الفنان عبد الرحمن عزوقلي بـ"عائشة حداد"
الألوان والمرأة لكسر وحشة الحياة
- 1445
مريم. ن
يشعّ رواق "عائشة حداد" بالألوان الصاخبة التي تشكّل أغلب اللوحات الكبيرة التي يقدّمها الفنان عبد الرحمان عزوقلي، في معرضه المقام إلى غاية السابع فيفري الجاري، والذي يحمل عنوان "وجوه ونظرات من الشرق" تمثّل فيها سحر الأسطورة وعوالم العجائب، وحضور ملفت للتراث الذي جسده الجنس اللطيف.
يحضر في المعرض الأسلوبان التجريدي والانطباعي معا ليمتدا بحرية نحو عوالم واسعة كانت تتطلّب فضاء رحبا تتجلى من خلاله الشخوص والرموز ولغة الألوان في تناغم سحري خلاّب، وكانت سيدة المكان المرأة الجزائرية من خلال كلّ ما تمثّله من جمال وحكمة وأصالة، وتجنّب الفنان إلى حدّ كبير ربط هذا الكائن اللطيف بأية مظاهر بؤس أو تعاسة وهذا ربما لكسر حدّة قسوة الواقع الذي ينال من هذا الجمال وهذا اللطف. لم يكتف الفنان عبد الرحمن، بتصوير حرائر الجزائر بل وظّف أيضا الطبيعة الساحرة لبلادنا باعتبارها بلد الألوان والضوء، وبالتالي فإنّ أغلب اللوحات المعروضة متفجّرة بالألوان والأنوار لدرجة أنّ العتمة والظلام لا يوجد حتى في اللوحات التي بها ليل.
في لوحة "الشاوية" تتجلى المرأة الأوراسية بلباسها التقليدي المتمثّل في الملحفة والتعصيبة، وبخطوط الوشم على وجهها الفتان، مع حرص الفنان على أن يعكس طبيعة المنطقة على قماش الملحفة المزهرّ بكلّ الألوان والزهور الربيعية، وفي "المرأة الصحراوية" يركّز الفنان على العيون السوداء الكبيرة والشعر الأسود الغرابي، وعلى الملحفة الجميلة المرصّعة بالحلي الفضية اللامعة التي توضع في تناسق تام وكلّها تحمل رموزا ثقافية وأشكالا هندسية مختلفة، علما أنّ الأشكال الهندسية المصغّرة منها المثلث الحاد والدائري يتكرّر في أغلب اللوحات سواء على الحلي أو على الأمواج، أو في المباني أو قطع الديكور أو غيرها.
يواصل عبد الرحمن، ترصّده للنظرات المختلفة للمرأة الجزائرية ليصل إلى "شهرزاد" سيدة الحكاية بلا منازع تطلّ بسترة الكاراكو ذي الأزرق الفيروزي المطرّز بالذهب وبمحرمة الفتول، وبكامل حسنها الرباني وشبابها تحمل مروحة من ريش الطاووس وتجلس في كبرياء ومن خلفها قوس من أقواس قصرها به رسوم المنمنمات ذات ألوان صاخبة في الأزرق والأحمر والبرتقالي والبنفسجي وكلّها ألوان من زمن المحروسة القديمة. في اللوحة الموالية تطلّ "شهرزاد" من جديد عابرة "الألف ليلة وليلة" تمتطي سلحفاة كبيرة وهي تلبس القفطان وتدلي بشعرها على الليالي الملاح المتلألئة بالأضواء احتفالا بقدومها، وهي تحمل عجائب زمنها الغابر، وتحضر أيضا "حورية البحر" من أعماق المحيط وتتبعها إلى السطح عوالم مختلفة من النباتات والتضاريس وغيرها، لتكتشف عالم البرية الذي لا يقلّ حسنا عن حسن حورية، وهنا قسّم الفنان تلك العوالم إلى فضاءات ثلاثة منها الأزرق والبنفسجي والأحمر وفي كلّ فضاء عالم خاص من الأشكال والألوان.
لوحة "تنهينان والمفاتيح السبعة" تستعرض نظرة المرأة التارقية الأصيلة ذات العيون المكحلة، واللباس والحلي الأصيلة ذات الأزرق الداكن تجلس على أرضها الفسيحة ووراءها الكثبان الرملية الذهبية المرصّعة بقطع فنية راقية بألوان هادئة تعكس الحكمة، وقدسية التاريخ الضارب في جذور الإنسانية.
