عـن معرضهــا المقـام حاليـا، التشكيلية جهيدة هـوادف لـ"المسـاء":

اخترت إعادة عرض بعض اللوحات والجديدُ حاضر

اخترت إعادة عرض بعض اللوحات والجديدُ حاضر
لفنانة التشكيلية "المخضرمة" جهيدة هوادف
  • القراءات: 358 مرات
لطيفة داريب لطيفة داريب

لأنّها وفية لأعمالها، اختارت الفنانة التشكيلية جهيدة هوادف، عيّنة من كل مجموعة لوحات قدمتها سابقا أمام الجمهور، لكي تسلّط عليها الضوء مجددا، وتعطي لها حياة أخرى ومختلفة. وهكذا تعرض الفنانة حاليا بمؤسسة "عسلة"، مجموعة من اللوحات، من بينها لوحتان جديدتان رسمتهما الفنانة حول موضوع الحرقة، ولوحة ثالثة حول الأمومة.
زوّدت الفنانة التشكيلية "المخضرمة" جهيدة هوادف، "المساء" بمعلومات عن معرضها المقام حاليا بالمؤسسة الثقافية "عسلة أحمد ورابح" تحت عنوان "الصعود إلى السطح رويدا رويدا"، فقالت إنه يضمّ لوحتين من بين خمس لوحات أنجزتها مؤخرا حول موضوع الحرقة، رسمت في كل واحدة شخصيتها المعروفة تمتطي قاربا لوحدها، وتحاول النجاة من هشاشة "الفلوكة" التي كأنها مصنوعة من الكرتون، وكذا من الأمواج الصاخبة في شكل رؤوس قروش شرسة.جهيدة أشارت إلى تأثرها البالغ بموضوع الهجرة غير الشرعية، وكيف أنها لا تفهم انجذاب الشباب إلى موطن آخر يعتقدون أنّه جنة في حين أن العالم بأسره، يمرّ بأزمات، وأن كل إنسان يمكنه أن يؤسس جنته لوحده في أيّ مكان من المعمورة، معتبرة أن هذا الحزن الذي تشعر به كلما سمعت بقصة عن المهاجرين غير الشرعيين، كان عليه أن يخرج في شكل أعمال فنية، وإلا لاستوطن وجدانها، وسبّب لها ألما عظيما.
ودائما مع الجديد، تعرض الفنانة لوحة عن الأمومة، استعملت فيها خصيصا اللونين الأبيض والأسود؛ عكس ما تفعله في اللوحات الأخرى التي تستعمل فيها كمّا هائلا من الألوان.
وتحدّثت هوادف عن الشخصيات التي ترسمها، والتي تُعدّ بصمة فنية لها، فقالت إنها ليست بامرأة ولا رجل، بل إنسان رغم أنها ترسم النسوة في مواضيع تخص الجنس اللطيف.
أما عن عرضها اللوحات فسبق لها أن قابلت الجمهور. وأكدت الفنانة أن المعارض الفنية لا يزورها كل الناس؛ لهذا من الجميل إعطاء فرصة أخرى للجمهور لكي يُمتع نظره باللوحات، التي يمكن أن تموت إذا ظلّت خزينة البيوت، علاوة على أنها غير ثابتة، بل تعطينا أشياء مختلفة كلما تمعّنا فيها وعرضناها أمام الجمهور أكثر من مرة.
مخلّفات كوفيد
وفي هذا، قالت الفنانة إن لوحتيها “سماع” و«نور القلب” رسمتهما عام 2019؛ أي في زمن الكوفيد، الذي دفعها إلى طرح أسئلة وجودية تتعلق بمواصلة الإنسانية في الوجود، أو اندثارها بفعل خطر الكوفيد، وهو ما جعلها ترسم مجموعة "الدراويش الدوارين"؛ بغية الارتقاء إلى الروحانيات.
وفي نفس الفترة، شعرت الفنانة بحاجة إلى ملامسة التراب، فاتّجهت نحو صنع أوان من الخزف، تدخل في نفس سياق مجموعتها من اللوحات؛ أي الروحانيات، علما أنّ جهيدة هوادف خريجة المدرسة الوطنية للفنون الجميلة، تخصّص سيراميك، قبل أن تلتحق بالمدرسة العليا للفنون الجميلة، تخصّص رسم زيتي.
إفريقيا حاضرة
ثلاث لوحات أخرى معروضة في هذه الفعالية، وهي "سفر في قلب الكلمات"، و"في مستوى اتساع المناطق التي مررنا بها"، و"يستحق الرجوع إليه" من المجموعة الفنية "إفريقيا"، رسمتها الفنانة تأثرا بالصحراء التي زارتها ومكثت فيها مدّة من الزمن خلال تنشيطها ورشة الرسم للأطفال بمهرجان الأهقار بتمنراست. وهناك شعرت بالانتماء الإفريقي، فرسمت العديد من اللوحات حول مواضيع فلسفية قريبة من الطبيعة. وشعرت، آنذاك، بالطمأنينة، والراحة النفسية.
