بن الشيخ تناقش جدلية العامية والفصحى في المسرح
الأهم هو الوصول إلى عقل وقلب المتفرج
- 589
تطرقت الدكتورة منى بن الشيخ في العدد الجديد من منتدى المسرح الوطني الجزائري، لموضوع "لغة المسرح بين الفصحى والعامية"؛ إذ ترى أن الأهم في هذه الجدلية هو الوصول إلى عقل وقلب المتفرج على اختلاف الدعامة اللغوية التي يستند إليها العرض المسرحي.
تحدّث اللقاء عن مسألة اللغة في المسرح بمستوياتها المختلفة وعن تفنيد إحداهما الأخرى، وحول التفرد الفني لكل عرض؛ اعتبارا من أن لكلٍّ لغته الخاصة من خلال الفكرة والأسلوب الفني والجمالي والاتصالي المعتمد. وتحدّث أيضا عن ذرائعية اللغة في المسرح فصحى كانت إن على مستوى لساني آخر من عامي إلى دارجة.
وترى الدكتورة بن الشيخ أن فن المسرح هو فن أدبي، يعمل بالدرجة الأولى على ترسيخ الأفكار الجميلة والهادفة في أذهان الجماهير؛ فهو وسيلة وأداة للتوعية والتربية والنهوض بالمجتمع على غرار الترفيه عن النفس والمتعة والفرجة. وتابعت تقول: "من أجل أن يقوم المسرح بمهمته في المجتمع عليه أن يحتضن في المسارح وقاعات العرض، جميع شرائح المجتمع؛ حيث يأخذ بعين الاعتبار عنصر المتفرج أو المتلقي. ومن أهم الممرات التي توصلنا إلى المتفرج، اللغة.
وبالرغم من أن المسرح يعتمد على لغة الجسد على حساب الحوار في التعبير، إلا أن اللغة شيء مهم في بناء الأحداث". وقالت إن إشكالية اللغة في تأليف النصوص المسرحية في الجزائر بدأت منذ بداية المسرح، حيث كانت كل المسرحيات باللغة العامية، مثل مسرحية "جحا" في عام 1929م. فمنذ ذلك الحين ظهر صراع بين أنصار اللغة العربية الفصيحة وأنصار اللهجة العامية في تأليف النصوص المسرحية.
وأوضحت الباحثة أن أنصار اللغة العربية الفصيحة يرون أنها مهابة للمسرح، ويمكن بواسطتها التخاطب مع الدول العربية، وأن دخول ألفاظ أجنبية على اللغة الفصحى يشوّه المسرح، ومن شأن اللغة العربية الفصحى تثقيف المتفرج وتحسين مستواه اللغوي. أما أنصار اللغة العامية فيتفقون على أنها قريبة من المجتمع، ويفهمها جميع فئات الناس، كما أن توظيف التراث الشعبي يتطلب لغة شعبية، والتعبير عن الهوية الثقافية للشعب بلغة قريبة منه.
وأكدت منى بن الشيخ أن الصراع بين هاتين الفئتين والجدل بين المؤلفين والنقاد قد يكون مفيدا جدا وإيجابيا للاستمرارية في تطوير المسرح وكثرة الإنتاج، فكل فئة تعمل من أجل إثبات وإنجاح نظرتها، ولكننا بالنظر إلى المنتوج المتنوع حاليا بين اللغتين، يمكننا أن نلمح إلى أن هناك اتفاقا نوعا ما، فالذي يهم هو الموضوع المقدم للمتفرج، أما اللغة فهي وسيلة فقط، ويمكن أن يراعى فيها نوع المسرحية، حيث العمل المسرحي الذي يتحدث عن التراث الشعبي أو مواضيع تتعلق بالمجتمع والحياة اليومية للجزائري، تكون باللغة العامية، أما المسرحية التاريخية أو المقتبسة أو الكلاسيكية فتكون باللغة الفصحى.
والأكاديمية منى بن الشيخ حاصلة على دكتوراه تخصص تحليل الخطاب، وهي حاليا أستاذة محاضرة بقسم الفنون بجامعة الجلفة. لها اهتمامات بحثية حول الخطاب الفيلمي، وعن توظيف الأنساق التراثية في المسرح. كما لها العديد من المشاركات في دوريات ومجلات علمية، وكمحاضرة في مناسبات علمية، ومحكمة في تظاهرات فنية.