ربط الفنان أيضا بين المرأة والطبيعة في لوحة "امرأة من خريف"، وتظهر كسيدة في ربيع العمر يتلاحم شكلها مع مظاهر الطبيعة ليصوّر شعرها المتناثر شدة العواصف الهوجاء، ولم يغب الرجل عن المعرض حيث ظهر في لوحتين إحداهما بعنوان "رجل الأمازون" ويبدو الرجل في شكل بدائي وسط الأدغال، وأبدع الفنان في تصوير تلك الأدغال من خلال توظيف الألوان خاصة الأخضر المرصّع ببعض الأشكال والقطع الملوّنة، وغالبا ما تتشكّل كزخرفة ريش الطاووس، أمّا اللوحة الثانية فيطلّ منها شيخ صالح بلباس تقليدي يحمل الفانوس من فوق جبل لينير منحدرا يتوسّطه جامع بعمران قديم، وكأنّ ذلك صحوة وعودة لمنابع الدين الحنيف الذي تربّت على تعاليمه السمحاء الأجيال المتعاقبة.
في لوحتي "برلمان مجري" و«لمسة هندية" يخرج الفنان عبد الرحمن، عن البيئة الجزائرية، ففي الأولى يرسم مقر البرلمان المجري الذي رآه عندما أقام معرضه في هذا البلد الأوروبي، وفضّل فيها استخدام الأسلوب التجريدي والألوان الفاتحة خاصة الوردي والأصفر الفاقع، ويبدو المقر بشكل مضبّب تتطاير حوله العواصف والرياح كدليل على النقاشات الصاخبة التي تدور فيه وخارجه، أمّا "لمسة هندية" فهي قطعة من الجمال بها سحر وجاذبية لا مثيل لها وكأنّها علاج للروح وسكينة لها، فالألوان بها في تناغم وذات هدوء تتداخل في انتظام وتناغم وكأن بينها سر مكنون، لينتهي الأمر إلى مسحة من تلاقح الألوان التي يسود فيها الوردي الهندي.
هكذا تكتمل وشوشة الألوان والأشكال والأضواء يرصد فيها الفنان الساخن الملتهب والبارد العميق ويصنع من الجمال عنوانا لراهن قاس.
للإشارة، فإنّ عبد الرحمن، فنان عصامي شاب زاول دراسته في تخصّص البيولوجيا ثم في البيئة البحرية، عرض لوحاته في العديد من البلدان منها فرنسا، تونس والمجر وغيرها.
يحضر في المعرض الأسلوبان التجريدي والانطباعي معا ليمتدا بحرية نحو عوالم واسعة كانت تتطلّب فضاء رحبا تتجلى من خلاله الشخوص والرموز ولغة الألوان في تناغم سحري خلاّب، وكانت سيدة المكان المرأة الجزائرية من خلال كلّ ما تمثّله من جمال وحكمة وأصالة، وتجنّب الفنان إلى حدّ كبير ربط هذا الكائن اللطيف بأية مظاهر بؤس أو تعاسة وهذا ربما لكسر حدّة قسوة الواقع الذي ينال من هذا الجمال وهذا اللطف. لم يكتف الفنان عبد الرحمن، بتصوير حرائر الجزائر بل وظّف أيضا الطبيعة الساحرة لبلادنا باعتبارها بلد الألوان والضوء، وبالتالي فإنّ أغلب اللوحات المعروضة متفجّرة بالألوان والأنوار لدرجة أنّ العتمة والظلام لا يوجد حتى في اللوحات التي بها ليل.
في لوحة "الشاوية" تتجلى المرأة الأوراسية بلباسها التقليدي المتمثّل في الملحفة والتعصيبة، وبخطوط الوشم على وجهها الفتان، مع حرص الفنان على أن يعكس طبيعة المنطقة على قماش الملحفة المزهرّ بكلّ الألوان والزهور الربيعية، وفي "المرأة الصحراوية" يركّز الفنان على العيون السوداء الكبيرة والشعر الأسود الغرابي، وعلى الملحفة الجميلة المرصّعة بالحلي الفضية اللامعة التي توضع في تناسق تام وكلّها تحمل رموزا ثقافية وأشكالا هندسية مختلفة، علما أنّ الأشكال الهندسية المصغّرة منها المثلث الحاد والدائري يتكرّر في أغلب اللوحات سواء على الحلي أو على الأمواج، أو في المباني أو قطع الديكور أو غيرها.