كما تحدّثت التشكيلية عن مواصلتها رسم مجموعة فنية إلى أن تشعر بالشبع، فتنتقل إلى موضوع آخر، وهذا لا يعني أن المجموعة الأولى قد انتهت، بل يمكن أن ترسم بعد زمن بعيد، لوحات أخرى قد تكون مختلفة، لكنّها تحمل فكر أو روح هذه المجموعة، وهو ما حدث مع أربع لوحات تعرضها حاليا، وهي "خطوط وميضة"، و"ظرة مبهمة"، و"رحلة مزهرة إلى سماء الصباح الباكر” ، و"اتصال عاطفي" التي تحمل روح مجموعة "القصابجيات".
قصابجيات وقصاصات ونقاوسيات
في هذا قالت جهيدة هوادف: “اشتهرتُ بمجموعة قصابجيات التي أنجزتها في سنوات الثمانينات. وقد ابتكرت هذه الكلمة التي أعني بها القصبة، ومن ثم أصبحت مفهوما استُعمل بعدها أكثر من مرة. نعم أحب أن أرسم تراث بلدي الثري".
ونفس الأمر حدث مع سلسلة “قصاصات” التي نهلت من روحها لوحات أخرى، تعرضها، حاليا، في هذه الفعالية، بينما تقدّم للجمهور لوحتين من مجموعة "نقاوسيات" ، وهما "عيونك عيون البومة تنير النجوم"، و"الصدى حيث تميل الأذن".
"تام تام" وشجرة
بالمقابل، اختارت هوادف لوحة واحدة من مجموعة رسمتها عام 2010 حول الطبيعة الصامتة تحت عنوان “تام تام” .
وعكس ذلك تماما، اختارت عددا معتبرا من لوحات مجموعة "شجرة"؛ لأنّ اللوحات المتبقية من هذه المجموعة لم تُعرض أبدا في أيّ معرض آخر، ولا حتى على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكدت الفنانة أهمية إعطاء نفَس جديد لأعمال قديمة، خاصة أنها تُعدّ برهانا للمسار الفني للفنان، وذاكرة لإبداعه. ونذكر من بين هذه اللوحات "أبدا مرتان من دون ثلاثة"،  و"قمة ملتهبة".
لوحات مستلهَمة من سفريات
تعرض الفنانة، أيضا، لوحتين من مجموعة "قربان في بلد الأرز" ، وهما "قاديشا1" و"قاديشا3"، رسمتهما بعد عودتها من سفرية إلى لبنان؛ حيث اكتشفت فيها ألوان الجزائر، وشعرت بسعادة وهي ترسم جزءا من طفولتها التي تغذّت فيها بالثقافة المشرقية. وعرضت أعمالها هذه بـ«دار عبد اللطيف” ؛ رمزية لاحتضان هذا الفضاء لفنانين محليين ودوليين؛ بحثا عن ضوء الجزائر.  ودائما مع السفرو وهذه المرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع لوحة “ننتظرك منذ” . رسمت فيها جهيدة هوادف هيئات من دون ملامح، تأثرا بما عاشته في هذا البلد حينما زارته مرتين.
مجموعة أخرى بعنوان "حلف مع الأنوار"، اختارت منها ثلاث لوحات، وهي "نحلة بوتينوز"، و"عصافير الجنة” ، و"نفس الراعية"، أبرزت فيها حبّها الكبير للألوان التي تَعدُّها أنوارا تغذي بها أعمالها.
مخرجات أخرى من الفن
تعرض جهيدة هوادف في معرضها هذا، أيضا، تحفا فنية مختلفة تماما عن اللوحات والأواني الخزفية، تحمل بصمتها طبعا، وهي كتاب التلوين، وحقائب وبطاقات معايدة. وقالت في هذا: "لا يمكن الجميعَ شراءُ اللوحات، ولكن يمكنهم اقتناء كتاب تلوين يضمّ رسوماتي، وتلوينها، والتحوّل إلى شريك لي في أعمالي الفنية، والاقتراب أكثر من التقنيات التي أعتمدها في إنجازها. ونفس الأمر بالنسبة لبطاقات المعايدة التي أعددتُها منذ سنوات طويلة، والتي تدخل في تاريخ الفن، وتشكل دعامة للثقافة الجزائرية".