أشرف عليها الفنّان مودا في عنابة
اختتام ورشة المسرح الارتجالي وسط تفاعل جماهيري كبير

- 197

شهدت دار الثقافة لولاية عنابة، أول أمس، اختتام ورشة المسرح الارتجالي تحت إشراف الفنّان مودا، الذي قاد مجموعة من الشباب والشابات في مغامرة مسرحية استثنائية امتدت على مدى أسابيع من العمل، التدريب والتجريب. وقد حضر هذا العرض جمهور غفير من محبّي المسرح الذين تفاعلوا مع اللحظات الفنّية بعفوية وحماس كبير.
الورشة التي تمثل فضاءً مفتوحًا للتعبير الحر والإبداع التلقائي، هدفت إلى تكوين المشاركين في تقنيات المسرح الارتجالي الذي لا يعتمد على نص جاهز، بل يُبنى مباشرة على خشبة المسرح في تفاعل مباشر مع الجمهور أو عبر تحديات و«مباريات" إبداعية بين الفرق، وقد سمحت هذه الورشة للمشاركين بخوض تجارب عميقة في فن الإلقاء، التحكم في الجسد، إدارة الفضاء المسرحي، والتفاعل السريع مع المستجدات اللحظية.
ما ميّز العرض الختامي هو تنوّع المواضيع والأداء، حيث أظهر المشاركون قدرة لافتة على بناء مشاهد درامية وكوميدية في لحظات قصيرة مستخدمين ذكاءهم الاجتماعي، مخزونهم الثقافي وسرعة البديهة. بعض المشاهد عالجت مواضيع اجتماعية بروح ساخرة، فيما توجهت أخرى إلى النّقد الذاتي أو إلى مواقف عبثية مستلهمة من الحياة اليومية. هذا التنوع أغنى العرض وجعل كل دقيقة فيه مليئة بالمفاجآت والمتعة البصرية والفكرية.
الفنّان مودا، الذي أشرف على الورشة عبّر عن سعادته بنجاح هذا العرض، مؤكّدًا أن الهدف لم يكن فقط تقديم عرض فني، بل زرع بذور حب المسرح في نفوس المشاركين، وتطوير قدراتهم التعبيرية، وتنمية الحس الجماعي وروح التعاون فيما بينهم. كما ثمّن دعم دار الثقافة لهذه المبادرة، التي تؤسس لثقافة مسرحية جديدة تنفتح على أساليب وتقنيات حديثة في التكوين والتعبير.
من جانبهم عبّر عدد من الحاضرين عن إعجابهم بالعرض، مشيدين بالطاقات الشابة التي برزت على الخشبة، وبأهمية مثل هذه المبادرات في تنشيط الحياة الثقافية في المدينة، خاصة في ظل ندرة العروض المسرحية ذات الطابع التفاعلي والمرن.
تجربة ورشة المسرح الارتجالي بعنابة تثبت مرة أخرى أن المسرح لا يحتاج دائمًا إلى إمكانيات مادية ضخمة ليحقق تأثيره، بل يكفي أن يمتلك طاقة صادقة وخيالًا حيًا، وجمهورًا متعطشًا للفن الحقيقي. إنها تجربة يجب أن تتكرر وأن تتحوّل إلى تقليد ثقافي دائم يُساهم في بناء مشهد مسرحي نابض بالحياة ومتجدّد باستمرار.
انطلاق المهرجان الوطني للأغنية الحضرية الـ17
وفاء لروّاد الفن الأصيل في عنابة
احتضنت ولاية عنابة، سهرة أول أمس، بالمسرح الجهوي عز الدين مجوبي، حفل افتتاح المهرجان الوطني للموسيقى والأغنية الحضرية، في دورة تحمل الكثير من الدلالات الفنية والإنسانية، حيث سُمّيت تكريماً للفنان الراحل مصطفى خمار، أحد أبرز لأسماء التي أثرت الساحة الفنية الجزائرية، وقد بلغت دورتها الـ17.
تحت شعار "أنغام حضرية... برؤية رقمية"، انطلقت الدورة السابعة عشر، لتجدد العهد مع الإبداع والتميز، مواكبةً للتحولات التقنية والفنية الحديثة، ساعيةً إلى تحديث الرؤية الجمالية للموسيقى الحضرية ودمج الرقمنة في الإنتاج الموسيقي والتوثيق والترويج الفني.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد والي عنابة عبد القادر جلاوي أن شعار هذه التظاهرة الموسيقية يحمل دلالة عميقة على التوجه الاستراتيجي نحو العصرنة الثقافية، من خلال استغلال الرقمنة كأداة فعالة لحفظ التراث وتمكين الفنانين، وتعزيز الانتشار الإبداعي محليًا ودوليًا. هذا المهرجان الذي يُعد موعدًا سنويًا ينتظره جمهور الفن الحضري بشغف، شكّل فضاءً غنيًا لتكريم الذاكرة الموسيقية العنابية، مدينة لطالما أنجبت كبار الفنانين الذين نقشوا أسماءهم في الوجدان الوطني.
البرنامج الفني للمهرجان كان ثريًا ومتنوعًا، حيث شهد عروضًا حية من التراث المحلي، مثل فرقة البنقة "قدور عزارنية"، و«دخلة عيساوية" لفرقة إشراق بونة، إضافة إلى معارض فنية شملت عرضًا رقميًا لصور فناني المدينة من إعداد الفنان عطا الله نورالدين، ومعرضًا للصور الفوتوغرافية والآلات الموسيقية التقليدية. كما أضاءت الأوركسترا السنفونية من باتنة الأجواء، إلى جانب وصلات غنائية راقية لكل من الفنان مبارك دخلة (مالوف) من عنابة، والفنانة منال غربي (حوزي) من الجزائر العاصمة.