في حفل تاريخي بهيج

إيدير غنى وتحدث لجمهوره وبكى

إيدير غنى وتحدث لجمهوره وبكى
  • 1213

لم يتمالك الفنان العالمي إيدير نفسه، سهرة أول أمس، وبكى متأثرا بلقاء جمهوره أخيرا بعد قرابة الأربعين سنة من الغياب، واختنق صوته من أول أغنية أداها خلال حفل عودته إلى الجزائر، احتضنته القاعة البيضاوية بالمركب الأولمبي محمد بوضياف، وسط تدفق جماهيري كبير. قال إيدير بأن الأحاسيس الجياشة والجاثمة على قلبه لم تتركه يغني كما أراد، معبرا عن اعتزازه بهويته وجزائريته التي لن تتغير أبدا.

بدأ الحفل بمجموعة من أغاني التراث القبائلي، أدتها المجموعة الصوتية لبني يني، تكريما للباحث والأديب الراحل مولود معمري، ثم صعد الفتى حسين حجام لأداء قصيدة ترحيب وشكر للفنان إيدير نظير ما قدمه للأغنية القبائلية، بعدها دخل النجم وقد سبقته ابنته ثانينا للمنصة وحيّا الجمهور الذي بادله التحية بالوقوف والتصفيق، احتراما لهذه القامة الفنية المتفردة. 

استهل إيدير السهرة بأغنية "يلها أورار"، وهي أغنية فرح للقاء أهله وجمهوره بعد عقود، لم يؤدها بشكل جيد بسبب الدموع التي سبقته، وأسر للحاضرين أنه ليس من الأشخاص مرهفي الحس، وأضاف "لا يمكن أن تتصوروا إحساسي وأنا أقف بينكم"، ثم استسلم لبكائه.

تابع إيدير حفله بأداء عدد من الأغاني من رصيده القديم، وأدى "سفرا" و«أغريب" التي تتحدث عن أشخاص تركوا بلدهم ليجربوا حظهم في ضمان معيشة أهلهم، وهاجروا إلى بلد آخر لا يعرفون عاداته وثقافته، وفي كل يوم يمضي يشعرون بالشرخ والبعد عن الوطن وأولادهم الذي يكبرون بعيدا عنهم، وغنى للنساء اللواتي أصبحن يمتهن الانتظار ربما في يوم ما يعود أزواجهن وأبناؤهم المهاجرين، هذه الأغنية التي أراد إيدير أن يتقاسمها مع جمهوره لأنها تحمل موضوعا قال بأنه "جزء من تاريخنا"

ثم غنى "شفيغ" (تذكرت) التي تتطرق لموضوع أطفالنا وكل ما يتعلق بهم، على غرار المستقبل والأمل والنور والتفاهم المشترك، وتقبل الاختلاف على أنواعه، دون إقصاء.

قبل أن يؤدي "أسندو"، تحدث إيدير لجمهوره عن خلفية الأغنية، وقال إنها تتناول موضوع العنف ضد المرأة، في مثال أمه التي كانت تفرغ حزنها من عملية تحويل الحليب إلى زبدة، بسبب وسط يهيمن عليه الألم، هذه القصة حدثت لما كان إيدير صبيا ووالده في السجن، بعد نهاية الثورة التحريرية، وخلال ذلك العمر لم يكن يفهم معنى ذلك، ومع الوقت كبر الصبي وأصبح يفهم أن أمه كانت وحيدة وليس لها أحد تروي له محنتها، ثم استوعب أنه ليس من السهل أن تكون امرأة في أي مجتمع سواء كان عصريا أو لا، ودعا الجمهور إلى التفكير في المرأة.

ثم استرسل في غناء "أماشاهوتس ن تسكورث" (قصة الحجلة)، "أراش ناغ" (أولادنا)، "لفهامة" (الوعي)، "تيزي وزو"، "ثي وي زيوين"، "أفافا ينوفا"، "أواه أواه"، "أزغر يجا لمثل"، "أزويت أرويت"، وغيرها، ثم تخلله أداء ابنة إيدير ثانينا بـ«أشويق" ممتع، ثم ختم إيدير وصلته الفنية بأغنية متفائلة "الخير اينو" (يافرحتي)، بتعاون مع زغاريد الجمهور، شكلت لوحة بديعة استحسنها الجميع. 

توزيع موسيقي جديد

قام مهدي زيوش قائد الفرقة الموسيقية المصاحبة للفنان إيدير بتوزيع موسيقي جديد، ليدعم حضور الفنان على الخشبة، إذ لم يخف تخوفه من تفاعل الجمهور، وقال إيدير بأن مهدي ساعده في إذابة هذا الهاجس.

أدخل مهدي زيوش مجموعة من الآلات الموسيقية وتوضيب موسيقي دقيق، إذ لم يخرج من أصل الألحان، وإنما نمقها ببعض الأنغام.

«ليس هناك جزائر من غير الأمازيغية"

في ختام الحفل، أكد إيدير أنه ليس هناك جزائر من غير الأمازيغية، وأردف يقول لجمهوره "متأكد من أن الأمور ستتغير لأن الثقافة الأمازيغية ثقافة خارقة للعادة"، معبرا أن الهوية الأمازيغية تعكس لا محالة الهوية الجزائرية ككل. وأعرب في كل مرة عن اعتزازه بانتمائه لهذه الهوية والثقافة، رغم امتعاضه من بعض الأشياء التي لم تتحقق بعد، رافعا شعار الأمل في غد أفضل من اليوم بكثير.

أسطوانة ذهبية وبرنوس أبيض

صعد سامي بن الشيخ الحسين، المدير العام للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة المنصة، في نهاية الحفل، لتتويج الفنان إيدير ببرنوس أبيض، والمفاجأة كانت عند منحه أسطوانة ذهبية، ربما تمنح لأول مرة في الجزائر، وقال إيدير أمام هذا الموقف "أنا جد متأثر بهذه الالتفاتة، فأنا غير متعود على الهدايا"

العلامة صفر لتنظيم ويل سوند

لم يفهم الصحفيون الموفدون لتغطية الحدث سبب منحهم منابر بعيدة عن منصة الحفل، إذ لم يشاهدوا الضيوف الفنانين ولا الضيوف الرسمين لجمع مختلف التصريحات المتعلقة بالحفل التاريخي، وحتى لالتقاط بعض الصور.

أعطت شركة "ويل سوند"، منظمة الحفل، تعليمات صارمة هدفها عرقلة مهام الصحفيين وعدم النزول، بل وحتى منعهم من دخول المراحيض القريبة وتوجيههم إلى أخرى بعيدة، وقد نجحوا في تصعيب مهام الأسرة الإعلامية بحرمان السائقين من الدخول وإلزام الصحفيين بالمشي لأكثر من 15 دقيقة للوصول إلى الخارج.

رفضت "ويل سوند" إدخال الجمهور الذي انتظر طويلا من أجل الدخول، فالتذاكر تلزم أصحابها الدخول بداية من الساعة السادسة مساء، لكنهم فتحوا البوابات بعد أكثر من ساعة، وللأسف، من بين هؤلاء الجماهير عائلات ورجال ونساء متقدمون في السن لا يحتملون هذا العناء.

 

دليلة مالك