مسلي ومحمد إسياخم ومحمد بوزيد وغيرهم من أبناء جيله.
في عام 1953، عمل في قسم الحرف بالجزائر العاصمة، تحت إشراف لوسیان جولفين، وهناك التقى بشير يلس وعلي خوجة وأحمد قرة أحمد، وفي عام 1957، أقام في باريس وشارك في المسرح الملتزم مع أندريه أكتار، لتجسيد ديكور المسرح، وهو صانع معالج في وكالة للهندسة، وعضو مؤسس في الاتحاد الوطني لفنون تشكيلية (1963)، وعضو في مجموعة 35 رساما (الجزائر العاصمة 1964)، شارك في ندوات حول علم المتاحف الخارج.

مع محمد إسياخم، كتب تقريرا عن التدريب في المتاحف سنة 1969، كما قدم عدة أعمال فنية، منها الملصقات للمهرجانات، ومنها مهرجان عموم إفريقيا، وأسبوع الفيلم الإفريقي، وعيد العمال والطوابع، سميت غرفة في المتحف الوطني للفنون الجميلة باسمه، تستحوذ وزارة الثقافة على جميع أعماله، لإدماجها في المجموعات الوطنية والمحافظة عليها، قصد عرضها أو ترميمها، أو من أجل دراسة أعماله الموجودة في المتحف العمومي الوطني للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة.
وفي نهاية حياته المهنية، عاد لوعيل إلى فن النقش، حبه الأول، ليقدم سلسلة من 29 مطبوعة غير تصويرية، عبر فيها عن تحفظه وصمته المتقن وإحساسه بالتفاصيل، قبل أن يترجل في 20 جوان 2011.