سناء موسى في محاضرة بجامعة قسنطينة:
الأغنية الثائرة في فلسطين.. ذاكرة شعب وروح نضال
- 503
احتضنت كلية الفنون بجامعة قسنطينة 3 ، أوّل أمس، محاضرة قيّمة ضمن البرنامج الثقافي المرافق للدورة الثانية عشرة للمهرجان الدولي للمالوف، قدمتها الفنانة الفلسطينية الدكتورة سناء موسى؛ إذ تناولت موضوع "نشأة الأغنية الثائرة في التراث الفلسطيني". وركّزت المحاضِرة على مختلف المحطات التاريخية التي أثرت في تطور الأغنية الفلسطينية، وربطتها بالأحداث المفصلية التي شهدتها البلاد.
في بداية حديثها توقفت الدكتورة سناء موسى، عند أبرز الأحداث التاريخية التي شكّلت الأغنية الفلسطينية منذ إعلان النفير العام سنة 1914، والتجنيد الإجباري خلال الحرب العالمية الأولى، وصولاً إلى وعد بلفور سنة 1917، والاحتلال البريطاني لفلسطين، ثم النكبة عام 1948، مروراً بثورة البراق، وأحداث "الثلاثاء الحمراء"، التي شهدت إعدام ثلاثة مناضلين فلسطينيين، وهم محمد جمجوم، وفؤاد حجازي، وعطا الزير.
وأشارت المحاضِرة إلى أن ثورة 1936 ضد الاستعمار البريطاني، كان لها دور كبير في تشكيل أغاني خاصة تمجد الشخصيات الثورية، وتوثق النضال الفلسطيني؛ حيث أصبحت الأغاني أداة للتعبير عن الروح الثورية، وإحياء ذكرى الأبطال.
وأكّدت موسى أن النكبة الفلسطينية مثلت منعطفاً حاسما في مسار الأغنية الفلسطينية؛ حيث ظهر نوع جديد من الأغاني يمجّد النضال والعمل الفدائي. هذه الأغاني لم تكن مجرّد كلمات وألحان، بل كانت تعكس وجدان الشعب الفلسطيني، وتطلّعاته نحو التحرّر، واستعادة الأرض. وبرزت خلال هذه الفترة العديد من الأغاني التي تغنت بالثورة والثوّار، واحتفت بالشخصيات الفدائية. كما ظهرت فرق موسيقية ملتزمة؛ مثل "العاشقين"، و"أبو عرب"، التي لعبت دورا كبيرا في نشر هذه الأغاني، وإيصالها إلى أوسع نطاق.
وخصّصت سناء موسى جزءا من محاضرتها للحديث عن دور المرأة الفلسطينية في الأغنية التراثية الثائرة. وأوضحت أن النساء كنّ يلعبن دوراً محورياً في صياغة الأغاني الشعبية التي تحتفي بالشخصيات الثورية، وتمجد مآثر النضال. وظهر هذا النوع من الأغاني بشكل واضح بعد الانتفاضة الأولى؛ حيث كانت النساء يستقبلن الأزواج العائدين من المعارك بأغانٍ خاصة. وفي حال لم يعد الزوج، كانت المرأة تُقبّل بندقيته، وتسلّمها ابنَها، ليواصل مشوار الكفاح.
وأضافت المحاضِرة أن الأغاني النسائية الفلسطينية كانت تحمل معاني عميقة؛ إذ كانت تشجع الأبناء على السير على خطى الآباء؛ ما جعلها جزءاً لا يتجزأ من ثقافة النضال والمقاومة.
وفي سياق آخر، أوضحت سناء موسى أنّ الأغنية الفلسطينية الثورية استفادت كثيرا من دعم شخصيات عربية بارزة، قدّمت أغاني لفلسطين، وأثرت بها على الصعيدين الفني، والوجداني. ومن بين هؤلاء الفنانين ذكرت أم كلثوم التي غنت "فدائي"، ومحمد عبد الوهاب الذي قدّم العديد من الأعمال الداعمة للقضية الفلسطينية، إضافة إلى الفنان مارسيل خليفة، الذي يُعد من أبرز الأسماء التي دعمت الأغنية النضالية في فلسطين من خلال أعماله الموسيقية الملتزمة.
وأنهت سناء موسى محاضرتها بالتأكيد على أنّ الأغنية الثائرة في فلسطين ليست مجرد ألحان وكلمات، بل هي ذاكرة حية، تحمل في طياتها نضال شعب بأكمله. وأضافت أن هذه الأغاني تشكل جسراً يربط الأجيال الفلسطينية بتاريخها، مشددة على ضرورة الحفاظ عليها، وتطويرها؛ باعتبارها جزءاً من الهوية الوطنية الفلسطينية.