كتاب ”واصيف في مواجهة كتيبة المطاردين الألبيين”

إخلف أزواو يجمع شهادات مؤثّرة

إخلف أزواو يجمع  شهادات مؤثّرة
  • 799

يعد كتاب واصيف في مواجهة كتيبة المطاردين الألبيين السابعة لإخلف أزواو (طبع 2017 بالمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية) بمثابة مجموعة شهادات مؤثرة عن مقاومة منطقة بأكملها وخاصة سكان قرية تميغراس بدائرة واصيف (تيزي وزو) لفظائع الاستعمار الفرنسي.

يروي الكتاب على مدار صفحاته الـ 538 الأحداث التي ميزت منطقة واصيف دائرة واصيف (على بعد 40 كلم جنوب تيزي وزو) خلال حرب التحرير الوطني، كما يضم صورة بانورامية لقرية تمغراس مأخوذة من جبل تاليتات (يد اليهودي)، علما أن مقدمته كتبها عالم الاجتماع والمؤرخ عبد المجيد مرداسي.

كما يتضمن بيانات جغرافية عن قرية تميغراس وسكانها والشهداء حسب الفئة العمرية والاقتصاد وموارد القرية، فضلاً عن أصولها وأصول القبائل الرئيسية وتنظيمها الاجتماعي وعدد كبير من البيانات الاجتماعية الأنثروبولوجية الأخرى الخاصة بهذه القرية الصغيرة.

ويضع الكاتب أزواو يخلف، من مواليد 20 ديسمبر 1949 في قرية تميغراس، للقارئ والباحثين وثيقة تاريخية تعدّ ثمرة بحث ومجموعة من الأدلة التي استمر جمعها على مدار ثلاث سنوات. وعلاوة على الوثائق التاريخية والرسائل ومراسلات أخرى، يتضمن هذا الكتاب صورا لشهداء ومجاهدين وذلك بإرفاق قائمة 145 شهيدا من تيميغراس وصور 94 شهيدا منهم بما في ذلك 64 امرأة وستة (6) أطفال، كما تم إرفاق قائمة الشهود (مجاهدون ومواطنون الذين عانوا من هذه الأحداث).

ويذكر المؤلف أحداث وأسماء الشهداء والمقاتلين المعروفين بإيجاز كحالة الشهيد منسي عامر الذي تم إعدامه بالمقصلة في 8 أبريل 1957 ورفيقه الشهيد كاشا أكلي، الملقب النمر الأسود لجرجرة بسبب شجاعته وحُكم عليه بالإعدام غيابياً في نفس قضية منصري. ويملأ الكاتب أزواو هذا الفراغ بإعطاء تفاصيل عن خلفياتهم ومن خلال صورهم (صفحة 68) وغيرهم من المجاهدين بهذه المنطقة.

ويفيد الكاتب الذي استخدم كلمات بسيطة أنه تم إنشاء ورشة لصنع المتفجرات محلية الصنع في أوت 1954 تحسباً لاندلاع حرب التحرير الوطني وذلك في منزل آيت مختار أحمد في قرية آيت عباس. وقد تم إجراء التجارب في إفري سمدهن (الكهف البارد).

ويتحدث الكاتب عن عدة عمليات فدائية في كل من إغزار لحانوت (4 يناير 1957)، بالقرب من قرية تيروال، حيث تم خلال هذه المعركة قصف طائرة هليكوبتر مقاتلة من قبل حسين مقران (من قرية زكنون) والتي سقطت على مرتفعات قرية آيت عبد العالي في المكان المسمى امروين. كما تحدث الكاتب عن عملية المنظار في منطقة واصيف وأول اشتباك وقع في 14 جويلية 1959 بين قيادة جيش التحرير الوطني المشكل من 11 مجاهدا بقيادة الماس سليمان الملقب سي سليمان.

كما قدم الكاتب في مؤلفه تكريم خاص للنساء حيال دورهن خلال حرب التحرير الوطني والتي لا ينبغي أن يتم حجبها عن التاريخ. لقد اعتنين بتنظيم شبكات الدعم والمعلومات وجمع الأموال والمواد الغذائية وبناء و تهيئة المخابئ. كما يروي الكاتب كيف تم إحباط كمين للقبض على مجاهد مناصر أرزقي بفضل يقظة النساء، أمثال زوجات العماري قاسي وبن زاهي حجيلة.

وقدم الكاتب بورتري عن واصل يمينة التي قامت بتهيئة ملجأ بالقرب من ثكنة عسكرية فرنسية، وكذا بورتري آخر عن رازي ججيقا التي نظمت رفقة أفراد آخرين من عائلتها وعائلة زوجها بتمغراس شبكة دعم امتدت إلى قريتها أيت بومهدي، حيث قامت بتهيئة مخبأ في منزل آيت أومزيل وآخر في منزل عائلة مزدور، بالإضافة إلى مخبأ بتمغراس في منزلها الخاص. هن نساء كلهن أعدمن على يد الجيش الاستعماري.

ويروي أزواو يخلف حكاية معجزة غابة بركموش التي تعرضت لقصف مكثف من طرف جيش الاستعمار الفرنسي، حيث أصيب المجاهد سي واكلي من تمغراس الذي ترك بعين المكان ظنا بأنه ميت وذلك لمدة يومين وليلتين في مخبأ في هذه الغابة التي تعرضت لقصف مكثف ليتم بعدها اكتشافه حيا في اليوم الثالث من طرف فلاح.

وذكر المؤلف أن قرصا مضغوطا يحتوي على كل الشهادات كان من المفروض أن يتم مرافقته في عمله غير أن الشخص الذي صوره رفض أن يعطيه إياه ـ حسبه ـ كما أعلن أنه يستعد لإنجاز كتاب آخر على الشهيد بلغرين سعيد المعروف باسم السعيد امشطوح، رئيس الجبهة الذي أعدم شنقا.

ودعا مؤلف هذا الكتاب لكتابة تاريخ الحرب الجزائرية، وذلك حسب المناطق لتثبيت الأحداث وأسماء أولئك الذين صنعوها، قائلا إنّ الأمر لا يتعلق بكتابة أملا في الربح ولكن القيام بذلك كواجب للذاكرة.