بن دودة تنتقل إلى المعهد العالي لمهن فنون العرض ببرج الكيفان للاستماع لانشغالاتهم
إضراب الطلبة يثير موجة تضامن واسعة
- 202
دليلة مالك
لا يزال إضراب طلبة المعهد العالي لمهن فنون العرض ببرج الكيفان متواصلاً منذ ليلة الجمعة، احتجاجًا على ما وصفوه بالتدهور الخطير في الأوضاع البيداغوجية والاجتماعية والأمنية داخل المؤسّسة، في خطوة أثارت تفاعلاً واسعًا وردود فعل متضامنة من فنانين ومسرحيين بارزين.
كان الطلبة قد أرفقوا إضرابهم ببيان موجّه إلى وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة، مدعّم بعريضة موقّعة، عبّروا فيها عن قلقهم العميق إزاء وضعية قالوا إنّها تهدّد مسارهم التكويني وكرامتهم الإنسانية والفنية. وطالبوا بتدخّل عاجل من الوصاية لوضع حدّ للاختلالات المسجّلة وضمان الحدّ الأدنى من شروط التكوين الآمن واللائق.
وقد لقيت مطالب الطلبة صدى قويًا في أوساط المسرحيين. إذ اعتبر المخرج المسرحي أحمد رزاق أنّ ما يحدث داخل المعهد "أمر مخجل"، مؤكّدًا أنّ المعهد العالي لمهن فنون العرض هو المؤسّسة الوحيدة في الجزائر المختصة بتكوين الممثلين والمخرجين، وكان من المفترض أن يحظى بعناية خاصة واستثنائية، لا أن يصل طلبته إلى خيار الإضراب للدفاع عن حقوقهم الأساسية".
من جهتها، عبّرت الممثلة المسرحية الواعدة فريال مجاجي عن استيائها العميق من الوضع، من خلال نصّ مؤثّر كتبته من داخل أروقة المعهد، قالت فيه إنّ الفنان بات "يحمل حلمًا أكبر من الجدران، لكن صوته يُطفأ قبل أن يكتمل، وكرامته تُنتهك خلف ستار لا يراه أحد"، معتبرة أنّ الظلم داخل مؤسّسة يفترض أن تحتضن الإبداع هو أقسى أشكال الإقصاء، حين يتحوّل المعهد من فضاء لصقل المواهب إلى مكان تُكمّم فيه الأفواه.
بدوره، أعلن المخرج هشام بوسهلة تضامنه الصريح مع الطلبة، مؤكّدًا أنّ ما ورد في بيانهم لا يتعدى كونه "حقوقًا بديهية لا يفترض أن يطالب بها طالب"، مشدّدًا على أنّ توفير الأمن، والتكوين الجيّد، والظروف اللائقة، هي أساس أيّ مؤسّسة أكاديمية وفنية تحترم رسالتها. للتذكير، جاء هذا الإضراب مرفقًا ببيان رسمي، أرفقه الطلبة بعريضة تحمل توقيعات المحتجين، عبّروا من خلالها عن استيائهم العميق من الوضعية الراهنة التي قالوا إنّها باتت تهدّد مسارهم التكويني وكرامتهم كطلبة.
على الصعيد البيداغوجي، أشار الطلبة إلى وجود نقص حاد في الطاقم البيداغوجي، ما أدى، حسب البيان، إلى اضطراب واضح في سير الدروس وتعطّل العملية التعليمية، إضافة إلى اختلالات في التسيير البيداغوجي، وسلوكات وصفوها بغير التربوية، أثّرت سلبا على جودة التكوين الفني داخل المؤسّسة.
أما على الصعيد الاجتماعي والأمني، فقد ندّد الطلبة بسوء ظروف الإقامة والإطعام وتراجع الخدمات الاجتماعية، مؤكّدين أنّ الأخطر يتمثّل في الانعدام شبه الكلي للأمن داخل الحرم الجامعي. وسجّل البيان وقوع اعتداءات متكرّرة، وسرقات، واعتداءات لفظية وجسدية من طرف أشخاص أجانب عن المعهد، داخل أسواره وخارجها، وصلت، حسب تعبيرهم، إلى حدّ انتهاك حرمة الإقامة الجامعية وتهديد سلامة الطلبة، خاصة الطالبات، ما جعل الفضاء الجامعي "غير آمن".
كما أشار الطلبة إلى ما وصفوه بـ«التضييق الإداري" على بعضهم، وممارسات تنظيمية قالوا إنّها ساهمت في توتير المناخ العام وخلق حالة من الاحتقان المستمر داخل المعهد. وأكّد المحتجّون في بيانهم تمسكّهم بمواصلة الإضراب والاحتجاج بكلّ الطرق السلمية والحضارية التي يكفلها الدستور والقانون الجزائريان، إلى غاية الاستجابة لمطالبهم. وطالبوا بتدخّل عاجل من الوصاية من أجل اتّخاذ إجراءات ملموسة، وإعادة الاستقرار للمعهد، وضمان الأمن، وتحسين الظروف البيداغوجية والاجتماعية، حفاظًا على مكانة المعهد وتاريخه الأكاديمي والفني.
جدير بالذكر أنّ "المساء" اتّصلت، أمس، بمدير المعهد محمد بوكراس للاستفسار عن الواقعة، لكنّه لم يرد، لحدّ كتابة هذه الأسطر، فيما قالت مصادر عليمة أنّ وزيرة الثقافة مليكة بن دودة، تنقلت صبيحة أمس إلى المعهد للاستماع للطلبة المضربين ومحاولة إيجاد حلول تضع حدا لحالة الاحتقان السائدة، في انتظار صدور بيان للوزارة أو الطلبة المضربين يتناول حيثيات اللقاء.