يواصل عبد الرحمن، ترصّده للنظرات المختلفة للمرأة الجزائرية ليصل إلى "شهرزاد" سيدة الحكاية بلا منازع تطلّ بسترة الكاراكو ذي الأزرق الفيروزي المطرّز بالذهب وبمحرمة الفتول، وبكامل حسنها الرباني وشبابها تحمل مروحة من ريش الطاووس وتجلس في كبرياء ومن خلفها قوس من أقواس قصرها به رسوم المنمنمات ذات ألوان صاخبة في الأزرق والأحمر والبرتقالي والبنفسجي وكلّها ألوان من زمن المحروسة القديمة. في اللوحة الموالية تطلّ "شهرزاد" من جديد عابرة "الألف ليلة وليلة" تمتطي سلحفاة كبيرة وهي تلبس القفطان وتدلي بشعرها على الليالي الملاح المتلألئة بالأضواء احتفالا بقدومها، وهي تحمل عجائب زمنها الغابر، وتحضر أيضا "حورية البحر" من أعماق المحيط وتتبعها إلى السطح عوالم مختلفة من النباتات والتضاريس وغيرها، لتكتشف عالم البرية الذي لا يقلّ حسنا عن حسن حورية، وهنا قسّم الفنان تلك العوالم إلى فضاءات ثلاثة منها الأزرق والبنفسجي والأحمر وفي كلّ فضاء عالم خاص من الأشكال والألوان.
لوحة "تنهينان والمفاتيح السبعة" تستعرض نظرة المرأة التارقية الأصيلة ذات العيون المكحلة، واللباس والحلي الأصيلة ذات الأزرق الداكن تجلس على أرضها الفسيحة ووراءها الكثبان الرملية الذهبية المرصّعة بقطع فنية راقية بألوان هادئة تعكس الحكمة، وقدسية التاريخ الضارب في جذور الإنسانية.
ربط الفنان أيضا بين المرأة والطبيعة في لوحة "امرأة من خريف"، وتظهر كسيدة في ربيع العمر يتلاحم شكلها مع مظاهر الطبيعة ليصوّر شعرها المتناثر شدة العواصف الهوجاء، ولم يغب الرجل عن المعرض حيث ظهر في لوحتين إحداهما بعنوان "رجل الأمازون" ويبدو الرجل في شكل بدائي وسط الأدغال، وأبدع الفنان في تصوير تلك الأدغال من خلال توظيف الألوان خاصة الأخضر المرصّع ببعض الأشكال والقطع الملوّنة، وغالبا ما تتشكّل كزخرفة ريش الطاووس، أمّا اللوحة الثانية فيطلّ منها شيخ صالح بلباس تقليدي يحمل الفانوس من فوق جبل لينير منحدرا يتوسّطه جامع بعمران قديم، وكأنّ ذلك صحوة وعودة لمنابع الدين الحنيف الذي تربّت على تعاليمه السمحاء الأجيال المتعاقبة.
في لوحتي "برلمان مجري" و«لمسة هندية" يخرج الفنان عبد الرحمن، عن البيئة الجزائرية، ففي الأولى يرسم مقر البرلمان المجري الذي رآه عندما أقام معرضه في هذا البلد الأوروبي، وفضّل فيها استخدام الأسلوب التجريدي والألوان الفاتحة خاصة الوردي والأصفر الفاقع، ويبدو المقر بشكل مضبّب تتطاير حوله العواصف والرياح كدليل على النقاشات الصاخبة التي تدور فيه وخارجه، أمّا "لمسة هندية" فهي قطعة من الجمال بها سحر وجاذبية لا مثيل لها وكأنّها علاج للروح وسكينة لها، فالألوان بها في تناغم وذات هدوء تتداخل في انتظام وتناغم وكأن بينها سر مكنون، لينتهي الأمر إلى مسحة من تلاقح الألوان التي يسود فيها الوردي الهندي.
هكذا تكتمل وشوشة الألوان والأشكال والأضواء يرصد فيها الفنان الساخن الملتهب والبارد العميق ويصنع من الجمال عنوانا لراهن قاس.
للإشارة، فإنّ عبد الرحمن، فنان عصامي شاب زاول دراسته في تخصّص البيولوجيا ثم في البيئة البحرية، عرض لوحاته في العديد من البلدان منها فرنسا، تونس والمجر وغيرها.